الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انتفاء التعدد عُلم من انتفاء الفساد؛ لكن الّذي في الحديث انتفاء الثّاني لانتفاء الأوّل؛ فإن انتفاء الرجاء لانتفاء العلم المذكور؛ كما في: لو حيَّيتني لأكرمتك؛ وكذا في الآية انتفاءُ الفساد لانتفاء التعدد، على تقدير غير ابن الحاجب.
واعلم أن القصد من الحديث: طلبُ التوسط بين الخوف والرجاء؛ أي: لا يكون مفرطًا في الرجاء بحيث يصير من المرجئة، ولا مفرطًا في الخوف بحيث يصير من الوعيدية؛ كما قال تعالى:{وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} [الإسراء: 57]، ومن تتبع الشّريعة، وجدها بهذا المنهج أصولًا وفروعًا، ففي صفات الله تعالى: لا يثبت بحيث يلزم التجسيم، ولا ينفي بحيث يلزم التعطيل، وفي أفعال العباد: لا يكون جبريًّا ولا قدريًّا؛ بل بأمر بين الأمرين، وفي الأئمة: لا يكون خارجيًّا، ولا رافضيًّا؛ بل سنيًّا، وفي العبادة: لا يجهر في الصّلاة، ولا يخافت؛ للآية، وفي المال: كما قال تعالى: {لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} [الفرقان: 67].
كِلَا طَرَفَيْ قَصْدِ الأُمُورِ ذَمِيمَةٌ
…
وَبَيْنَهُمَا نَهْجٌ لأَهْلِ الطَّرِيقَةِ
* * *
20 - باب الصَّبْرِ عَنْ مَحَارِمِ اللهِ، {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}
وَقَالَ عُمَرُ: وَجَدْنَا خَيْرَ عَيْشِنَا بِالصَّبْرِ.
(باب: الصبر عن محارم الله)
الصبر: حبسُ النفس، ويُعدّى تارة بـ (عن)؛ كصبر عن المعصية بكذا، وتارة بـ (على)؛ كصبر على الطّاعة بكذا، والصابرون في الآية يحتمل الأمرين.
* * *
6470 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أُنَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَسْأَلْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إلا أَعْطَاهُ، حَتَّى نِفَدَ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُمْ حِينَ نَفِدَ كُلُّ شَيْءٍ أَنْفَقَ بِيَدَيْهِ:"مَا يَكُنْ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ لَا أَدَّخِرْهُ عَنْكُمْ، وَإِنَّهُ مَنْ يَسْتَعِفَّ يُعِفَّه اللهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ، وَلَنْ تُعْطَوْا عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ".
الحديث الأوّل:
(ناسًا) في بعضها: (أُناسًا).
(أنفق) جملة حالية، أو اعتراضية، أو استثنائية.
(ما يكون) في بعضها: (ما يكن)، فـ (ما) إمّا موصولة، أو شرطية، ومر الحديث في (الزَّكاة).
(يَسْتَعْفِفْ) هو طلبُ العفة، وهو الكفُّ عن المحارم، وسؤالِ النَّاس.