الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال (خ): معناه: لا تتعرَّضْ لأسباب الغضب التي تجلبُه، وإلا فالغضبُ مطبوعٌ في الإنسان، لا يمكن إخراجُه من جِبلَّتِه، أومعناه: لا تَقُلْ ما يأمرُك به الغضبُ، ويَحملُك عليه من الأقوال والأفعال، وقال البَيضَاوي: لعله لمَّا رأى أن جميعَ المفاسد من شهوته وغضبه، والشهوةُ مكسورةٌ بالنسبة إلى ما يقتضيه الغضبُ، فأَرشَدَ السائلَ عما يُوصلُ إلى التحرُّزِ عن القبائح بنهيه عن الغضب، الذي هو أعظمُ ضررًا وأكثرُ وِزرًا، فإذا ملَكَها كان قد قَهَرَ أقوى أعدائه.
* * *
77 - باب الْحَيَاءِ
(باب الحَيَاءِ)
هو تغيُّر وانكسارٌ من خوفِ ما يُعَابُ به ويُذَمُّ.
6117 -
حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي السَّوَّارِ الْعَدَوِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "الْحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ"، فَقَالَ بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ: مَكْتُوبٌ فِي الْحِكْمَةِ: إِنَّ مِنَ الْحَيَاءِ وَقَارًا، وَإِنَّ مِنَ الْحَيَاءِ سَكِينَةً، فَقَالَ لَهُ عِمْرَانُ: أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَتُحَدِّثُنِي عَنْ صَحِيفَتِكَ.
الحديث الأول:
(لا يأتي إلا بخير) أي: لأنه مَن استَحيَا مِن الناس أن يَروه مُرتكبَ المَحارم، فذلك داعيةٌ إلى أن يكونَ أشدَّ حياءً من الله تعالى، والحياءُ من الله زاجرٌ عن ارتكاب معاصيه، وليس من الحياء أن يتركَ المواجهةَ بالحقِّ لِمُن يُعظمُه، ولا الإخلالُ ببعض الحقوق؛ بل هذا عجزٌ، ولذلك عرَّفَه بعضُهم شرعًا بأنه: خُلُقٌ يَبعثُ على ترك القبيح، ويمنع من التقصير في الحسن.
(بُشَير) بضم الموحدة وبمعجمة.
(في الحكمة)؛ أي: العلمُ الذي يُبحَثُ فيه عن أحوال حقائق الموجودات، وقيل: العلمُ المُتيقَّنُ الوافي.
(وَقارًا)؛ أي: الحِلْم والرَّزَانة.
(السَّكينة) هي الدَّعَةُ والسُّكونُ، وإنما غضب عمرانُ لأن الحُجَّةَ إنما هي في سُنَّةُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، لا فيما يَروِي عن كتب الحكمة؛ لأنه لا يُدرَى ما حقيقتُها، ولا يُعرَفُ صدقُها.
* * *
6118 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَجُلٍ وَهْوَ يُعَاتَبُ فِي الْحَيَاءِ يَقُولُ: إِنَّكَ لَتَسْتَحْيِي، حَتَّى كَأَنَّهُ يَقُولُ قَدْ أَضَرَّ بِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"دَعْهُ، فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الإِيمَانِ".
الثاني:
(مُعاتَب) بالبناء للمفعول، أي: يُلَامُ ويُذَمُّ.
(لتستحيي) بياءَين أو بواحدةٍ.
(دَعْه)؛ أي: اترُكْه.
(من الإيمان)؛ أي: شعبةٌ منه، فـ (من) للتبعيض، وقيل: كما أن الإيمانَ يمنعُ من المعصية ويحملُ على الطاعة، فكذلك الحياءُ، فصار بمساواته في ذلك من جنسه، وإلا فالحياءُ غريزةٌ، والإيمانُ فعلٌ، وقيل: الحياءُ قد يكون تخلُّقًا واكتسابًا، ويكون غريزةً، واستعمالُه على قانون الشرع يَحتاجُ إلى النيَّة والاكتساب، فهو بهذا الوجه من الإيمان.
* * *
6119 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مَوْلَى أَنَسٍ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ -اسْمُهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي عُتْبَةَ-: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا.
الثالث:
(العَذرَاء) البِكْر، وسبق قريبًا في (باب مَن لم يُواجِهِ الناسَ).
* * *