الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مُتَضَعَّف) بكسر العين، وفتحها، أي: يستضعفُه الناسُ لضعف حاله في الدنيا.
(متواضع) مُتذلِّلٌ خاملُ الذِّكر.
(لو أقسمَ)؛ أي: لو أَقسَمَ يمينًا طمعًا في كرم الله بإبراره لأَبرَّه، وقيل: لو دعاه لأَجابَه.
(عُتُلّ) هو الغليظ الشديد العنيف.
(جوَّاظ) بفتح الجيم وتشديد الواو وبظاء معجمة: الجَمُوح المَنُوع، أو المُختال في مشيته، والمرادُ: أن أغلبَ أهلِ الجنة وأهلِ النار هؤلاء، وسبق الحديثُ في (سورة {ن وَالْقَلَمِ}).
(لَتأخذُ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم) المراد لازمُ ذلك، وهو الرِّفقُ والانقيادُ، أي: كان من خُلقِه أنه لو كان لأمَةٍ حاجةٌ إلى بعض مواضع المدينة، والتمسَتْ مساعدتَه واحتاج أن يَمشيَ معها لحاجتها لم يَتخلَّفْ، وفيه أنواعٌ من المبالغة؛ حيث ذَكرَ المرأةَ لا الرجلَ، والأَمَةُ من أيِّ الإماء كانت، لا الحُرَّة، وحيث قال:(حيث شاءت)، وعبَّر بالأخذ باليد الذي هو غايةُ التصرُّف ونحوه صلى الله عليه وسلم.
* * *
62 - باب الْهِجْرةِ
وَقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ".
(باب الهِجْرَة)
المرادُ بها هنا: مفارقةُ أخيه المؤمن، لا مفارقةُ الوطن.
* * *
6073 -
و 6074 و 6075 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَوْفُ بْنُ مَالِكِ بْنِ الطُّفَيْلِ، هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ، وَهْوَ ابْنُ أَخِي عَائِشَةَ زَوْج النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لأُمِّهَا، أَنَّ عَائِشَةَ حُدِّثَتْ: أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ فِي بَيْعٍ أَوْ عَطَاءٍ أَعْطَتْهُ عَائِشَةُ: وَاللهِ لتنْتَهِيَنَّ عَائِشَةُ، أَوْ لأَحْجُرَنَّ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: أَهُوَ قَالَ هَذَا؟ قَالُوا: نعمْ، قَالَتْ: هُوَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ، أَنْ لَا أُكُلِّمَ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَبَدًا، فَاسْتَشْفَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَيْهَا، حِينَ طَالَتِ الْهِجْرَةُ، فَقَالَتْ: لَا وَاللهِ لَا أُشَفِّعُ فِيهِ أَبَدًا، وَلَا أَتَحَنَّثُ إِلَى نَذْرِي، فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ كَلَّمَ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ، وَهُمَا مِنْ بَنِي زُهْرَةَ، وَقَالَ لَهُمَا: أَنْشُدُكُمَا بِاللهِ لَمَّا أَدْخَلْتُمَانِي عَلَى عَائِشَةَ، فَإِنَّهَا لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَنْذُرَ قَطِيعَتِي، فَأَقْبَلَ بِهِ الْمِسْوَرُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ مُشْتَمِلَيْنِ بِأَرْدِيَتِهِمَا حَتَّى اسْتَأْذَنَا عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالَا: السَّلَامُ عَلَيْكِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، أَنَدْخُلُ؟ قَالَتْ عَائِشَةُ: ادْخُلُوا. قَالُوا: كُلُّنَا؟ قَالَتْ: نعم ادْخُلُوا كُلُّكُمْ، وَلَا تَعْلَمُ أَنَّ مَعَهُمَا ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَلَمَّا دَخَلُوا دَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْحِجَابَ، فَاعْتَنَقَ عَائِشَةَ وَطَفِقَ يُنَاشِدُهَا وَيَبْكِي، وَطَفِقَ الْمِسْوَرُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ يُنَاشِدَانِهَا إِلَّا مَا كَلَّمَتْهُ وَقَبِلَتْ مِنْهُ،
وَيَقُولَانِ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عَمَّا قَدْ عَلِمْتِ مِنَ الْهِجْرَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، فَلَمَّا أَكثَرُوا عَلَى عَائِشَةَ مِنَ التَّذْكِرَةِ وَالتَّحْرِيج طَفِقَتْ تُذَكِّرُهُمَا وَتَبْكِي وَتَقُولُ: إِنِّي نَذَرْتُ، وَالنَّذْرُ شَدِيدٌ، فَلَمْ يَزَالَا بِهَا حَتَّى كَلَّمَتِ ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَأَعْتَقَتْ فِي نَذْرِهَا ذَلِكَ أَرْبَعِينَ رَقَبَةً، وَكَانَتْ تَذْكُرُ نَذْرَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَتَبْكِي، حَتَّى تَبُلَّ دُمُوعُهَا خِمَارَهَا.
الحديث الأول:
(الطُّفَيل) هو أخو عائشة، وفي "جامع الأصول": أن عَوْفًا هو ابنُ مالك بن الطُّفَيل، وقال الكَلَابَاذي: عَوْفُ بنُ الحَارثِ بنِ الطُّفَيل.
(حُدِّثت) بالبناء للمفعول.
(لَتنتهيَنَّ)؛ أي: هي.
(قالت: هو)؛ أي: الشأن.
(إن أُكلِّم) بصيغة الشرط، وهو الموافقُ لِمَا تقدَّم في (كتاب الأنبياء) في (مناقب قريش):(عليَّ نذرٌ إن كلَّمتُه)، وفي بعضها:(أن لا أُكلِّمَ) بفتح الهمزة وكسرها، بزيادة (لا)، والمقصودُ حَلِفُها على عدم التكلُّم معه.
(أُشفِّع) بكسر الفاء الشديدة، أي: لا أَقبَلُ الشفاعةَ فيه.
(ولا أتحنَّث إلى نذري)؛ أي: في يميني منتهيًا إليه.
(أنشدكما) بضم الشين، من: نَشَدتُ فلانًا: إذا قلتُ له: نَشَدتُك
اللهَ، أي: سألتُك بالله.
(لَمَا) بتخفيف الميم، و (ما) زائدة، وبتشديدها بمعنى: إلا، كما في:{إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} [الطارق: 4]، أي: ما أَطلبُ منكم إلا الإدخالَ.
قال في "المُفَصَّل": نشدتُك بالله إلا فعلتَ، معناه: لا أَطلبُ منك إلا فعلتَ.
(قطيعتي)؛ أي: قطيعة الرَّحِم؛ لأن عائشةَ خالتُه.
(يَناشُدانها)؛ أي: ما يطلبان منها إلا التكلُّمَ معه وقَبُولَ العذر منه.
(من الهجرة) بيانُ (ما قد عملتِ).
(من التذكرة)؛ أي: التذكُّر بالصلة وبالعفو وكظم الغيظ ونحوه.
(والتحريج)؛ أي: التضييق، والنسبة إلى الحرج، وأنه لا تحلُّ الهجرةُ ونحوه.
(وأَعتَقَت)؛ أي: كفَّارةً ليمينها، وعُلِمَ بذلك أن النذرَ المرادُ به اليمينُ، وسبق الحديثُ في (كتاب الأنبياء).
قال (ط): لم تَهجُرْ عائشةُ ابنَ الزُّبَير رضي الله عنه ثلاثةَ أيام؛ لأن الهَجرَ تركُ الكلام عند التلاقي، وعائشةُ لم تكن تلقَاه فتُعرِضُ عن السلام عليه، إنما كانت من وراء الحجاب، ولا يدخل عليها أحدٌ إلا بإذنٍ، فلم يكن ذلك من الهجرة، ويدل عليه لفظ:(يلتقيان فيُعرض)، ولم
يكن بينهما التقاءٌ وإعراضٌ، وأنها كانت أُمَّ المؤمنين وخالتَه، أدَّبَتْه بالهَجر على الكلام الذي قاله في حقِّها؛ لأنه كان كالعقوق لها، والهَجرُ جائزٌ لِمَن عَصَى.
* * *
6076 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنس بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ".
الثاني:
(فوق ثلاث)؛ أي: فما دونَها جائزٌ؛ لأن الآدميَّ مجبولٌ على الغضب وضيق الصدر وسوء الخُلق، والغالبُ أنه يزول من المؤمن أو يقلُّ بعدَ الثلاث.
* * *
6077 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاء بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ".