الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
و (ترفعها) الخبر، فإذا قَصَدَ بأبعدِ الأشياءِ عن الطاعةِ، وهو وضعُ اللُّقمةِ في فمِ المرأة وجهَ الله، ويحصل به الأجرُ؛ فغيرُه أَولَى، وفي الحديث معجزة؛ فإنه عاشَ حتى فُتح العراقُ، وانتفع به أقوامٌ في دِينهم ودنياهم، وتضرَّر به الكفارُ.
قال (ط): إن قيل: كيف يكون إطعامُ الرجلِ امرأتَه الطعامَ صدقةً، وهو فرضٌ عليه؟ فالجواب: أن الصدقةَ منها فرضٌ، ومنها تطوُّعٌ؛ والفرضُ أفضلُ.
* * *
2 - بابُ وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَى الأَهْلِ وَالْعِيَالِ
(باب وجوب النفقة على الأهل والعِيَال)
5355 -
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدثَنَا أَبِى، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدثَنَا أَبُو صَالحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَفْضَلُ الصدَقَةِ مَا تَرَكَ غنًى، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ"، تَقُولُ الْمَرْأةُ: إِمَّا أَنْ تُطْعِمَنِي، وإمَّا أَنْ تُطَلِّقَنِي، وَيَقُولُ الْعَبْدُ: أَطْعِمْنِي وَاسْتَعْمِلْنِي، وَيَقُولُ الاِبْنُ: أَطْعِمْنِي، إِلَى مَنْ تَدَعُنِي؟ فَقَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ! سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: لَا ، هَذَا مِنْ كيسِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
(العُلْيَا) هي المُنْفِقَة.
(السُّفْلَى) هي السائلة، وسبق شرحه في (الزكاة).
(بِمَنْ تَعُولُ)؛ أي: ابدَأْ في الإنفاق بعيالك، ثم انصرِفْ إلى غيرهم.
(كِيْس) بكسر الكاف: الوعاء، وهذا إنكارٌ على السائلين عنه، أي: ليس هذا إلا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه نفيٌ يريد به الإثباتَ، وإثباتٌ يريد به النفيَ، ويُحتمل أن [يكونَ] قولُه (هذا) -إشارةَ إلى الكلام الأخير- إدراجًا من أبي هريرة، وهو (تقولُ المرأةُ) إلى آخره، فيكون إثباتًا لا إنكارًا، يعني: هذا المقدارُ من كِيسه، فهو حقيقةٌ في النفي والإثبات، وفي بعضها بفتح الكاف، أي: مِن عَقلِ أبي هريرة وكَيَاستِه.
قال التَّيْمِي: أشار البخاري إلى أن بعضَه من كلام أبي هريرة، وهو مُدرَجٌ في الحديث.
قال (ط): إن نفقتَه على الأهل محسوبٌ في الصدقة، وإنما يبدأ بنفسه؛ لأن حقَّ نفسِه عليه أعظمُ مِن حقِّ غيرِه بعدَ الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولا وجهَ لإحياءِ غيرِه بعدَ إتلافِ نفسِه، وفيه: أن النفقةَ على الولد وهو ما دام صغيرًا؛ لقوله: (إلى مَن تَدَعُني)، وكذا كلُّ مَن لا طاقةَ له على الكسب كالزَّمِنِ ونحوه.
واختُلف في المُعْسِر: هل يُفرَّق بينه وبين امرأته بعدم النفقة؟
فقال أبو حنيفة: لا؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} الآية [البقرة: 280]، {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ} [النور: 32]، فنُدب إلى نكاح الفقير، فلا يجوز أن يكونَ الفقرُ سببًا للفُرقة.
قال الأئمَّةُ الثلاثةُ: تُخيَّر بين الصبر والفسخ؛ لقوله: (إمَّا أن تُطعمَني وإمَّا أن تُطلِّقَني)، ولقوله تعالى:{وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا} [البقرة: 231]، وإن لم يُنفِقْ عليها فهو مُضِرٌّ بها، وأمَّا الآيةُ الأولى ففي المُدَاينات، والثانية لم يُرِدِ الفقيرَ الذي لا شيءَ معه؛ للإجماع على أن مِثلَه ليس مندوبًا على النكاح.
* * *
5356 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ يْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ".
الثاني:
(عن ظَهر غنًى)؛ أي: فاضلًا عن حاجته؛ فلفظُ (ظَهر) مُقحمَةٌ أو بمعنى الاستظهار، وسبق الحديث في (الزكاة).
* * *