الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
45 - بابٌ لَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَنْكح أَوْ يَدَعَ
(باب: لا يَخْطُبُ على خِطْبة أَخيهِ حتَّى يَنْكِحَ أو يَدع)؛ أي: يَترُكَ.
5142 -
حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعًا يُحَدِّثُ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ يَقُولُ: نهى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَبِيعَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلَا يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبةِ أَخِيهِ، حَتَّى يترُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ، أَوْ يَأذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ.
الحديث الأول:
(ولا يخطب) بالنَّصب، و (لا) زائدةٌ، وبالرفْع نفيًا، وبالكسر نَهيًا بتقدير: قال مُقدَّرا عطْفًا على: (نَهى)، أي: نهى، وقالَ.
(على خطبة) بكسر الخاء.
(أخيه)؛ أي: أُخوَّة الإِسلام.
وسبق في (البيع).
* * *
5143 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الأَعْرَجِ، قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: يَأثُرُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أكذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَجَسَّسُوا،
وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا إِخْوَانًا".
5144 -
"وَلَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبةِ أَخِيهِ، حَتَّى يَنْكِحَ، أَوْ يتْرُكَ".
الثاني:
(يأثرُه)؛ أي: يَرويهِ.
(إياكم والظن) إن قيل: هذا تحذيرٌ منه، والحالُ أنَّه يجبُ على المُجتهِد مُتابعة الظنِّ إجماعًا، وكذا على مُقلِّده؛ قيل: إنما هو تحذيرٌ عن ظَنِّ السُّوء بهم، فإنْ قيل: الحَزْم سُوء الظَّنِّ، وهو ممدوحٌ؛ قيل: ذلك بالنِّسبة إلى أَحوال نفْسه، وما يتعلَّق بخاصَّتِه.
وحاصلُه أنَّ المَدْح للاحتِياط فيما هو متلَبِّسٌ به.
قال البَيْضاوي: التَّحذير عن الظَّنِّ إنما هو التَّحذير فيما يحبُ فيه القَطْع، والتَّحدُّث به مع الاستِغناء عنهُ.
(أكذب) الكَذِب عدَم المُطابقة للواقِع، ولا يتفاوَت، فوَجْه التفضيل فيه حينئذٍ إما كَون الظَّنِّ أكثَر كَذِبًا من الكلام، أو أنَّ إثْم هذا الكَذِب أزْيَد من إثْم الحديث به، أو مِن سائر الأكَاذيب، وإنما كان إثْمُه أكثَر؛ لأنَّه أمرٌ قَلْبيٌّ، ولا اعتبارَ به كالإيمان ونحوِه.
فإن قيل: الظنُّ ليس كَذِبًا، ومِن شَرْط أَفْعَل التفضيل أنْ يُضاف لجِنْسه؛ قيل: لا يَلزم أن يكونَ الكَذِب صِفةً للقَول؛ بل هو صادقٌ أيضًا على كل اعتقادٍ وظَنٍّ، ونحوهما إذا كان مُخالِفًا للواقع، أو الظَّنُّ
كلامٌ نفسانيٌّ، والأَفْعل قد يُضاف إلى غير جِنْسه، أو يعني: أنَّ الظنَّ أكثَره كذبٌ، أو أن المَظنونات يقَع الكَذِب فيها أكثَر من المَجزُومات.
وقال (ح): هو تحقيقُ الظنِّ دُون ما يَهجس في النَّفْس، فإنَّ ذلك لا يُملَك، أي: المُحرَّم من الظنّ ما يَصبِرُ صاحبُه عليه، وَيستمرُّ في قَلْبه دُون ما يَعرِضُ، ولا يَستقرُّ.
والقَصْد أنَّ الظنَّ يهجُم بصاحبه على الكَذِب إذا قال على ظنِّه ما لم يتيقَّنْه، فيقَع الخبَر عنه حينئذٍ كَذِبًا، يعني: أن الظنَّ قَلبيًّا أكثَر الكَذِب.
(ولا تجسسوا) بالجيم.
(ولا تحسسوا) بالمهملة، قيل: هما بمعنًى، وهو طلَب معرفةِ الأَخْبار، والأَحوال الغائِبَة.
وقيل: بالجيم: البَحثُ عن العَورات، وبالحاء: الاستِماع،
وقيل: بالحاء، أنْ تطلُبَه لغيرك، وبالجيم: تطلُبه لنفْسك.
(حتى يترك أو ينكح) الغاية في هذا على معنى أنَّه إذا نكَح امتنَعَت الخِطْبة لمعنًى آخَر، فهي مُنتفيةٌ مُطلَقًا، فهو كقوله: في {يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40].
ووقْت امتِناع الخِطْبة على خِطْبته إذا ركَنَ كلٌّ منهما إلى صاحبِه، وأَرادَ العَقْدَ، وقبْلَه لا يَدخُل في النَّهي.
* * *