الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فتعتَدّ)؛ أي: أتُعتبَرُ تلْك التَّطليقة، وتَحتسبُها، والحُكم بوقُوع طلْقةٍ.
قال ابن عُمر في الجواب معبِّرًا بلفظ الغَيبة عن نفْسه: (إن عجز واستحمق)؛ أي: فما يَمنعُه أن يكون طَلاقًا، يعني: نعَمْ، يُحتَسَب، ولا يَمنع احتِسابَها؛ لعَجْزه وحَماقتِه.
وستق تأويلاتٌ أُخَر أوَّل (الطَّلاق).
* * *
46 - بابٌ تُحِدُّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجها أَرْبَعَةَ أَشْهُرِ وَعَشْرًا
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَا أَرَى أَنْ تَقْرَبَ الصَّبِيَّةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا الطِّيبَ؛ لأَنَّ عَلَيْهَا الْعِدَّةَ.
(باب: تُحِدُّ المُتوفَّى عنها)
قوله: (الصبية) بالنَّصب.
(الطيب) بالرفْع، وفي بعضها بالعَكْس، وبهذا قال الأَئمَّة سِوى أبي حَنيفة: أنَّ الصَّغيرة تُحدُّ على زَوجِها إذا ماتَ، يَأْمرُها بذلك الوليُّ، وقال أبو حنيفة: لا إحدادَ عليها.
* * *
5334 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ زينَبَ ابْنَةِ أَبِي سَلَمَةَ: أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ هَذِهِ الأَحَادِيثَ الثَّلَاثَةَ، قَالَتْ زينَبُ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ تُوُفِي أَبُوهَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، فَدَعَتْ أُمُّ حَبِيبةَ بِطِيبٍ فِيهِ صُفْرَةٌ خَلُوقٌ أَوْ غَيْرُهُ فَدَهَنَتْ مِنْهُ جَارِيَةً، ثُمَّ مَسَّتْ بِعَارِضَيْهَا، ثُمَّ قَالَتْ: وَاللهِ مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ، غَيْرَ أنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"لَا يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا".
5335 -
قَالَتْ زينَبُ: فَدَخَلْتُ عَلَى زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ حِينَ تُوُفِي أَخُوهَا، فَدَعَتْ بِطِيبٍ فَمَسَّتْ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَتْ: أَمَا وَاللهِ مَا لِي بِالطيبِ مِنْ حَاجَةٍ غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: "لَا يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا".
5336 -
قَالَتْ زينَبُ: وَسَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ: جَاءَتِ امْرَأةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِي عَنْهَا زَوْجُهَا، وَقَدِ اشْتكَتْ عَيْنَهَا، أَفتكْحُلُهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"لَا" مَرَّتَينِ أَوْ ثَلَاثًا، كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ:"لَا"، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ
أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالْبَعَرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ".
5337 -
قَالَ حُمَيْدٌ: فَقُلْتُ لِزَيْنَبَ: وَمَا تَرْمِي بِالْبَعَرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ؟ فَقَالَتْ زينَبُ: كَانَتِ الْمَرْأةُ إِذَا تُوُفِي عَنْهَا زَوْجُهَا دَخَلَتْ حِفْشًا، وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا، وَلَمْ تَمَسَّ طِيبًا حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ، ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ طَائِرٍ فَتَفْتَضُّ بِهِ، فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَيْءٍ إِلَّا مَاتَ، ثُمَّ تَخْرُجُ فتعْطَى بَعَرَةً فترْمِي، ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ طِيب أَوْ غيْرِهِ.
سُئِلَ مَالِكٌ مَا تَفْتَضُّ بِهِ؟ قَالَ: تَمْسَحُ بِهِ جِلْدَهَا.
(الثلاثة)؛ أي: حديث أُم حَبِيْبَة، وزَينب، وأُمِّ سَلَمة المَذكورات.
(خَلُوق) بفتح المعجمة: طِيْبٌ مَخلُوطٌ.
(بعارضيها) هما جانِبَا الوَجْه فَوق الذَّقَن إلى ما تَحت الأُذُن، وإنما فَعلتْ ذلك؛ لتَدفَع صُورة الإِحْداد.
(تحد) مِن الإِحداد، وبضم الحاء وكسرها مِن الحِداد، وهو مِن الحَدِّ بمعنى المَنْع؛ لأنها تُمنَع الزِّينة، ويُقال: امرأةٌ حادٌّ ومُحِدٌّ بدُون تاء التأْنيث، وأنكر الأَصمَعيُّ الثُّلاثيَّ، وجوَّز الخطَّابي فيه الجيم.
وهو في الاصطلاح: تَرْك المرأَة الزِّينة من لباسٍ، وطِيْب في
العِدَّة؛ لأن ذلك داعيةٌ للزَّواج، فنُهيت عن ذلك قطْعًا للذَّرائع.
(توفي أخوها) هو أبو أَحمد.
(لا يحل) نفْيٌ بمعنى النَّهي.
(أربعة) نصب بمقدَّرٍ، أي: أَعنِي، أو فتُحدُّ.
والجمهور أنَّ الذِّميَّةَ يجب عليها الإِحداد، وذِكْر الإيمان إنما هو لأنَّ المُؤمن هو الذي يَنتفعُ بخِطاب الشارِع، ويَنقادُ له.
وقال أبو حنيفة: لا يجب عليها إحْدَادٌ.
وإنما وجَب الإحْدَاد في الوَفاة دُون الطلاق، لأنَّ الزِّينة تَدعو إلى النكاح، والميِّت لا يتمكَّن مِن مَنْعها، والحيُّ يستغني بوُجوده عن زاجرٍ آخَر.
وإنما كانت عدَّة الوفاة للحائل أربعةَ أشهرٍ، لأنَّ الولَد يمكُث أربعين يومًا نُطفةً، وأربعين يوما علَقةً، وأربعين مُضْغةً، وبعد ذلك يُنفَخ فيه الرُّوح، ويتحرَّك في البَطْن، وزِيادة العَشْر للاحتِياط.
(جاءت امرأة) قيل: هي عاتِكَة، وقيل: بل عاتِكَة ابنتُها التي اشتكتْ عينَها، واسم زَوجها: المُغيرة، أي: المَخزُومي.
(اشتكت عينها) بضم النون على أنَّ العَين هي المُشتكية، وبفتحها على أنَّ في (اشتَكتْ) ضميرَ الفاعل، وهي المرأةُ الحادَّةُ، ورُجِّح الأول بما جاء في روايةٍ:(عَينَاها).
(أفَنَكْحُلُهَا) بضم الحاء.
(البَعْرَة) بفتح المهملة وإسكانها.
(الحِفْش) بكسر المُهملة، وسكون الفاء، ثم معجمةٍ، قال مالكٌ: البيت الصَّغير، وقال الشَّافعي: البَيت الصَّغير الرَّكِيد من الشَّعر، والبِناء.
ومُراده بالرَّكيد: الذي يكون السُّكون فيه، أي: الرُّكود.
(بدابة) ما يدِبُّ على الأرض لا الخَيل، والبَغْل، والحِمَار بخُصوصها.
(فتفتض) قال (خ): بقافٍ، ومعجمةٍ: مِن فضَضتُ الشَّيءَ: كسرتُه، أو فَرَّقتُه، أي: كانت تكسِر ما كانتْ فيه من الحِداد بتلْك الدابَّة.
وقال الأَخْفَش: معناه: تتنظَّف، وهو مأخوذٌ من الفِضَّة تَشبيهًا له بنَقائها وبَياضها.
قال: ومعنى الرَّمي بالبَعْرَة: أنَّ حِداد السَّنَة في جَنْب ما للزَّوج عليهن من الحُرمة بمنزلة البَعْرَة.
وقيل: إنما يفعلْن ذلك ليُرين أنَّ مقامهنَّ سَنَةً كان أهونَ مِن رمْي بعرةٍ.
وقال ابن قُتَيبة: سأَلتُ الحَجَّاج عن معنى الافتِضاض، فذكَر أن المُعتدَّة كانت لا تَغتَسِلُ، ولا تَمسُّ ماءً، ولا تُقلِّمُ ظفُرًا سَنَةً كاملةً، ثم تَفْتَضُّ، أي: تكسِرُ ما هي فيه من العِدَّة بطائرٍ تمسَح به قُبُلَها، وتَنْبذه