الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَمَا صنفوا، والفرقُ بينه وبين الأُمنية: أن الأمل ما أملته عن سبب، والتمني من غير سبب.
قال بعض العلماء الحكماء: الإنسان لا ينفكُّ من الأمل، فإن فاته، عوّل على التمني، وقالوا: من قصّر من أمله، كرمه الله تعالى بأربع كرامات؛ لأنه إذا ظن أنه يموت عن قريب، يجتهد في الطّاعة، وتقل همومه، فإنّه لا يهتم لما يستقبله من المكروه، ويرضى بالقليل، ويتنوّر قلبه.
* * *
5 - باب مَنْ بَلَغَ سِتِّينَ سَنَةً فَقَدْ أَعْذَرَ اللهُ إِلَيْهِ فِي الْعُمُرِ لِقَوْلهِ: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ}
(باب: من بلغ ستين سنةً، فقد أعذرَ الله إليه)
أي: أزال الله عذره، فلم يُبق فيه موضعًا للاعتذار حيث أمهلَه هذه المدةَ، ولم يعتذر، يقال: أعذر الرَّجل: إذا بلغ أقصى الغاية في العذر، فلا ينبغي له حينئذ إلا الاستغفار، والطاعة، والإقبال على الآخرة بالكلية، ولا يكون له على الله بعد ذلك حجة، فالهمزة للسلب، وقيل: معناه: أقام الله عذره في تطويل عمره وتمكينه من الطّاعة مدة مديدة.
* * *
6419 -
حَدَّثَنِي عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ مُطَهَّرٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ مَعْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْغِفَارِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"أَعْذَرَ اللهُ إِلَى امْرِئٍ أَخَّرَ أَجَلَهُ حَتَّى بَلَّغَهُ سِتِّينَ سَنَةً"، تَابَعَهُ أَبُو حَازِمٍ، وَابْنُ عَجْلَانَ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ.
الحديث الأوّل:
(ستين سنة) هي رابع الأسنان كما قاله الأطباء: سن الطفولة، وسن الشباب، وسن الكهولة، وسن الشيخوخة، وفيه يظهر ضعف القوة، ويتبين النقص، والانحطاط، ويجيئه نُذُر الموت، فهو وقت الإنابة إلى الله عز وجل.
(تابعه أبو حازم) وصله الإسماعيلي، وابن مَنْدَهْ.
(وابن عجلان) وصله أحمد، والبيهقي.
* * *
6420 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا أَبُو صَفْوَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَني سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا يَزَالُ قَلْبُ الْكَبِيرِ شَابًّا فِي اثْنتَيْنِ: فِي حُبِّ الدُّنْيَا، وَطُولِ الأَمَلِ".
قَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، وَابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَني سَعِيدٌ، وَأَبُو سَلَمَةَ.
الثّاني:
(الكبير)؛ أي: الشّيخ، وذكرُ هذا الحديث في الباب قبله أنسبُ.
(قال اللَّيث) وصله الإسماعيلي.
* * *
6421 -
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا قتادَةُ، عَنْ أَنسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يَكْبَرُ ابْنُ آدَمَ، وَيَكْبَرُ مَعَهُ اثْنَانِ: حُبُّ الْمَالِ، وَطُولُ الْعُمُرِ"، رَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ قتادَةَ.
الثّالث:
(يَكْبَرُ) بفتح الموحدة؛ أي: يطعَن في السن.
(يكبُر معه) بضم الموحدة؛ أي: يعظُم، فإن صحت الرِّواية في يكبر الثّانية بالفتح، فالجمع بينه وبين الحديث السابق الذي فيه ذكرُ الشباب: أن المراد بالشباب: الزيادة في القوة، وبالكبر: الزيادة في العدد، ذاك باعتبار الكيف، وهذا باعتبار الكم.
(اثنان) وجه التخصيص بهما: أن أحبَّ الأشياء إلى ابن آدم نفسُه، فيحب بقاءها، وهو العمر، وسببُ بقائها المال، فإذا أحسّ بالرحيل، قوي حبّه لذلك:
وَطِيبُ الكَرَى عِنْدَ الصَّبَاحِ يَطِيبُ