الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بلَغَتْ منه الجَهْد حتى قَلِقَ.
وقال ابن مُغِيْث في "الوثائق": صَوابه بالمُهملة مِن الانْدِلاق، وإنْ كان يُروى بالمُعجمة.
وفيه استِنابة الإمامِ مَن يُقيم عنه الحَدَّ.
* * *
12 - بابُ الْخُلْعِ، وَكَيْفَ الطَّلَاقُ فِيهِ؟ وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى:{وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا} إِلَى قَوْلِهِ {الظَّالِمُونَ}
وَأَجَازَ عُمَرُ الْخُلْعَ دُونَ السُّلْطَانِ، وَأَجَازَ عُثْمَانُ الْخُلْعَ دُونَ عِقَاصِ رَأْسِهَا، وَقَالَ طَاوُسٌ:{إلا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} فِيمَا افْتَرَضَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فِي الْعِشْرَةِ وَالصُّحْبَةِ، وَلَمْ يَقُلْ قَوْلَ السُّفَهَاءِ: لَا يَحِلُّ حَتَّى تَقُولَ: لَا أَغْتَسِلُ لَكَ مِنْ جَنَابَةٍ.
(باب الخُلْع)
قوله: (دون عِقَاص) جمع: عَقيصةٍ، وهي الضَّفيرة، وهي التي تُتخَذ مِن شَعْر رَأْس المرأَة كالرُّمَّانَة، أي: أجازَ الخُلْع بالشيء القَليل.
قال (ش): يعني: أنه يَأخُذ منها كلَّ مالِها إلى أن تَكشِفَ له رأْسَها، ويترُكَ لها قِنَاعَها وشِبْهَه.
(ولم يقل قول السفهاء)؛ أي: لم يقُل طاوُس قَول السُّفَهاء: لا يَحِلُّ الخُلْع حتى تقول: لا أَغتَسِلُ لكَ مِن جَنابةٍ، أي: تَمنعه أنْ يطأَها، فتَصير ناشزةً.
وظاهره أنَّ قوله: (لم يقُل) مِن كلام البخاري، وحكاه غيرُه عن ابن جُرَيج.
* * *
5273 -
حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ جَمِيلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَابِ الثَّقَفِي، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ! ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الإسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ " قَالَتْ: نعم، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"اقْبَلِ الْحَدِيقَةَ، وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً".
الحديث الأول:
(امرأة ثابت) هي جَمِيْلة بفتح الجيم، وسيَأتي نسَبُها.
وثابت -بمثلَّثة- ابن قَيْس بن شَمَّاس، بفتح المعجمة، وتشديد الميم.
(ما أعْتب) بضم المثنَّاة، وكسرها، ثم موحَّدة: مِن عَتَب عليه: إذا وَجَد عليه، فإذا فاوَضَه بما عتَبَ عليه، قيل: عاتَبَه، فإذا رجَع إلى
مَسرَّتِكَ، قيل: أعْتَبَ، والاسم العُتْبَي بعد رُجوع المَعتوب عليه إلى ما يُرضِي العاتِبَ.
وفي بعضها: (أعيب) بالياء، ثم موحَّدة، أي: لا أَغضَب، ولا أُريد مفارقتَه لسُوء خلُقه، ولا نُقصان دِيْنه، ولكن أَكرهَهُ طَبْعًا، فأخافُ على نفْسي في الإسلام ما يُنافي مقتَضَى الإسلام باسم ما يُنافي نفْس الإِسلام، وهو الكُفر.
ويحتمل أنه مِن باب الإِضمار، أي: لكنِّي أكَرهُ لَوازِم الكُفر من المُعاداة، والنِّفاق، والخُصومة، ونحوها.
ورُوي أنَّها قالت له: لا أَعتِب عليه لخُلُقٍ أو دينٍ؛ لكني رفَعتُ جانبَ الخِبَاء، فرأَيتُه أقبَل في عِدَّةٍ، فاذا هو في عِدَّةٍ، فإذا هو أشدُّهم سَوادًا، وأقصَرُهم قامةً، وأقبَحهم مَنْظرًا.
(حديقة)؛ أي: بُستانه الذي أَعطاها.
(أقبل) إلى آخره، هو أَمرُ إرشادٍ وإصلاحٍ لا أمر إيجابٍ وإلزامٍ.
قال البُخاري: لم يُتابع أحدٌ عبد الوَهَّاب في لفْظ: (عن ابن عبَّاس)؛ بل رواه غيره إما موقوفًا على عِكْرمة، وإما مُرسَلًا.
* * *
5274 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٍ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءَ، عَنْ عِكْرِمَةَ: أَنَّ أُخْتَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ بِهَذَا، وَقَالَ:"تَرُدِّينَ حَدِيقَتَهُ؟ " قَالَتْ: نعمْ. فَرَدَّتْهَا، وَأَمَرَهُ يُطَلِّقْهَا.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"وَطَلَقْهَا".
5275 -
وَعَنِ ابْنِ أَبِي تَمِيمَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: جَاءَتِ امْرَأةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنِّي لَا أَعْتُبُ عَلَى ثَابِتٍ فِي دِينٍ وَلَا خُلُقٍ، وَلَكِنِّي لَا أُطِيقُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"فترُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ " قَالَتْ: نَعَمْ.
الثاني:
(أن أُخت عبد الله بن أُبَيّ) كذا جَرى عليه (ك).
قال (ش): صوابُه أنها بنت عبد الله بن أُبَيٍّ لا أُختُه، واسمها جَميلة، وهذه رواية أهل البَصرة أنَّ جَميلة هي المُختلِعة مِن ثابت، وكانتْ نَشَزتْ عليه لدمامتِه.
وأهل المدينة يقولون: إنَّ المُختلِعة من ثابت: حَبِيْبة بنت سَهْل الأنصاريِّ، وكان في خُلُقِ ثابتٍ شدَّةٌ، فضَربَها، فاختلَعتْ منه، فتزوَّجها أُبَيُّ بنُ كعب، وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أَراد أنْ يتزوَّجَها وهي جاريةٌ قبْل ثابتٍ، فكَرِهَ ذلك لغَيْرة الأَنْصار، كَرِه أن يَسومَهم في نِسائهم.
قال أبو عُمر: يَجوز أن تكون حَبِيْبَة وجَميلة اختلَعتا من ثابِت بن قَيْس.
(وقال إبراهيم بن طَهْمان) وصلَه الإسماعيلي في "المُستخرَج".
(لا أُطيقه)؛ أي: لا أُطيقُ مُعاشرته، وفي بعضها:(لا أُطيِعه)(1).
* * *
5276 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ الْمُخَرِّمِيُّ، حَدَّثَنَا قُرَادٌ أَبُو نُوحٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: جَاءَتِ امْرَأةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ! مَا أَنْقِمُ عَلَى ثَابِتٍ فِي دِينٍ وَلَا خُلُقٍ، إِلَّا أَنِّي أَخَافُ الْكُفْرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"فتَرُدِّينَ عَلَيهِ حَدِيقَتَهُ؟ " فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَرَدَّتْ عَلَيْهِ، وَأَمَرَهُ فَفَارَقَهَا.
5277 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ: أَنَّ جَمِيلَةَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
الثالث:
(أخاف الكفر)؛ أي: مُقتضياتِه، ولَوازمَه، ففيه إضمارٌ، أو هو مَجاز عن مُنافي مُقتضَى الإسلام.
* * *
(1) في الأصل: "أطابقه"، والمثبت من "الكواكب الدراري"(19/ 199).