الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
73 - بابٌ مَنْ كَفَّرَ أَخَاهُ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ فَهْوَ كَمَا قَالَ
(باب مَن أَكَفَرَ أَخَاه)
أي: دعاه كافرًا ونسبَه إلى الكُفر.
6103 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لأَخِيهِ: يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهِ أَحَدُهُمَا".
6103 / -م - وَقَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ، سَمِعَ أَبَا سَلَمَةَ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
الحديث الأول:
(لأخيه)؛ أي: أخوَّة الإسلام، قال تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10].
(فقد باءَ به)؛ أي: رجعَ به، لأنه إن كان صدوقًا في نفس الأمر فالمَقُولُ له كافرًا، وإن كان كذَّابًا، فالقائلُ كافرٌ؛ لأنه حَكَمَ بكون المؤمنِ كافرًا، والإيمانِ كفرًا، ولكن هذه المعصيةَ وإن لم يَكفُرْ بها المؤمنُ؛ لكنْ محمولٌ على المُستَحِلِّ، أو المعنى: رجعَ عليه التكفيرُ، أو كأنه كفَّرَ
نفسَه؛ لأنه كفَّرَ مَن هو مِثلُه، وقال بعضُهم: المرادُ بأحدهما هو القائلُ على قاعدة استعمال الكناية وترك التصريح بالسوء، كقول الرجل لِمَن يريد أن يُكذِّبَه: والله إن أحدَنا لَكاذبٌ، يريد خصمَه على التعيين، قال (خ): بأنه القائلُ إذ لم يكن له تأويلٌ، وهو على طريقة:{وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [سبأ: 24] وقال (ط): باءَ بإثمِ رميِه لأخيه بالكُفر، أي: رجعَ وِزْرُ ذلك عليه إن كان كاذبًا، وقيل: يرجعُ عليه إثمُ الكُفر؛ لأنه إذا لم يكن كافرًا، فهو مِثلُه في الدِّين، فيَلزَمُ من تكفيره تكفيرَ نفسه، لأنه مُساويه في الإيمان، فإن كان ما هو فيه كُفرًا فهو أيضًا فيه ذلك، وإن استحقَّ المَرميُّ به بذلك كُفرًا استحقَّ الرامي أيضًا، وقيل: المعنى: يَؤُولُ به ذلك إلى الكُفر؛ لأن المعاصي بريدُ الكُفرِ، ويُخَافُ على المُكثِرِ منها أن يكونَ عاقبةُ شؤمِها المصيرَ إليه.
(وقال عكرمة) وصلَه أَبو نُعيم في "المستخرج".
* * *
6104 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَيُّمَا رَجُلٍ قَالَ لأَخِيهِ: يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا".
الثاني:
في معنى الأول.
* * *
6105 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الإسْلَامِ كَاذِبًا فَهْوَ كمَا قَالَ، وَمَنْ قتلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، وَلَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ رَمَى مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهْوَ كَقَتْلِهِ".
الثالث:
(بَمِلَّةٍ غيرِ الإسلام) كأن يقول: إذا فعلتُ كذا فأنا يهوديٌّ، ومعنى (فهو كما قال)؛ أي: كاذبٌ لا كافرٌ، لأنه ما تعمَّد بالكذب الذي خاف عليه التزامَ المِلَّة التي حَلَفَ بها، بل كان ذلك على سبيل الخديعة للمحلوف له، فهو وعيدٌ، وأما مَن حَلَفَ بها وهو صادقٌ فيما حَلَفَ عليه فهو كتصحيح براءته من تلك المِلَّة، كما لو قال: أنا يهوديٌّ إن أكلتُ اليومَ، ولم يأكل فيه، فلم يتوجَّه عليه إثمٌ لفقدِ نيَّتِه على نفيها لنفي شرطها، لكن لا يَبْرَأ من المَلامة لمخالفة الحديث، وهو:(مَن كان حالفًا فَلْيَحلِفْ بالله)، وقال البَيضَاوي: ظاهرُه أنه يَحتمِلُ بهذا الحَلِفِ إسلامَه، ويصير يهوديًّا كما قالَ، ويَحتمل أن يُرادَ به التهديدُ والمبالغةُ في الوعيد، كأنه قال: فهو مُستحِقٌّ لِمِثلِ عذابِ ما قاله.
(عُذِّبَ به) إشارةٌ إلى عذابه من جنس عمله.
(فهو)، أي: الرمي.
(كقتلِه)؛ أي: في التحريم، أو في الإثم، أو في الإبعاد؛ فإن