الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث لا أن المراد به حصر القائمين فيما ذكر ههنا.
[باب ما جاء في شأن الحشر]
قوله [أبو أحمد الزبيري] كلهم (1) مصغر منسوبًا كان أو غير منسوب إلا ما وقع في حديث العسيلة من عبد الرحمن بن الزبير، قوله [يحشر الناس إلخ] يعني أن (2) التشبيه في الآية ليس إلا في هذه
(1) أي لفظ الزبير أعم من أن يكون في الاسم أو النسبة كلها مصغر لا والد عبد الرحمن المذكور، وبذلك جزم صاحب قرة العين إذ قال: الزبير بضم الزاي، وجزم الياء مصغرًا حيث جاء إلا عبد الرحمن بن الزبير الذي تزوج امرأة رفاعة فالفتح وكسر الموحدة مكبرًا، انتهى. واستثنى بعضهم غيره أيضًا، لكنه ليس من المشاهير.
(2)
وما أفاده الشيخ أولى مما حكاه القاري عن بعض الشراح أن التشبيه في مجرد الحشر، ثم قال القاري: قال العلماء في قوله غرلاً إشارة إلى أن البعث يكون بعد رد تمام الأجزاء، والأعضاء الزائلة في الدنيا إلى البدن، وفيه تأكيد لذلك فإن الفلقة كانت واجبة الإزالة في الدنيا، فغيرها من الأشعار والأظفار والأسنان ونحوها أولى، وذلك لغاية تعلق علم الله تعالى بالكليات والجزئيات ونهاية قدرته. انتهى. ويشكل على الحديث ما رواه أبو داود عن الخدري لما حضره الوفاة دعا بثياب جدد فلبسها، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها، وجمع بينهما بأنهم يبعثون عن القبور في الثياب. ثم تتناثر عنهم فيحشرون عراة، وقيل: حديث أبي سعيد كان في الشهداء فتأوله على العموم، وقيل: المراد بالثياب الأعمال، قال تعالى:{وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} كذا في العيني، قلت: والأخير هو الأوجه.
الصفات المذكورة ههنا. قوله [وأول من يكسى إلخ] ولعله (1) صلى الله عليه وسلم لم يستثن نفسه النفيسة مع أنه أول خلق الله كسوة لأن المتكلم كثيرًا ما لا يعتبر نفسه فيتكلم مرادًا بكلامه (2) غيرة.
قوله [ذات اليمين وذات الشمال] وقعا (3) ظرفين.
(1) هذا أوجه مما قال عامة الشراح أن الفضيلة جزئية ويؤيده ما حكى القاري عن الجامع الصغير برواية الترمذي: أنا أول من تنشق عنه الأرض فأكسى حلة من حلل الجنة، ثم أقوم عن يمين العرش ليس أحد يقوم ذلك المقام غيري، انتهى. لكن يشكل عليه ما حكى العيني من عدة روايات مصرحة بأنه عليه الصلاة والسلام يكسى بحلة بعد إبراهيم عليه السلام، ويمكن الجمع بأنها تكون حلة أخرى فاخرة، ثم اختلف في وجه أولية إبراهيم عليه السلام، قال القاري: قيل لأنه أول من كسا الفقراء. وقيل: لأنه أول من عرى في ذات الله حين ألقى في النار، لا لأنه أفضل من نبينا عليه الصلاة والسلام، أو لكونه أباه فقدمه لعزة الأبوة، انتهى.
(2)
قال العيني: إن قومًا من أهل الأصول ذكروا أن المتكلم لا يدخل تحت عموم خطابه، انتهى.
(3)
والحديث أخرجه البخاري بطرق عديدة وغيره من أكثر المحدثين بطرق كثيرة، وعامة الروايات ليس فيها لفظ اليمين، بل لفظها فيؤخذ بهم ذات الشمال، قال الحافظ: أي إلى جهة النار، ووقع ذلك صريحًا في حديث أبي هريرة في آخر باب صفة النار بلفظ: فإذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم، فقلت: إلى أين؟ قال: إلى النار! إلى آخر ما قاله، قلت: لكن في رواية للبخاري في كتاب الأنبياء مثل سياق المصنف بلفظ: ثم يؤخذ برجال من أصحابي ذات اليمين وذات الشمال، وسكت عنه الحافظان ابن حجر والعيني، وقال صاحب المجمع: يؤخذ ذات الشمال هو بالكسر ضد اليمين، والمراد جهة النار، وروى يؤخذ ذات اليمين وذات الشمال، فيكون أصحابي إشارة إلى من يؤخذ ذات الشمال، أو معناه أنهم يؤخذون من الطرفين، ويشدون من جهة اليمين والشمال بحيث لا يتحرك يمينًا وشمالاً، انتهى. وأجاب عنه في الإرشاد الرضى بأن المؤمنين تكون في الميمنة، والمرتدين في المشئمة، والأصحاب ههنا بالمعنى اللغوي لا الاصطلاحي يعم المؤمنين والمرتدين، وأورد أيضًا على الحديث بأن أعمال الأمة إذا تعرض عليه صلى الله عليه وسلم في القبر فكيف لم يعرف المرتدين؟ ثم أجاب عنه بأنه لا يلزم من عرض الأعمال أن يحفظها النبي صلى الله عليه وسلم في كل وقت لا سيما في وقت أهوال القيامة، وأيضًا يحتمل أن تكون مقولته صلى الله عليه وسلم هذه من كمال رأفته على الأمة، ولذا لم يلتفت إلى أعمالهم، انتهى.
قلت: ويؤيد هذا الجواب ما قال صاحب المجمع في معنى المرتدين: أي متخلفين عن بعض الواجبات لا عن الإسلام، ولذا قيده بأعقابهم لأنه لم يرتد أحد من الصحابة بعده وإنما ارتد قوم من جفاة الأعراب، انهى.
قلت: إطلاق النفي مشكل، نعم يصح هذا باعتبار الأكثر، فلا مانع من أن يكون دعاؤه صلى الله عليه وسلم لهذا النوع من المرتدين.