الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
36 - بابُ مَنْ قَالَ: لَا نِكَاحَ إِلا بِوَلِيٍّ
لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} ، فَدَخَلَ فِيهِ الثَّيِّبُ، وَكذلِكَ الْبِكْرُ. وَقَالَ {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} ، وَقَالَ {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} .
(باب: لا نِكاحَ إلا بوَلي)
قوله: (تعضلوهن) العَضْل: مَنعْ الوَليِّ مُوليته من النِّكاح، وحَبْسها منه، والآية تدلُّ على أنَّ المرأة لا تُزوِّج نفسَها، ولولا ذلك لم يتحقَّق معنى العَضْل.
فإنْ قيل: لا يَلزم من النَّهي عن العَضْل جَوازه كقوله تعالى: {وَلَا تُشْرِكُوا} [النساء: 36] و {وَلَا تَقْتُلُوا} [النساء: 29]؛ قيل: القِصَّة وسبَب النُّزول، وقول مَعْقل بعدَ ذلك: فزوَّجَها إياه يَدلُّ عليه.
وأما وجه دَلالة الآية الثانية؛ فلأَنَّ الخِطاب في: {وَلَا تَنْكِحُوا} [النساء: 22] للرِّجال، وليسوا غير الأَولياء؛ فكأنَّه قال: لا تُنكِحوا أيُّها الأولياء مُولياتِكم للمُشركين.
والأَيِّم وإنْ كان يَتناول الرجُل لكنْ خرَج بالإجماع، فيبقَى الحكمُ في المرأة بحالِه.
5127 -
قَالَ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونس، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالح، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، حَدَّثَنَا يُونس، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَني عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرتهُ: أَنَّ النِّكاحَ في الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ؛ فَنِكَاحٌ مِنْهَا نِكَاحُ النَّاسِ الْيَوْمَ، يَخْطُبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ وَليَّتَهُ أَوِ ابْنتَهُ، فَيُصْدِقُهَا ثُمَّ يَنْكِحُهَا، وَنكَاحٌ آخَرُ؛ كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لاِمْرَأَتِهِ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا: أَرْسِلِي إِلَى فُلَانٍ فَاسْتَبْضِعِي مِنْهُ، وَيَعْتَزِلُهَا زَوْجُهَا، وَلَا يَمَسُّهَا أَبَدًا، حَتَّى يتبيَنَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي تَسْتَبْضعُ مِنْهُ، فَإِذَا تَبينَ حَمْلُهَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا إِذَا أَحَبَّ، وَاِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ رَغبةً في نَجَابَةِ الْوَلَدِ، فَكَانَ هَذَا النِّكاحُ نِكَاحَ الاِسْتِبْضَاع، وَنكَاحٌ آخَرُ؛ يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ كلُّهُمْ يُصِيبُهَا، فَإِذَا حَمَلَتْ وَوَضَعَتْ، وَمَرَّ عَلَيْهَا لَيَالِيَ بَعْدَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا، أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ فَلَمْ يَسْتَطِعْ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنْ يَمْتَنِعَ حَتَّى يَجْتَمِعُوا عِنْدَهَا، تَقُولُ لَهُمْ: قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِكُمْ، وَقَدْ وَلَدْتُ فَهُوَ ابْنُكَ يَا فُلَانُ؛ تُسَمِّي مَنْ أَحَبَّتْ بِاسْمِهِ، فَيَلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْتَنِعَ بِهِ الرَّجُلُ، وَنكَاحُ الرَّابعِ؛ يَجْتَمعُ النَّاسُ الْكَثِيرُ فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ لَا تَمْتَنِعُ مِمَّنْ جَاءَهَا، وَهُنَّ الْبَغَايَا، كُنَّ يَنْصِبْنَ عَلَى أَبْوَابِهِنَّ رَايَاتٍ تَكُونُ عَلَمًا، فَمَنْ أَرَادَهُنَّ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ، فَإِذَا حَمَلَتْ إِحْدَاهُنَّ وَوَضَعَتْ حَمْلَهَا جُمِعُوا لَهَا، وَدَعَوْا لَهُمُ الْقَافَةَ، ثُمَّ ألحَقُوا وَلَدَهَا
بِالَّذِي يَرَوْنَ فَالْتَاطَ بِهِ، وَدُعِيَ ابْنَهُ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم بِالْحَقِّ هَدَمَ نِكَاحَ الْجَاهِلِيَّةِ كُلَّهُ، إِلَّا نِكَاحَ النَّاسِ الْيَوْمَ.
الحديث الأول:
(حدثنا يحيى بن سليمان، حدثنا ابن وهب) قيل: طَريق يحيى لم تُروَ، أما ابن وهب فرُوي حديثُه من جهةِ أَصْبَغ عنه الدَّارَقُطْنيُّ، ووصلَه أبو نُعيم من رواية أحمد بن عبد الرَّحمن بن وهب، عن عمه.
(أنحاء)؛ أي: أنواع.
(فيصدقها)؛ أي: يُعيِّن صَداقَها، ويُسمّي مِقدارَه.
(طهرت) بلفظ الغَيْبة.
(طمثها)؛ أي: حَيْضها.
(فاستبضعي)؛ أي: اطلُبي منه الغِشْيان، والبُضْع: الفَرْج، والمُباضَعة: الوَطْء.
(ذلك)؛ أي: الاستِبضاع مِن فُلانٍ.
(نجابة الولد)؛ أي: اكتِسابًا من ماءِ الفَحْل؛ لأنَّهم كانوا يطلُبون ذلك من أشْرافهم، ورُؤسائهم، وأَكابرهم.
(عرفت) بتاء المتكلِّم، وفي بعضها:(عَرفْتُم).
(يمتنع منه) في بعضها: (به)، أي: يمنَعُه.
(ولا تمتنع ممن جاءها) وفي بعضها: (لا تَمنَع مَن جاءَها)،
وفي أكثر النُّسَخ: (لا يمتَنِع من جاءَها)، ولا بُدَّ من تأْويلٍ.
(القافة) جمع: قائِفٍ، وهو الذي يُلحق الولَدَ بالوالد بالآثَار.
(فالتاطه) بمثنَّاةٍ، ومُهملةٍ: ألْصَقَهُ، مِن الالتِياط، وهو الالتِباس، وقيل: صَوابه: فالْتاطَ به، أي: التَصَق به، واستَلاطُوه، أي: ألْصَقوُه بأنفُسهم.
(لا نكاح الناس) رواه أبو داود: (إِلا نِكاحَ الإِسلامِ).
* * *
5128 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا وكيع، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ:{وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} ، قَالَتْ: هَذَا في الْيتيمَةِ الَّتِي تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ، لَعَلَّهَا أَنْ تَكُونَ شَرِيكَتَهُ في مَالِهِ، وَهْوَ أَوْلَى بِهَا، فَيَرْغَبُ أَنْ يَنْكِحَهَا، فَيَعْضُلَهَا لِمَالِهَا، وَلَا يُنْكِحَهَا غَيْرَهُ؛ كَرَاهِية أَنْ يَشْرَكَهُ أَحَدٌ في مَالِهَا.
الثاني:
(يحيى) إما ابن موسى، أو ابن جعفر.
* * *
5129 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ،
حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَني سَالِمٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ: أَنَّ عُمَرَ حِينَ تأيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنِ ابْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ، وَكَانَ مِنْ أَصحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ تُوُفِّي بِالْمَدِينَةِ، فَقَالَ عُمَرُ: لَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ، فَقَالَ: سَأَنْظُرُ في أَمْرِي. فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ ثُمَّ لَقِيَني، فَقَالَ: بَدَا لِي أَنْ لَا أتزَوَّجَ يَوْمِي هَذَا. قَالَ عُمَرُ: فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ.
الثالث:
(سأنظر) إن عُدِّي نَظَر بـ (في) فهو بمعنى: التَّفكُّر، أو باللام فهو بمعنى: الرَّأْفة، وبـ (إلى) فهو بمعنى: الرُّؤية، أو بدُون شيءٍ فهو بمعنى الانتِظار نحو:{انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} [الحديد: 13].
وسبق الحديث آنفًا.
* * *
5130 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنْ يُونس، عَنِ الْحَسَنِ:{فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ أنَّهَا نزلَتْ فِيهِ، قَالَ: زَوَّجْتُ أُخْتًا لِي مِنْ رَجُلٍ فَطَلَّقَهَا، حَتَّى إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا جَاءَ يَخْطُبُهَا، فَقُلْتُ لَهُ: زَوَّجْتُكَ وَفَرَشْتُكَ وَأكرَمْتُكَ، فَطَلَّقْتَهَا، ثُمَّ جِئْتَ تَخْطُبُهَا، لَا وَاللهِ لَا تَعُودُ