الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسبق جوابُ الإشكال عن كونِ نفقةِ الأولادِ مُقدَّمةً على الأصول: بأنه لعله كان في شرعهم تقديمُ الأصول، أو أن الأولادَ كانوا يَطلُبون الزائدَ على سدِّ الرَّمَق، أو صياحُهم كان لغير ذلك، وشرحُ بقيةِ الحديث في (البيع) في (باب إذا اشترى شيئًا لغيره)؛ نعم، هناك (فَرَق من الذرة)، وهنا (من الأرز)، فلعله كان منهما، والفَرَق بسكون الراء وفتحها: مِكيَالٌ يَسَعُ ستةَ عشرَ رطلًا.
وفي الحديث: فضلُ بِرِّ الوالدَين واجتنابِ المَحارم، وفضلُ الأمانة، وقال الطِّيبي: كرَّرَ لفظ (اللهم) في القرينة الثانية لأن هذا المقامَ أصعبُ المقامات؛ فإنه ردعٌ لهوى النفس، قال: وقال ذلك (البقر) باعتبار السواد، وأنَّث الضميرَ الراجعَ إلى (البقر) باعتبار جمعية الجنس.
* * *
6 - باب عُقوق الْوَالِدَيْنِ مِنَ الْكَبَائِرِ
(باب عقوق الوالدَين من الكبائر)
العُقوق: كلُّ فعلٍ يتأذَّى به الوالدُ، وأصلُه: الشقُّ والقطعُ، فهو شقُّ عصا طاعة الوالد.
5975 -
حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ،
عَنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ وَرَّادٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ، وَمَنْعَ وَهَاتِ، وَوَأْدَ الْبَنَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ".
الحديث الأول:
(الأُمَّهات) ذَكرَ ذلك إما لأنهنَّ أضعفُ، أو لعقوقهنَّ مزيةٌ، أو من باب الاكتفاء.
(ومنعًا وهات)؛ أي: منعُ ما هو عليكم، وطلبُ ما ليس لكم أخذُه، وقيل: نهيٌ عن منع الواجب من ماله وأقواله وأفعاله، واستدعاءُ ما لم يجب من الحقوق، وفي بعضها:(منع) بدون ألف، على لغة ربيعة في الكتابة بلا ألف تبعًا للوقف.
(ووَأْد) هو الدَّفن في القبر.
(قيل وقال) مشهورُ اللغة أنهما اسمانِ مُعرَبانِ يدخلهما الألفُ واللامُ، والمشهورُ في هذا الحديثِ بناؤُهما على الفتح، فعلانِ ماضيانِ، فالتقديرُ: عن قول قيل وقال، ومرفوعُهما ضميرٌ مستترٌ، ولو رُوِيَ بالتنوين لَكانَ جائزًا، ولكن يكونان مكتوْبَين بلا ألفٍ على لغة ربيعة، ثم إما أن يُرادَ بهما حكايةُ أقاويل: قال فلان كذا وقيل كذا، أو أمورُ الدنيا تُنقَل عن غير احتياطٍ ودليلٍ.
(وكثرة السؤال)؛ أي: المَسائل التي لا حاجةَ إليها أو الأموال، أو عن أحوال الناس، أو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ
أَشْيَاءَ} [المائدة: 101]، وسبق ذلك في (باب الزكاة).
* * *
5976 -
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْوَاسِطِيُّ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلَا أُنبَّئِّكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ "، قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ! قَالَ: "الإشْرَاكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ"، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ، فَقَالَ:"أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ، أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ"، فَمَا زَالَ يَقُولُهَا حَتَّى قُلْتُ لَا يَسْكُتُ.
(وعقوق) وهو وإن كان كبيرةً لكن عُدَّ من أكبر الكبائر، لأن الوالدَ من حيث الظاهرُ كالمُوجِد له صورةً، ولهذا قَرَنَ اللهُ تعالى الإحسانَ إليهما بتوحيده في:{وَقَضَى رَبُّكَ} الآية [الإسراء: 23].
(وقول الزُّور) وجهُ عدِّه من أكبرها: أن المرادَ به الكفرُ، فالكافرُ شاهدٌ بالزور وقائلٌ به، أو محمولٌ على المُستَحِلِّ.
قال في "الكشَّاف": جَمَعَ الشِّركَ وقولَ الزُّور في: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ} الآية [الحج: 30]؛ لأن الشِّركَ من باب الزُّور، لأن المُشرِكَ زاعمٌ أن الوَثَنَ تَحقُّ له العبادةُ، وكأنه قال: واجتَنِبَوا عبادةَ الأوثان التي هي رأسُ الزُّور، واجتَنِبُوا الزُّورَ كلَّه.
* * *