الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
15 - بابُ الأَكْفَاءِ في الدِّين
وَقَوْلُهُ: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا} .
(باب الأكَفاء)
جمع: كُفْء، وهو المِثْل، والنَّظير.
* * *
5088 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَني عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبهَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَبَنَّى سَالِمًا، وَأَنْكَحَهُ بِنْتَ أَخِيهِ هِنْدَ بِنْتَ الْوَليدِ بْنِ عُتْبةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَهْوَ مَوْلًى لاِمْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ، كَمَا تَبَنَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم زَيْدًا، وَكَانَ مَنْ تَبَنَّى رَجُلًا في الْجَاهِلِيَّةِ دَعَاهُ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَوَرِثَ مِنْ مِيرَاثِهِ، حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ:{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَمَوَالِيكُمْ} ، فَرُدُّوا إلَى آبَائِهمْ، فَمَنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ أَبٌ كَانَ مَوْلًى وَأَخًا في الدِّينِ، فَجَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الْقُرَشِيُّ ثُمَّ الْعَامِرِيِّ -وَهْيَ امْرَأة أَبِي حُذَيْفَةَ- النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّا كُنَّا نَرَى سَالِمًا وَلَدًا، وَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
الحديث الأول:
(أبا حُذيفة) بمهملةٍ، ثم معجمةٍ: مُهْشِم، أو هُشَيم، أو هاشِم بن عُتْبَة -بضم المهملة، وسُكون المثنَّاة- ابن رَبِيْعة بن عبْد شمس القُرَشي.
(سالما)؛ أي: ابن مَعْقِل -بفتح الميم، وكسر القاف- الإصطَخْري: مملوكُ امرأةٍ من الأنْصار، ثُبَيْتة، بضم المثلَّثة، وفتح الموحّدة، وإسكان الياء، وبمثناةٍ، وقيل: عَمْرة، وقيل: سَلْمى بنت يَعَار، بفتح الياء، وبمهملةٍ، وراءٍ، الأَنْصاريَّة، وأعتَقته، فانقطَع إلى زَوجها أبي حُذَيفة، فتَبنَّاه، أي: اتخذَه ابنًا، فنُسب إليه، فلمَّا نَزل:{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5]؛ قيل له: سالِم مَولى أَبي حُذَيفة، وأنكَحَه ابنةَ أخيه -بفتْح الهمزة، وبالتحتانيَّة، ووَهِمَ مَن ضمها- هِنْدًا، وسَماها في "الاستيعاب": فاطِمَة بنت الوَليد -أي: بفتْح الواو- ابن عُتْبة، بالضم، وسكون المثنَّاة.
(بنت سُهيل) بالتَّصغير: ابن عَمْرو القُرشي، وهي أيضًا امرأة أبي حُذيفة، ضَرَّةُ المُعتِقة، وهذه قُرشية، وتلك أنصارية.
(ما قد علمت) هو قوله تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5].
(فذكر الحديث) هو أَنَّها قالتْ: يا رسولَ الله، إنَّ سالمًا بلَغ مَبْلَغ الرِّجال، وإنه يدخُل عليَّ، وإني أَظنُّ أنَّ في نفْس أبي حُذَيفة من ذلك شيئًا فقال:"أَرضعِيهِ تَحرُمي عليهِ، ويَذهب ما في نفْسِه"، فأرضعتْه،
وذهَب الذي في نفْسه.
قالوا: كان هذا من خَصائصه.
قال (ع): لعلَّها حلبَتْه، ثم شَرِبَه من غير أن يمسَّ ثديَها، و [من] غير التِقاء بَشَرتيهما، ويحتمل أنَّه عُفِيَ عن مَسه للحاجة كما خُصَّ بالرضاعة مع الكِبَر.
* * *
5089 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أبو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ لَهَا:"لَعَلَّكِ أَرَدْتِ الْحَجَّ؟ " قَالَتْ: وَاللهِ لَا أَجدُنِي إِلَّا وَجِعَةً، فَقَالَ لَهَا:"حُجِّي وَاشْتَرِطِي، قُولي: اللهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي". وَكَانَتْ تَحْتَ الْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ.
الثاني:
(ضُباعة) بضم المعجمة، وخفَّة الموحَّدة، بنتُ الزُّبَير بن عبد المُطلِب الهاشمي.
(أجدني)؛ أي: ما أَجِدُ في نفْسي، وكون الفاعِل والمفعول ضميرَين لشيءٍ واحدٍ من خصائص أَفْعال القُلوب.
(واشترطي)؛ أي: أنَّك حيثُ عجَزتِ عن الإتْيان بالمَناسك، وانحبَستِ عنها بسبَب قوَّة المرَض تحلَّلتِ عن الإحرام.
(وقولي: اللهم مَحِلي) بكسر الحاء: مصدرٌ بمعنى: الإحلال، ولهذا ذكر بعدَه الظَّرف، وهو (حيثُ)، ومَن فتَح فقد أخطأَ.
قال (خ): فيه دليلٌ أنَّ المرَض لا يقَع به الإحلالُ؛ إذ لَو وقَع به لمَا احتاجَتْ إلى هذا الشَّرط، وهذا بخلاف الإِحْصار بالعَدوِّ المانِع، وقيل: هذا كان مِن خصائص ضُبَاعة.
وفيه أنَّ المُحصَر يحلُّ حيث يُحبَس، ويَنحَر بُدُنَه هناك حَلالًا كان أو مُحرمًا.
(وكانت تحت المقداد) هذا يدفَع استِدلالَ البخاري؛ فإن ضُبَاعة بنت عمَّة النبيِّ صلى الله عليه وسلم، والمِقداد مَولى حَلِيْف الأَسوَد بن عبْد يَغُوث، تَبنَّاه، ونُسب إليه.
قال (ك): ومُطابقة الحديث للترجمة أنَّ سالمًا أعجميٌّ، وهنْد قُرشية، وضُباعةُ هاشميَّةٌ، والمِقداد بَهْراني؛ لكنَّهما أكفاء في الإِسلام.
* * *
5090 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"تُنْكَحُ الْمَرْأة لأَرْبَعٍ؛ لِمَالِهَا، وَلحَسَبِهَا، وَجَمَالِهَا، وَلدِينهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ".
الثالث:
(لأربع) قال البَيضاوي: أي: مِن عادة الناس أنْ يَرغَبوا في النِّساء
لأحَد هذه الأربَع، واللائق بأرباب الدِّيانات، وذَوي المُروءات أنْ يكون الدِّين مَطمَح نظَرهم في كلِّ شيءٍ لا سيَّما في ما يَرُوج أَمرُه، ولذلك اختارَه الرَّسول صلى الله عليه وسلم بآكَدِ وجْهٍ، وأبْلَغِهِ، فأَمَر بالظَّفَر الذي هو غايةُ البُغْية.
(فاظفر) جزاءُ شرطٍ محذوفٍ، أي: إذا تحقَّقت تَفضيلَها، فاظْفَر بها، أي: برُشْدها؛ فإنها تُكسِب مَنافع الدَّارَين.
(تربت يداك) أصلُه دُعاءٌ إلا أنَّ العرَب تَستعملُه للإنْكار، والتَّعجُّب، والتعظيم، والحثِّ على الشيء، وهذا هو المراد هنا.
وقال البَغَوي: هي كلمةٌ جاريةٌ على ألسنَتهم نحو: لا أَبَ لكَ، ولا يُريدون بذلك وُقوعَ الأمر، وقيل: قَصْدُه بها وُقوعه لتَعدِّيه ذواتِ الدِّين إلى ذَوات المالِ ونحوه، أي: تَربتْ يَداك إنْ لم تفعَلْ ما أُمرتَ به.
وفيه التَّرغيب في صُحبة أَهل الدِّين في كُلِّ شيءٍ؛ لأنَّ صاحبَهم يَستفيدُ من أخلاقهم، ويأمَن المفسَدةَ من جِهَتهم.
* * *
5091 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلٍ، قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"مَا تَقُولُونَ في هَذَا؟ " قَالُوا: حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ، وإنْ قَالَ أَنْ يُسْتَمَعَ. قَالَ: ثُمَّ سَكَتَ، فَمَرَّ رَجُلٌ مِنَ فُقَرَاءَ الْمُسْلِمِينَ،