المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب من أين يخرج الدجال] - الكوكب الدري على جامع الترمذي - جـ ٣

[رشيد الكنكوهي]

فهرس الكتاب

- ‌أبواب الأطعمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب في أكل الأرنب

- ‌[باب في أكل الضب

- ‌[باب في أكل الضبع

- ‌[باب الفارة تموت في السمن]

- ‌[باب ما جاء في لعق الأصابع]

- ‌[باب ما جاء في استحباب التمر]

- ‌[باب الأكل مع المجذوم]

- ‌[باب ما جاء أن المؤمن يأكل في معي واحد

- ‌[باب في طعام الواحد يكفي الاثنين]

- ‌[باب ما جاء في أكل الشواء]

- ‌[باب ما جاء، نعم الادام الخل]

- ‌[باب ما جاء في أكل البطيخ بالرطب]

- ‌كتاب الأشربة

- ‌[باب في شارب الخمر]

- ‌[باب في كراهية الشرب في آنية الذهب والفضة

- ‌[باب في التنفس في الإناء]

- ‌[باب ما جاء في أن ساقي القوم آخرهم شربًا]

- ‌[باب في بر الخالة]

- ‌[باب في قطعية الرحم]

- ‌[باب في حب الولد]

- ‌[باب في رحمة الولد]

- ‌[باب في النفقة على البنات]

- ‌[باب في رحمة الناس]

- ‌[باب الستر على المسلمين]

- ‌[باب في مواساة

- ‌[باب في الغيبة]

- ‌[باب في الحسد]

- ‌[باب في إصلاح ذات البين]

- ‌[باب في حق الجوار]

- ‌[باب النهي عن ضرب الخدام

- ‌[باب في أدب الولد]

- ‌[باب الشكر لمن أحسن إليك]

- ‌[باب المجالس بالأمانة]

- ‌[باب السخاء]

- ‌[باب في البخل]

- ‌[باب النفقة على الأهل]

- ‌[باب في الضيافة]

- ‌[باب الصدق والكذب]

- ‌[باب في الشتم]

- ‌[باب في فضل المملوك الصال

- ‌[باب في سوء الظن]

- ‌[باب في المزاح]

- ‌[باب في المراء]

- ‌[باب في المداراة]

- ‌[باب في الكبر]

- ‌[باب في حسن الخلق]

- ‌[باب في الإحسان والعفو]

- ‌[باب في الحياء]

- ‌[باب التأني والعجلة]

- ‌[باب خلق النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[باب ما جاء في اللعن والطعن]

- ‌[باب ما جاء في كثرة الغضب]

- ‌[باب ما جاء في الصب

- ‌[باب ما جاء في العي]

- ‌[باب ما جاء في التواضع]

- ‌[باب ما جاء في الظلم]

- ‌[باب ما جاء في تعظيم المؤمن]

- ‌[باب ما جاء في التجارب]

- ‌[باب ما جاء في المتشيع بما لم يعطه]

- ‌أبواب الطب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب ما جاء في الحمية

- ‌[باب ما جاء في الدواء والحث]

- ‌[باب ما جاء في الحبة السوداء

- ‌[باب من قتل نفسه بسم أو غيره]

- ‌[باب ما جاء في كراهية التداوي بالمسكر

- ‌[باب ما جاء في السعوط

- ‌[باب ما جاء في كراهية الكي]

- ‌[باب ما جاء في الرخصة في ذلك]

- ‌[باب ما جاء في الحجامة]

- ‌[باب ما جاء في كراهية الرقية]

- ‌[باب ما جاء في الرخصة في ذلك]

- ‌[باب ما جاء في الرقية بالمعوذتين]

- ‌[باب ما جاء في الرقية من العين]

- ‌[باب ما جاء في أخذ الأجر على التعويذ]

- ‌[باب ما جاء في الكمأة والعجوة]

- ‌[باب في كراهة التعليق]

- ‌[باب ما جاء في تبريد الحي بالماء]

- ‌[باب ما جاء في الغيلة]

- ‌[باب في دواء ذات الجنب]

- ‌[باب في العسل]

- ‌أبواب الفرائض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب ما جاء في ميراث بنت الابن مع بنت الصلب]

- ‌[باب في ميراث الإخوة من الأب والأم]

- ‌[باب في ميراث العصبة]

- ‌[باب في ميراث الجد]

- ‌[باب ميراث الجدة]

- ‌[باب في ميراث الخال]

- ‌[باب في الذي يموت وليس له وارث]

- ‌[باب في إبطال الميراث بين المسلم والكافر]

- ‌[باب الميراث للورثة والعقل على العصبة]

- ‌[باب في الرجل يسلم على يدي الرجل]

- ‌[باب من يرث الولاء]

- ‌أبواب الوصايا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب في الحث على الوصية]

- ‌[باب أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوص]

- ‌[باب في الرجل يتصدق أو يعتق عند الموت]

- ‌[باب الولاء لمن اعتق]

- ‌[باب في حث النبي صلى الله عليه وسلم على الهدية]

- ‌[باب ما جاء في التشديد

- ‌[باب في الشقاء والسعادة]

- ‌[باب أن الأعمال بالخواتيم]

- ‌[باب ما جاء كل مولود يولد على الفطرة]

- ‌أبواب الفتن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب لا يحل دم امرئ مسلم]

- ‌[باب لا يحل لمسلم أن يروع مسلمًا]

- ‌[باب من صلى الصبح فهو في ذمة الله]

- ‌[باب في نزول العذاب إذا لم يغير المنكر]

- ‌[باب في تغيير المنكر باليد

- ‌[باب أفضل الجهاد

- ‌[باب سؤال النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثًا في أمته]

- ‌[باب الرجل يكون في الفتنة]

- ‌[باب لتركبن سنن من كان قبلكم]

- ‌[باب في انشقاق القمر]

- ‌[باب في الخسف]

- ‌[باب في خروج يأجوج ومأجوج]

- ‌[باب في صفة المارقة]

- ‌[باب فتنة القاعد فيها خير من القائم]

- ‌[باب في الهرج

- ‌[باب في أشراط الساعة]

- ‌[باب في قتال الترك]

- ‌[باب في الخلفاء]

- ‌[باب ما جاء أن الخلفاء من قريش

- ‌[باب في المهدي]

- ‌[باب في نزول عيسى]

- ‌[باب ما جاء في الدجال

- ‌[باب من أين يخرج الدجال]

- ‌[باب في ذكر ابن صياد

- ‌[باب ذهبت النبوة وبقيت المبشرات]

- ‌[باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من رآني في المنام

- ‌[باب إذا رأى في المنام ما يكره ما يصنع]

- ‌[باب الذي في يكذب في حلمه

- ‌[باب ما جاء في رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في الميزان والدلو]

- ‌أبواب الزهد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب في ذكر الموت]

- ‌[باب ما جاء في إنذار النبي صلى الله عليه وسلم قومه]

- ‌[باب في قلة الكلام]

- ‌[باب ما جاء في هوان الدنيا]

- ‌[باب ما جاء مثل الدنيا مثل أربعة نفر]

- ‌[باب فقر]

- ‌[باب في أعمال هذه الأمة]

- ‌[باب في تقارب الزمن]

- ‌[باب في قصر الأمل]

- ‌[باب ما جاء لو كان لابن آدم واديان

- ‌[باب في الزهادة في الدنيا]

- ‌[باب في فضل الفقر

- ‌[باب ما جاء في معيشة النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[باب في الرياء والسمعة]

- ‌[باب المرأ مع من أحب

- ‌[باب في البر والإثم]

- ‌[باب الحب في الله]

- ‌[باب في إعلام الحب]

- ‌[باب في كراهية المدحة والمداحين]

- ‌[باب في الصبر على البلاء]

- ‌[باب في ذهاب البصر]

- ‌[باب في حفظ اللسان]

- ‌[باب ما جاء في شأن الحشر]

- ‌[باب ما جاء في شأن الصراط]

- ‌[باب ما جاء في الشفاعة]

- ‌[باب ما جاء في صفة أواني الحوض

- ‌[باب في صفة غرف الجنة]

- ‌[باب في صفة نساء أهل الجنة]

- ‌[باب في صفة ثياب أهل الجنة]

- ‌[باب صفة طير الجنة]

- ‌[باب في صفة خيل الجنة]

- ‌[باب في كم صف أهل الجنة]

- ‌[باب في سوق الجنة]

- ‌[باب في احتجاج الجنة والنار]

- ‌أبواب صفة جهنم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب ما جاء أن للنار نفسين

- ‌[باب الحياء من الإيمان]

- ‌[باب في حرمة الصلاة]

- ‌[باب في ترك الصلاة]

- ‌[باب في علامة المنافق]

- ‌[باب سباب المسلم فسوق]

- ‌[باب في من يموت وهو يشهد أن لا إله إلا الله]

- ‌[باب افتراق هذه الأمة]

- ‌أبواب العلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب في ذهاب العلم]

- ‌[باب في الحث على تبليغ السماع]

- ‌[باب فيمن روى حديثًا وهو يرى أنه كذب]

- ‌[باب الرخصة في ذلك]

- ‌[باب ما جاء الدال على الخير كفاعله]

- ‌[باب الأخذ بالسنة واجتناب البدعة]

- ‌[باب في فضل الفقه على العبادة]

- ‌[باب في إفشاء السلام]

- ‌[باب في أن الاستيذان ثلاث]

- ‌[باب في كراهية إشارة اليد في السلام]

- ‌[باب ما جاء في التسليم على النساء]

- ‌[باب في كراهية التسليم على الذي]

- ‌[باب السلام على مجلس فيه مسلمون وغيرهم]

- ‌[باب التسليم عند القيام والقعودي

- ‌[باب الاستيذان قبالة البيت]

- ‌[باب في كراهية التسليم على من يبول]

- ‌[باب في كراهية أن يقول: عليك السلام]

- ‌[باب في المصافحة]

- ‌[باب في تشميت العاطس]

- ‌[باب ما جاءكم يشمت العاطس]

- ‌[باب في إعفاء اللحية]

- ‌[باب ما جاء في حفظ العورة]

- ‌[باب الرجل أحق بصدر دابته]

- ‌[باب الرخصة في اتخاذ الأنماط]

- ‌[باب في ركوب ثلاثة على دابة]

- ‌[باب في نظرة الفجاءة]

- ‌[باب في كراهية اتخاذ القصة]

- ‌[باب في كراهية خروج المرأة متعطرة]

- ‌[باب ما جاء في حفظ العورة]

- ‌[باب في النظافة]

- ‌[باب مام جاء في الاستتار عند الجماع]

- ‌[باب في دخول الحمام]

- ‌[باب ما جاء في كراهية لبس المعصفر الرجال]

- ‌[باب في العدة]

- ‌[باب في فداك أبي وأمي]

- ‌[باب ما جاء في يا بني]

- ‌[باب ما يكره من الأسماء]

- ‌[باب ما جاء في كراهية الجمع بين اسم النبي صلى الله عليه وسلم وكنيته]

- ‌[باب ما جاء في إنشاد الشعر]

- ‌[باب ما جاء في الفصاحة والبيان]

- ‌أبواب الأمثال عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب مثل النبي والأنبياء صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين]

- ‌[باب ما جاء مثل الصلوات الخمس

الفصل: ‌[باب من أين يخرج الدجال]

[باب من أين يخرج الدجال]

قد وردت هذه الكلمة في معنيين، خروجه علينا وخروجه مطلقًا، فالأول حيث ورد أنه يخرج من أرض بالمشرق يقال لها خراسان كما وقع ههنا، والثاني يراد حيث قيل إنه يخرج من بين الشام والعراق، أو وقع أنه يخرج من جزيرة تسمى (1)، كما سيأتي في الأحاديث الآتية بعد ذلك. قوله [في سبعة أشهر] وقد ورد في بعض الروايات سبعة سنين، ولذلك (2)

(1) هكذا في المنقول عنه، فإن لم يكن هناك بعد قوله تسمى بياض في الأصل فالمعنى جزيرة مسماة ومعينة، وقد وقع أنه يخرج من خلة بين الشام والعراق، واختلفوا في ضبط خلة ومعناه. ووقع في خبر الجسامة عند أبي داؤد وغيره في جزيرة عند المغرب، وفيه أيضًا أنه في بحر الشام أو بحر اليمن، لا بل من قبل المشرق، انتهى.

(2)

أي ولأجل اختلاف الروايات في ذلك والتعارض فيها حاول جماعة إلى ترجيح رواية السنين، فقد أخرج أبو داؤد حديث الأشهر من رواية عيسى بن يونس، ثم أخرج حديث عبد الله بن بسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بين الملحمة وفتح المدينة ست سنين، ويخرج الدجال في السابعة، قال أبو داؤد: هذا أصح من حديث عيسى، قال في فتح الودود: قوله هذا أصح إشارة إلى جواب ما يقال بين الحديثين تناف فأشار إلى أن الثاني أرجح إسنادًا فلا يعارضه الأول. انتهى ما في البذل. والمشهور في الجمع بينهما هو ما أفاده الشيخ، وجمع بينهما القارئ بوجه آخر وهو أن تغاير بين الملحمتين، فقال في حديث السنين: اللام في الملحمة غير القسطنطينية من سائر الملاحم فاللام للعهد بالنظر إلى ملحمة سابقة، ويدل عليه أنها ما وصفت بالعظمى، انتهى.

ص: 157

نسب بعضهم رواية الأشهر إلى الغلط من قائله، والصحيح أن تأويل الشهور أيضًا ممكن فلا ضرورة إلى أن يصار إلى التغليظ، وهو أن يقال: مدة القتال وهو الفتح غير داخلة في ذلك فكأنه قال ما بين الملحمة العظمى وخروج الدجال سبعة أشهر، لأنه لما لم يجمع مدة القتال فيه بل أخذ آخره تبقى سبعة أشهر.

قوله [والقسطنطينية] والقسطنطينية واحد وغرضه أنها فتحت مرة (1) وستفتح أخرى لغلبة النصارى ثمة. قوله [فخفض فيه إلخ] بينه في الحاشية (2)

(1) هذا هو المشهور في معنى الحديث وتوجيهه، وظاهر سياق كلام المصنف يدل على أنهما مدينتان فتحت إحداهما في زمن بعض الصحابة، وتفتح الأخرى عند خروج الدجال، وليس كذلك، بل القسطنطينة والقسطنطينية واحدة صرح بها غير واحد من أهل اللغة كالقاموس وغيره، وما في النسخ الهندية من تغير اللفظين لعله من النساخ، فإن في النسخ المصرية كلا اللفظين بسياق واحد، غاية ما فيه وضع المظهر موضع المضمر، وفي المجمع: هي مدينة مشهورة من أعظم مدائن الروم فتحت زمن الصحابة وتفتح عند خروج الدجال قاله الترمذي، انتهى. فهذا كالصريح بأن مراد الترمذي تكرار الفتح، والمراد بزمن بعض الصحابة زمان خلافة الأمير معاوية فإنها فتحت أولاً سنة خمسين أو بعيدها على اختلاف الأقوال، وتوفى في هذه الغزوة أبو أيوب الأنصاري، قال الحافظ في الإصابة: سنة اثنتين وخمسين هو الأكثر، انتهى. قلت: ثم استرجعها الروم ففتحت ثانيًا نهار الأربعاء لعشرين من جمادى الآخرة سنة سبع وخمسين وثمان مائته، وكانت أيام محاصرتها إحدى وخمسين يومًا، فغنم المسلمون من الأموال والدواب ما لم يسمع بمثله، هكذا في الفتوحات الإسلامية للسيد أحمد بن السيد زيني دخلان مفتي الشافعية بمكة المكرمة.

(2)

ولفظها: هما بتشديد فاء أي حقر أمره بأنه أعور وأهون على الله وأنه يضمحل أمره، وعظم أمره بجعل الخوارق بيده انتهى، وهكذا في المجمع، وزاد: أي عظم فتنته ورفع قدره، ثم وهن أمره وقدره وهونه، وقيل: أي رفع صوته وخفضه في اقتصاص أمره، أو خفض صوته بعد تعبه لكثرة التكلم فيه، ثم رفعه بعد الاستراحة ليبلغ كاملاً، انتهى. قال النووي: في معناه قولان، أحدهما أنه حقره وعظمه فمن تحقيره وهوانه على الله عوره، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: هو أهون على الله من ذلك وأنه لا يقدر على قتل أحد إلا ذلك الرجل، ثم يعجز عنه وأنه يضمحل أمره وأنه يقتل بعد ذلك هو وأتباعه، ومن تفخيمه وتعظيم فتنته والمحنة به هذه الأمور الخارقة للعادة، وأنه ما من نبي إلا وقد أنذر قومه. والوجه الثاني أنه خفض من صوته في حال كثرة ما تكلم فيه فخفض بعد طول الكلام والتعب ليستريح، ثم رفع ليبلغ صوته كل أحد بلاغًا كاملاً، انتهى.

ص: 158

ويمكن أن يكون معناه بين كل حاله كما يقال في لساننا: أونج نيج سب سمجهادي. قوله [حتى ظنناه في طائفة (1) النخل] ليس المراد قربه في ظنهم بل ذلك كناية عن كثرة هولهم وشدة خوفهم، كما يخاف عن الشيء القريب غاية القرب إذا كان هائلاً ففي العادة أن المرأ لا يخاف عن الهائل أيًا ما كان إذا أبعد عنه. قوله [قائمة] يعني أن يبصر منها لا أنها قائمة على حالها ولا عيب (2) فيها.

قوله [قلنا: يا رسول الله وما لبثه في الأرض؟ (3)] سألوا شوقًا إلى التخلص

(1) قال في المجمع: أي في ناحيته وجانبه.

(2)

فسيأتي قريبًا أن كلتا عينيه معيبتان وسيأتي البسط فيها.

(3)

ذكر هذا الحديث مدة لبثه أربعون يومًا، وهكذا هو في رواية مسلم وغيره، وفي المشكاة عن شرح السنة برواية أسماء مرفوعًا: يمكث الدجال في الأرض أربعين سنة السنة كالشهر والشهر كالجمعة الحديث، قال القارئ: لا يصلح أن يكون معارضًا لرواية مسلم، وعلى تقدير صحته لعل المراد بأحد المكثين مكث خاص على وصف معين مبين، ويمكن اختلافه باختلاف الأحوال والرجال، قلت: وههنا حديث ثالث أخرجه ابن ماجة وغيره من رواية أبي أمامة مرفوعًا بلفظ: إن أيامه أربعون سنة السنة كنصف السنة والسنة كالشهر والشهر كالجمعة، وآخر أيامه كالشررة، قيل: يا رسول الله كيف نصلي في هذه الأيام القصار؟ قال: تقدرون فيها الصلاة كما تقدرونها في هذه الأيام الطوال الحديث، قال الشيخ في الانجاح: إن صح هذه الرواية فالمراد منه أنه باعتبار هذا الزمان بالسرعة أيامًا وباعتبار غروب الشمس وطلوعها ولو في زمن قليل سماه سنين، ولذا لم يعتبر في أداء الصلاة قصر الوقت وطوله انتهى، قلت: وبسط في الجمع بينها صاحب الإشاعة أيضًا فأرجع إليه لو شئت، وذكر أيضًا في فتنته أنه يقول: أنا رب العالمين، وهذه الشمس تجري بأذني، أفتريدون أن أحبسها؟ فيقولون نعم فيحبس الشمس حتى يجعل اليوم كالشهر والجمعة كالسنة، ويقول: أتريدون أن أسيرها؟ فيقولون نعم، فيجعل اليوم كالساعة، رواه نعيم بن حماد والحاكم عن ابن مسعود انتهى، فهذا الحديث يجمع بين الروايات المتقدمة بأحسن جمع ويزيل أكثر الإشكالات.

ص: 159

منه ورجاء للنجاة إن كانت مدة لبثه قليلة. قوله [ولكن اقدروا له] وذلك لأنه من قبيل السحر، فطول اليوم (1) الأول وكذا الأخيرين فيما يبدو لنا، وإلا فالشمس تخرج وتغرب على عادتها المعروفة في الطلوع والغروب، ولكن لا يظهر لنا لإقامته شمسًا بأعيننا لا تغرب، وبذلك ظهر أنه لا خدشة في إضافة وجوب الصلوات إلى أوقاتها بذلك الحديث (2).

(1) ومقتضى طول هذه الأيام الثلاثة أن يكون لبثه أربعة عشر شهرًا وأربعة عشر يومًا كما لا يخفى.

(2)

لأن طول ذلك اليوم يكون لشعبدة من الدجال لا حقيقة فحينئذ وجوب الصلوات بأوقاتها الواقعية لا غبار فيه، وعلى هذا فلا يصح الاستدلال بذلك الحديث على إيجاب العشاء على أهل بلغار الذين لا يجدون وقت العشاء فإن فيها يطلع الفجر قبل غروب الشفق في أربعينية الشتاء، والمسألة خلافية شهيرة بسطها ابن عابدين، وحكى تصحيح كلا القولين الإيجاب وعدمه عن جمع من الفقهاء.

ص: 160

قوله [ثم يدعو رجلاً شابًا ممتلئًا (1) شبابًا إلخ] فيه اختصار (2) يعني أنه يذهب إلى المدينة فيخرج منها رجل على هذه الصفة، فيقول: أنت كذاب دجال لست باله ولا بنبي، وإنك مضل للناس فحسب. قوله [فيضربه الدجال بالسيف فيقطعه جزلتين (3)] وفي بعض الروايات (4) أنه ينصفه بالمنشار، ثم يحييه

(1) قال القارئ: أي تامًا كاملاً قويًا، وشبابًا تمييز عن النسبة، وقال الطبي: الممتلي شبابًا هو الذي يكون في غاية الشباب، انتهى.

(2)

كما يدل عليه رواية البخاري عن أبي سعيد قال: حدثنا النبي صلى الله عليه وسلم يومًا حديثًا طويلاً عن الدجال فكان فيما يحدثنا به إنه قال يأتي الدجال وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة فينزل بعض السباخ التي تلي المدينة فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس أو من خيار الناس فيقول: أشهد أنك الدجال، الحديث يأتي بقيته.

(3)

قال القارئ: بفتح الجيم وتكسر أي قطعتين تتباعدان ويضربه غضبًا عليه لآبائه قبول دعوته الألوهية أو إظهارًا للقدرة وتوطئة لخرق العادة، انتهى.

(4)

ذكر الحافظ اختلاف الروايات في ذلك، ثم قال قال ابن العربي: هذا اختلاف عظيم يعني في قتله بالسيف وبالمنشار، قال: فيجمع بأنهما رجلان يقتل كل منهما قتلة غير قتلة الأخر كذا قال، والأصل عدم التعدد، ورواية المنشار تفسر رواية الضرب بالسيف فلعل السيف كان فيه فلول فصار كالمنشار، أو أراد المبالغة في تعذيبه بالقتلة المذكورة، ويكون قوله فضربه بالسيف مفسرًا لقوله إنه نشره، وقوله فيقطعه جزلتين إشارة إلى آخر أمره لما ينتهي نشره، انتهى.

ص: 161

بعد ذلك، فيأخذ الرجل (1) فيما كان يقوله من سب الدجال، فيريد الدجال أن يذبحه فلا يقدر (2) لانتهاء خوارقه إذ ذاك، فإن الشيء ينتهي بتمامه وتمام الخوارق بإحياء الموتى، ثم لا شيء بعد ذلك فيرجع الدجال من المدينة خائبًا وخاسرًا، وذلك الرجل (3) خضر عليه السلام.

(1) كما في حديث أبي سعيد عند البخاري، وفيه فيخرج إليه رجل هو خير الناس أو من خيار الناس فيقول: أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه فيقول الدجال: أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته هل تشكون في الأمر؟ فيقولون: لا، فيقتله، ثم يحييه فيقول: والله ما كنت فيك أشد بصيرة مني اليوم، فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه، قال الحافظ: وفي رواية ما ازددت فيك إلا بصيرة، ثم يقول: يا أيها الناس إنه لا يفعل بعدي بأحد من الناس، وفي رواية فيقول الدجال: أما تؤمن بي؟ فيقول: أنا الآن أشد بصيرة فيك مني، ثم نادى في الناس يا أيها الناس هذا المسيح الكذاب، من أطاعه فهو في النار ومن عصاه فهو في الجنة، انتهى.

(2)

فقد تقدم في رواية أبي سعيد عند البخاري فلا يسلط عليه، قال الحافظ: وفي رواية فيأخذ الدجال ليذبحه فيجعل ما بين رقبته إلى ترقوته نحاس فلا يستطيع إليه سبيلاً، وفي أخرى فقال له الدجال: لتطيعني أو لأذبحنك فقال: والله لا أطيعك أبدًا، فأمر به فأضجع فلا يقدر عليه ولا يتسلط عليه مرة واحدة، ووقع عند أبي يعلى وعبد بن حميد من رواية حجاج بن أرطاة عن عطية أنه يذبحه ثلاث مرات، ثم يعود ليذبحه الرابعة فيضرب الله على حلقه بصفيحة نحاس فلا يستطيع ذبحه، والأول هو الصواب، ووقع في حديث عبد الله بن عمرو رفعه في ذكر الدجال يدعو برجل لا يسلطه الله إلا عليه، انتهى.

(3)

قال الحافظ: وقع في صحيح مسلم عقب رواية عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال أبو إسحاق يقال: إن هذا الرجل هو الخضر، وأبو إسحاق ليس بسبيعي كما ظنه القرطبي بل هو إبراهيم بن محمد بن سفيان راوي صحيح مسلم عنه كما جزم به عياض والنووي وغيرهما، ولعل مستنده في ذلك ما قاله معمر في جامعه بعد ذكر الحديث قال معمر: بلغني أن الذي يقتل الدجال الخضر، وكذا أخرجه ابن حبان من طريق عبد الرازق عن معمر قال: كانوا يرون أنه الخضر، وقال ابن العربي: سمعت من يقول إن الذي يقتله الدجال هو الخضر، وهذا دعوى لا برهان لها، قال الحافظ: وتمسك من قاله بما أخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي عبيدة بن الجراح رفعه في ذكر الدجال لعله أن يدركه بعض من راني أو سمع كلامي الحديث، ويعكر عليه ما تقدم من لفظ شاب ممتلئ شبابًا، ويمكن أن يجاب بأن من جملة خصائص الخضر أن لا يزال شابًا ويحتاج إلى دليل، انتهى. وقال صاحب الإشاعة: هذا الرجل المؤمن هو الخضر عليه السلام على الأصح كما صرح به في الأحاديث الصحيحة، ودل عليه الكشف الصحيح، ثم ذكر الروايات المؤيدة لذلك، قال: روى الدارقطني في الأفراد عن ابن عباس قال: نسئ للخضر في أجله حتى يكذب الدجال، ثم قال: وقيل: هو أحد أصحاب الكهف، وهو ضعيف، انتهى.

ص: 162

قوله [بشرقي دمشق] الظاهر (1) أن نزوله يكون بدمشق ولذلك استشكل

(1) يعني أن الظاهر من حديث الباب أن نزول عيسى عليه السلام يكون في شرقي دمشق، وهو مشكل بما ورد من رواية النزول ببيت المقدس واختلفوا في الجمع بينهما، ومختار الشيخ ترجيح رواية بيت المقدس وإليه مال السيوطي، كما حكاه عنه القارئ إذ قال: ذكر السيوطي في تعليقه على ابن ماجة أنه قال الحافظ ابن كثير في رواية أن عيسى عليه السلام ينزل ببيت المقدس، وفي رواية بالأردن، وفي رواية بمعسكر المسلمين، قلت: حديث نزوله ببيت المقدس في ابن ماجة هو عندي أرجح، ولا ينافي سائر الروايات لأن بيت المقدس شرقي دمشق وهو معسكر المسلمين إذ ذاك، والأردن اسم الكورة كما في الصحاح، وبيت المقدس داخل فيه وإن لم يكن في بيت المقدس الآن منارة فلا بد أن تحدث قبل نزوله انتهى، ومال الأكثرون إلى ترجيح رواية شرقي دمشق وبها منارة بيضاء موجودة الآن، وإليه مال صاحب الإشاعة والدمنتي في نور مصباح الزجاجة، وحكى عن ابن كثير أنه الأشهر.

ص: 163

بعضهم هذه الروايات مع ملاحظة ما ورد أن نزوله يكون في بيت المقدس، والإشكال ممكن رفعه بأن يقال: المراد في هذا الحديث أن نزوله في بيت المقدس إنما يكون في الجانب الشرقي، ولما كان هذا يحتمل مواضع كثيرة لما في الجانب الشرقي من الاتساع عين أحد المحتملات بإبدال (1) دمشق من الشرقي أو ببيانه عنه، فكان المعنى أن نزوله يكون في الجانب الشرقي من بيت المقدس (2).

(1) حاصله أن شرقي بيت المقدس لما كان صادقًا على جهة وسيعة عينه بقوله دمشق، أي الجانب الشرقي الذي بجانب دمشق، وتأويل الشيخ يشير إلى أن دمشق في جانب الشرق من بيت المقدس، وهذا ينافي ما تقدم من كلام القارئ عن السيوطي من أن البيت بشرقي دمشق، ولعل الحق مع الشيخ فإن دمشق في زاوية بين الشرق والشمال من بيت المقدس، وهكذا صورتها.

غرب

شمال دمشق- الدرعا- بيت المقدس- معان- تبوك جنوب

شرق

(2)

بياض في المنقول عنه بعد ذلك ولعله رحمه الله ذكر شيئًا ترك في النقل أو لم يتفق له ذكر ما أراد إيراده وزاد في الإرشاد الرضى بعد ذلك أن نزوله عليه السلام يكون عند صلاة العصر بعد ما أقيمت ويتقدمهم أمامهم المهدي، فيقال لعيسى عليه السلام تقدم، فيقول لا، ويكون مجتهدًا. فما قيل أنه يتبع الإمام أبا حنيفة غلط، نعم لا يبعد أن يكون اجتهاده موافقًا لاجتهاده، فإن قيل: لم يحتج عليه السلام في نزوله من السماء إلى شيء حتى وصل إلى المنارة فاستدعى المرقاة، يقال: سبب ذلك أن الدنيا دار الأسباب فناسب أن يراعى في ذلك الأحكام الدنيوية، انتهى.

ص: 164

قوله [قطر] وفيما بعد [تحدر] الفرق بينهما أن التقطر بالانفصال من الجسم، والتحدر هو السيلان (1) على الجسم نفسه إلى السفل. قوله [فيقتله] هذا القتل لتحصيل (2) اليقين للمؤمنين أن لا يوهم لهم بقاؤه وإلا فإن موته يحصل

(1) قال المجد: الحدر الحط من علو إلى سفل كالحدور وسيلان العين بالدمع، وتحدر تنزل، انتهى.

(2)

احتاج الشيخ إلى هذا التوجيه لما أن هذه الجملة من الحديث بظاهرها تخالف الجملة الأولى، وهي قوله لا يجد ريح نفسه أحد إلا مات، وقد ورد في الجمع بينهما أقوال آخر، قال القارئ: قوله لا يحل لكافر يجد من ريح نفسه إلا مات، يجوز كون الدجال مستثنى من هذا الحكم لحكمة إراءة دمه في الحربة ليزداد كونه ساحرًا في قلوب المؤمنين، ويجوز كون هذه الكرامة لعيسى أولاً حين نزوله، ثم تكون زائلة حين يرى الدجال إذ دوام الكرامة ليس بلازم، وقيل: النفس الذي يموت الكافر هو النفس المقصود به إهلاك كافر لا النفس المعتاد فعدم موت الدجال لعدم النفس المراد، وقيل: المفهوم منه أن من وجد من نفس عيسى من الكفار يموت، ولا يفهم منه أن يكون ذلك أول وصول نفسه فيجوز أن يحصل ذلك بهم بعد أن يريهم عيسى عليه السلام دم الدجال في حربته للحكمة المذكورة، ثم من الغريب أن نفس عيسى تعلق به الإحياء لبعض والإماتة لبعض، انتهى.

ص: 165

بخروج نفس عيسى عليه السلام ووصوله إليه، وكذلك ما ورد في الحديث الآتي بعد ذلك أنه يطعنه فإنه مجرد استيقان لموته ودفع لما عيسى أن يتوهم أنه حي بعد. قوله [ويمر أولهم] أي أول (1) صفوفهم. قوله [لقد كان بهذه مرة ماء] بيان لاستشفافهم الماء في الشرب حتى لم يبق منه إلا مجرد أثر.

قوله [ويحاصر عيسى بن مريم إلخ] أي يبقون في الحصن والحصار الذي على الطور، لا أن (2) يأجوج ومأجوج يحاصرونهم فإن الله يغطي (3) أعينهم عنهم، فلا يفوزون ولا يصلون إلى حيث مستقرهم حتى يعلموا بحالهم. قوله [حتى يكون رأس (4) الثور إلخ] خصه بالذكر لما فيه من العظام الكثيرة، وما فيه من اللحم يتحصل بشق من الأنفس، ومع ذلك فلا يدفع من الاشتهاء إلا يسيرًا لقلة اللحمية فيه وللاكتناز (5)، وبذلك يعلم مقدار احتياجهم إلى ما يوكل، فإن رأس الثور لما كان خيرًا لهم من مائة دينار وقد علمت ما في رأس الثور من الصفات فما بال اللحم والأطعمة الأخرى، والله أعلم.

(1) ولفظ المشكاة عن مسلم ويمر أوائلهم على بحيرة طبرية، قال القارئ: بالإضافة وبحيرة تصغير بحرة وهي ماء مجتمع بالشام طوله عشرة أميال وطبرية بفتحتين اسم موضع وهي قصبة الأردن بالشام، انتهى.

(2)

ويؤيد ذلك لفظ المشكاة عن مسلم ويحصر نبي الله وأصحابه، قال القارئ: بصيغة المفعول أي يحبس في جبل الطور، انتهى.

(3)

كما يدل عليه لفظهم في هذا الحديث: لقد قتلنا من في الأرض فهلم فلنقتل من في السماء، انتهى.

(4)

قال القارئ: أي يصير من شدة المحاصرة والمضايقة رأس البقر مع كمال رخصه في تلك الديار خيرًا من مائة الدينار، قال التور بشتى: أي تبلغ بهم الفاقة إلى هذا الحد، وإنما ذكر رأس الثور ليقاس البقية عليه في القيمة.

(5)

أي لاجتماع لحمه وصلابته، قال المجد: اكتنز اجتمع وامتلأ.

ص: 166

قوله [كأعناق البخت (1)] قوله [بالمهبل (2)] كأن المهابل هي مغارات الجبال. قوله [كالزلفة (3)] هي المرآة المزينة. قوله [ويستظلون

(1) بياض في الأصل، وقال القارئ: بضم موحدة وسكون معجمة نوع من الإبل، أي طير أعناقها في الطول والكبر كأعناق البخت، والطير جميع طائر، انتهى.

(2)

قال الدمنتي: بميم وموحدة كمقدس موضع، وفي المجمع: وفي حديث الدجال فيطرحهم بالمهبل هو الهوة الذاهبة في الأرض انتهى، وقال المجد: كمنزل الهوى من رأس الجبل إلى الشعب، وقال أيضًا في نهبل: وفي الترمذي في حديث الدجال فيطرحهم بالنهبل وهو تصحيف والصواب بالميم، انتهى، قلت: ليس في النسخ التي بأيدينا من الترمذي بالنون بل فيها بالميم كما في الأحمدية والمصرية وغيرهما، نعم في المشكاة برواية مسلم تطرحهم حيث شاء الله وفي رواية تطرحهم بالنهبل، قال القارئ: بفتح النون وسكون الهاء وفتح المؤحدة موضع، وقيل: مكان ببيت المقدس، وفيه أنه كيف يسعهم، ولعل المراد به موضع بعضهم، أو على طريق خرق العادة يسعهم، وقيل: هو حيث تطلع الشمس، ثم حكى عن القاموس أن النهبل تصحيف والصواب بالميم، انتهى.

(3)

قال القارئ: بفتح الزاي واللام ويسكن وبالفاء، وقيل: بالقاف هي المرآة بكسر الميم، وقيل: ما يتخذ لجمع الماء من المصنع، والمراد أن الماء يعم جميع الأرض بحيث يرى الرائي وجهه، قال القاضي: روى بالفاء والقاف وبفتح اللام وبإسكانها وكلها صحيحة، قال القارئ: الأصح هو الذي عليه الأكثر بفتحتين والفاء واقتصر عليه القاموس في المعاني الآتية كلها، قال: واختلفوا في معناها فقال ثعلب وأبو زيد وآخرون كالمرآة، وحكى صاحب المشارق هذا عن ابن عباس، وقيل: كمصانع الماء وقيل الإجانة الخضراء، وقيل كالصحفة، وقيل كالروضة، انتهى.

ص: 167

بقحفها (1)] دفع لما عسى أن يتوهم من قلة الشهوة في الأكل فيشبعون لذلك لا لبركة فيه. قوله [باللقحة] واللقحة هي القريبة بالولاد والحامل، واللبن يقل في الحامل، فلما كان كذلك حال الحوامل فما بال غير الحوامل.

قوله [كأنها عنبة طافية] ضبطوه ههنا بالياء وقد ورد في (2) في بعض

(1) قال القارئ: بكسر القاف أي بقشرها، قال النووي: هو معقر قشرها، شبهها بقحف الآدمي، وهو الذي فوق الدماغ، وقيل: هو ما انفاق من جمجمته وانفصل، وقال شارح: أراد نصف قشرها الأعلى، وهو في الأصل العظم المستدير فوق الدماغ، وهو أيضًا إناء من خشب على مثاله كأنه نصف المستدير فوق الدماغ، وهو أيضًا إناء من خشب على مثاله كأنه نصف صاع، واستعير ههنا لما يلي رأسها من القشر، انتهى.

(2)

اختلفت الروايات في عيني الدجال، قال صاحب الإشاعة: أعور العين اليمنى كأنها عنبة طافية، وفي رواية: أعور العين اليسرى، وفي حديث سمرة عند الطبراني وصححه ابن حبان والحاكم: ممسوح العين اليسرى، وفي رواية: أعور العين مطموسها وليست حجراء، وهذا معنى طافئة مهموزة، قال الحافظ في الفتح نقلاً عن القاضي عياض: الذي رويناه عن الأكثر وصححه الجمهور وجزم به الأخفش طافية بغير همزة، وضبطه بعض الشيوخ بالهمزة، ومعناه أنها ناتئة نتوء العنبة، وأنكره بعضهم ولا وجه لإنكاره، ثم جمع القاضي عياض بين الروايات بأن عينه اليمنى طافية -بغير همز- ومسموحة أي ذهب ضوئها، وهو معنى حديث أبي داؤد مطموس العين ليست بناتئة ولا حجراء، أي ليست عالية ولا عميقة كما في حديث ابن عمر في الصحيحين، واليسرى طافئة -بالهمز- كما في الرواية الأخرى عنه وهي الجاحظة التي كأنها كوكب دري، وكأنها نخاعة في حائط، أي وهي الخضراء كما جاء كل ذلك في الأحاديث، قال: وعلى هذا فهو أعور العينين معًا فكل واحدة منهما عوراء، وذلك أن العور العيب والأعور من كل شيء المعيب وكلا عيني الدجال معيبة، إحداهما بذهاب نورها والأخرى بنتوئها وخضرتها، قال النووي: وكلام القاضي عياض في نهاية من الحسن، انتهى.

ص: 168

الروايات طافئة مهموزًا وبينها تناف، فالمهوز من طفئت النار، فكأن العين لما كانت طافئة فهي ممسوحة لا تبصر شيئًا، والناقص من طفى السمك على الماء فهو طاف، وهذا يستلزم خروج حدقتها من موضعها لكنها مبصرة بعد، فالجمع أن إحدى عينيه طافئة والأخرى طافية، وحيث ورد طافية بالياء فيمكن أن يكون مهموزًا قلبت همزتها ياء لكسرة ما قبلها.

قوله [الإيمان يمان] بينه (1) في الحاشية واستحسن الأستاذ أدام الله علوه

(1) ولفظها: قوله الإيمان يمان أصله يمنى حذف إحدى اليائين، وعوض عنها الألف، وقيل قدم إحداهما وقلبت فصار كقاض، كذا في المجمع، وصرفوا الحديث عن ظاهره من حيث أن مبدأ الإيمان من مكة ثم من المدينة، فقيل: المراد أن الإيمان بدأ من مكة، وهي من تهامة، وهي من أرض اليمن، ولذا يقال الكعبة اليمانية، أو لأن مكة يمانية باعتبار المدينة، وقيل قاله النبي صلى الله عليه وسلم بتبوك ومكة والمدينة حينئذ بينه وبين اليمن، فأشار إلى ناحية اليمن وهو يريد الحرمين، أو لأنهما يمانيتان باعتبار الشام، وقيل: أراد الأنصار لأنهم اليمانون في الأصل، وهم نصروا الإيمان والمؤمنين وآووهم فنسب الإيمان إليهم، ذهب إليه كثير من الناس، وهو أحسنها عند أبي عبيد أمام الغريب، قال النووي: ولا مانع من حمله على الحقيقة لأن من قوى في شيء نسب إليه، وهكذا كان حال الوفدين منهم لحديث: جاؤكم أهل اليمن أرق أفئدة، وإنما جاء حينئذ غير الأنصار، وهكذا كان حال أهل اليمن حينئذ في الإيمان، وحال الوافدين منه في حياته صلى الله عليه وسلم وفي أعقاب موته كأويس القرني وأبي مسلم الخولاني وشبهها ممن سلم قلبه وقوى إيمانه، فكانت نسبة الإيمان إليهم لذلك إشعارًا بكمال إيمانهم من غير أن يكون في ذلك نفى له عن غيرهم، فلا منافاة بينه وبين قوله صلى الله عليه وسلم: الإيمان في أهل الحجاز، ثم المراد بذلك الموجودين منهم حينئذ لا كل أهل اليمن في كل زمان فإن اللفظ لا يقتضيه، هذا هو الحق في ذلك ونشكر الله تعالى على هدايتنا له، انتهى بزيادة عن النووي والفتح.

ص: 169

ومجده وأفاض على العالمين بره ورفده توجيه النووي، وما أورده (1) صاحب المجمع غير وارد (2) فإن التفصيل على مؤمني الحرمين الشريفين غير لازم منه.

قوله [والكفر من قبل المشرق] ولقد كانت القبائل اليمنيون سارعوا إلى الإسلام كأسلم وغفار وغيرها، وأبطأ (3) أهل المشرق كمضر وغيرها مع ما يظهر

(1) إذ قال بعد ذكر كلام النووي المذكور، ولعل المانع أنه يلزم قوة إيمانهم وفضلهم به على المهاجرين الأول والأنصار وفيهم العشرة وغيرهم، انتهى.

(2)

لما تقدمت الإشارة إليه في كلام النووي أيضًا إذ قال: ليس فيه نفي له عن غيرهم، وذلك لأنه ليس فيه لفظ حصر أو ما في معناه.

(3)

فقد قال الحافظ: كان أهل المشرق يومئذ أهل كفر فأخبر صلى الله عليه وسلم أن الفتنة تكون من تلك الناحية، فكان كما أخبر وأول الفتن كان قبل المشرق فكان ذلك سببًا للفرقة بين المسلمين، وذلك مما يحبه الشيطان ويفرح به، وكذلك البدع نشأت من تلك الجهة، وقال أيضًا تحت قوله عليه السلام لأرى الفتن تقع خلال بيوتكم: إنما اختصت المدينة بذلك لأن قتل عثمان كان بها ثم انتشرت الفتن في البلاد بعد ذلك، فالقتال بالجمل وبصفين كان بسبب قتل عثمان، والقتال بالنهر وإن كان بسبب التحكيم، ثم قتل عثمان كان أشد أسبابه الطعن على امرأته وأول ما نشأ ذلك من العراق وهي من جهة المشرق، فلا منافاة بينه وبين قوله صلى الله عليه وسلم: ألا إن الفتنة من قبل المشرق، انتهى.

ص: 170