الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(سورة الفَلَق)
قوله: (غروب)؛ أي: الوُقوب غُروب الشمس؛ لأنها من الظُّلمة، يقال: أَوقَبَ: إذا دخَل في كل شيء، فأظلَمَ.
* * *
4976 -
حَدَّثَنَا قتيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ وَعَبْدَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: سَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ عَنِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ، فَقَالَ: سَأَلتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "قِيلَ لِي، فَقُلْتُ"، فَنَحْنُ نقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
(المُعوذتين) بكسر الواو.
* * *
114 - {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}
وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {الْوَسْوَاسِ} : إِذَا وُلِدَ خَنَسَهُ الشَّيْطَانُ، فَإِذَا ذُكِرَ اللهُ عز وجل ذَهَبَ، وَإِذَا لَمْ يُذْكَرِ اللهُ ثَبَتَ عَلَى قَلْبِهِ.
(سورة النَّاس)
قوله: (خنسه) قال الصَّاغَاني: الأَولى: يَخْنَسُه الشَّيطان مكانَ خنَسه، وإنْ سَلِمت اللَّفظة من الانقِلاب والتَّصحيف، فالمعنى والله أعلم: أخَّرَه وأزالَه عن مَكانه لشِدَّة نَخْسه وطَعْنه بأُصبعِه في خاصِرته.
قال السَّفَاقُسي: والذي في اللُّغة: خنَسَ: إذا رجَع وانقلَبَ.
قال (ع): فالذي في جميع الرِّوايات: (خَنَسَ) تصحيفٌ وتغييرٌ، فإما أنَّ صوابه:(نخَسَه) كما جاء في غير هذا الباب، نعم، حديث ابن عبَّاس الآتي: يُولَد الإنْسان، والشَّيطان حاكمٌ على قلْبه، فإذا ذكَر الله خنَسَ، وإذا غفَل وَسوَس = يُصحِّح قولَ البخاري، ويكون مرادُهُ الإشارة لهذا الحديث ونحوه.
فإن قيل: ما معنى السؤال عن المعوذتين؟، قيل: لأنَّ ابن مَسعودٍ كان يقول: إنَّهما ليستا من القرآن؛ فسأَلَ عنهما من هذه الجِهَة، فقال: سأَلتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؟؛ فقال: "قيل لي: قلْ أَعوذُ"، أي: أَقرأَنيهما جِبْريل، أي أنهما من القُرآن.
والحاصل أنه كان فيهما اختلافٌ بين الصَّحابة، ثم رُفع، ووقَع الإجماعُ على أنهما قرآنٌ، فمَنْ أنكَر بعد ذلك كفَرَ.
وقيل: إنَّما كانت المسأَلة في صِفَةٍ من صفاتهما، وخاصةٍ من خَواصِّهما لا في كونِهما قُرآنًا، ولا شكَّ أنَّ الحَديثَ يحتمِل ذلك، فيَجب الحمْلُ عليه.
* * *
4977 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، وَحَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ، قَالَ: سَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ قُلْتُ: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ! إِنَّ أَخَاكَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: كَذَا
وَكَذَا، فَقَالَ أُبَيٌّ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لِي:"قِيلَ لِي، فَقُلْتُ"، قَالَ: فَنَحْنُ نقُولُ كمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
(كذا وكذا) كَنَّى به استِعظامًا لهذه المقالة، ومن العُذر لابن مَسعود فيما قاله أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لمَّا كان يَتعوَّذ بهما كثيرًا ظَنَّ أنَّهما من الوحي الذي ليس بقُرآن.
وقال القاضي أبو بكر بن الطَّيِّب: لم يُنكر ابن مَسعود كونهَما من القرآن، إنما أنكَر إثباتَهما في المُصحَف؛ لأنَّه كانت السنَّةُ عنده أنْ لا يُثبَت إلا ما أمَر النبي صلى الله عليه وسلم بإثباته وكَتْبه، ولم يَبْلُغه أمرُه به، وهذا تأويلٌ منه، وليس جَحدًا لكونهما قرآنًا.
قال (ش): وقد روى ابن حِبَّان في "صحيحه": عن زرٍّ: قلت لأبي ذَرٍّ: إن ابن مَسعود لا يكتب في مُصحَفه المعوِّذتين؟، فقال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن جبريل قال لي: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: 1] فقلتُها، وقال لي: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: 1] فقلتُها"، فنحن نقولُ ما قالَه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبالجملة فقد انعقد الإجماع، وزالت الشُّبهة، فلله الحمد (1).
* * *
(1) هنا ينتهي الجزء الثاني من النسخة الخطية المرموز بها بـ "ف".