الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَا أَظُنُّ فُلَانًا وَفُلَانًا يَعْرِفَانِ مِنْ دِيننَا شَيئًا"، قَالَ اللَّيثُ: كَانَا رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ.
6068 -
حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بِهَذَا، وَقَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا وَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ! مَا أَظُنُّ فُلَانًا وَفُلَانًا يَعْرِفَانِ دِينَنَا الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ".
في بعضها: (ما يُكرَه)، وفي بعضها:(ما يجوز)، واستُشكل بأن الحديثَ صيغتُه نفيُ الظنِّ، وأُجيب: بأن المَنفيَّ فيه وفي مثلِه موضوعٌ لظنِّ النفي عُرفًا، ففي: ما أظنُّ زيدًا في الدار، أظنُّه ليس في الدار، وإنما عُدِلَ عن الأصل تحقيقًا للنَّصَفة، وأن صاحبَه بريءٌ من المُجازَفَة، حَرِيٌّ بالمُناصَفَة.
* * *
60 - باب سَتْرِ الْمُؤْمِنِ عَلَى نَفْسِهِ
(باب سترُ المؤمنِ على نفسِه)
6069 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِم بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "كُلُّ أُمَّتِي
مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ الْمَجَانَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللهُ، فَيَقُولَ: يَا فُلَانُ! عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ ويُصْبحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللهِ عَنْهُ".
الحديث الأول:
(إلا المُجاهِرون) في بعضها: (المجاهرين) بالنصب؛ وهو ظاهرٌ، ووجهُ الرفع أن العفوَ مُتضمِّنٌ معنى الترك، فكان الاستثناءُ من مَنفيٍّ، أو أن (إلا) بمعنى لكن، وما بعدَها مبتدأ حُذِفَ خبرُه، التقدير: لا يعافون، وإن كان الأصلُ أن يُذكَر، كما في الحديث:(فأَحرَمُوا كلُّهم إلا أبو قتادةَ لم يُحرِم).
قال ابن مالك: وبمثله تأوَّلُوا قراءةَ بعضِهم: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إلا قَلِيلًا} [البقرة: 249]، أي: إلا قليلٌ منهم لم يشربوا، والمُجاهِر: هو الذي جاهَرَ بمعصيته وأظهرَها، أي: فكلُّ واحدِ من أُمَّتي يُعفَى عن ذنبه، ولا يُؤاخَذ به إلا الفاسقُ المُعلِنُ.
(المَجَانَة) بالجيم وتخفيف النون: عدم المبالاة بقولٍ أو بفعلٍ.
(عملًا)؛ أي: معصية.
(علمتُ) بتاء المتكلم.
(ويُصبح) قال (ك): يدخل في الصباح، وفيه نظرٌ؛ فإنها ناقصةٌ لا تامةٌ.
* * *
6070 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قتادَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ: كَيفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي النَّجْوَى؟ قَالَ: "يَدْنُو أَحَدُكُمْ مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ: عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ فَتقُولُ: نَعَمْ. وَيَقُولُ: عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ فَيقُولُ: نَعَمْ، فَيُقَرِّرُهُ ثُمَّ يَقُولُ: إِنِّي سَتَرْتُ عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، فَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ".
الثاني:
(النَّجْوَى) المُسارَرَة، أي: التي تقعُ بين الله تعالى وعبده المؤمن يومَ القيامة.
(يدنُو)؛ أي: يُقرِّب منزلتَه ورتبتَه.
(كنفه)؛ أي: ستره، حتى تحيطَ به عنايتُه التامةُ.
(فيقول: عملتَ) بالخطاب.
(مرتَين) متعلق بالقول لا بالعمل.
(فيُقرِّره)؛ أي: يجعله مُقِرًّا، والحديثُ من المتشابه، ففيه الطريقان: التفويض، والتأويل، وفيه سعةُ رحمة الله تعالى، حيث يُذكِّرُه بالمعاصي سرًّا، ثم يَغفرُ له، وسبق الحديثُ في أول (كتاب المظالم)، ووجهُ دخولِ الحديثِ، وهو سترُ الله في الترجمة بالستر على نفسه: أن سترَ الله مُستلزِمٌ لسترِه، وقيل: لأن أفعالَ العباد مخلوقةٌ لله، أي: فسترُ العبدِ نفسَه هو سترُ اللهِ عليه.
* * *