الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(لا حاجةَ له في الدنيا) عمَّمَتْ هذا اللفظَ للاستحياء من أن تُصرِّحَ بعدم حاجته إلى مُباشرتها، في الحديث: زيارةُ الصديق، ودخولُ داره في غَيبته، والإفطارُ للضيف، وكراهيةُ التشدُّد في العبادة، وأن الأفضلَ التوسُّطُ، وأن الصلاةَ آخرَ الليل أَولَى، ومَنقبَةٌ لسلمانَ؛ حيث صدَّقَه صلى الله عليه وسلم.
* * *
87 - بابٌ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْغَضَبِ وَالْجَزَعِ عِنْدَ الضَّيْفِ
(باب ما يُكرَه من الغَضَب والجَزَع عندَ الضَّيف)
الجَزَع: ضد الصبر.
6140 -
حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ تَضَيَّفَ رَهْطًا، فَقَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: دُونَكَ أَضْيَافَكَ، فَإِنِّي مُنْطَلِقٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَافْرُغْ مِنْ قِرَاهُمْ قَبْلَ أَنْ أَجِيءَ، فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَأَتَاهُمْ بِمَا عِنْدَهُ، فَقَالَ: اطْعَمُوا، فَقَالُوا: أَيْنَ رَبُّ مَنْزِلِنَا؟ قَالَ: اطْعَمُوا، قَالُوا: مَا نَحْنُ بِآكِلِينَ حَتَّى يَجيءَ رَبُّ مَنْزِلِنَا، قَالَ: اقْبَلُوا عَنَّا قِرَاكُمْ، فَإِنَّهُ إِنْ جَاءَ وَلَمْ تَطْعَمُوا لَنَلْقَيَنَّ مِنْهُ، فَأَبَوْا فَعَرَفْتُ أَنَّهُ يَجِدُ عَلَيَّ، فَلَمَّا جَاءَ تَنَحَّيْتُ عَنْهُ فَقَالَ:
مَا صَنَعْتُمْ فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ! فَسَكَتُّ، ثُمَّ قَالَ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ! فَسَكَتُّ، فَقَالَ: يَا غُنْثَرُ! أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ إِنْ كُنْتَ تَسْمَعُ صَوْتِي لَمَّا جِئْتَ، فَخَرَجْتُ، فَقُلْتُ: سَلْ أَضْيَافَكَ، فَقَالُوا: صَدَقَ أَتَانَا بِهِ، قَالَ: فَإِنَّمَا انْتَظَرْتُمُونِي، وَاللهِ لَا أَطْعَمُهُ اللَّيْلَةَ، فَقَالَ الآخَرُونَ: وَاللهِ لَا نَطْعَمُهُ حَتَّى تَطْعَمَهُ، قَالَ: لَمْ أَرَ فِي الشَّرِّ كَاللَّيْلَةِ، وَيْلَكُمْ مَا أَنْتُمْ لِمَ لَا تَقْبَلُونَ عَنَّا قِرَاكُمْ؟ هَاتِ طَعَامَكَ، فَجَاءَهُ فَوَضَعَ يَدَهُ فَقَالَ: بِاسْمِ اللهِ، الأُولَى لِلشَّيْطَانِ، فَأَكَلَ وَأَكَلُوا.
(تَضَيَّف رَهْطًا)؛ أي: اتخذَهم ضَيفًا.
(دونَك)؛ أي: خُذْهم والزَمْهم.
(قِرَاهم)؛ أي: ضيافتهم، وفي إضافة القِرَى إليهم لطفٌ، كقول الشاعر:
إذَا قَالَ قذْنِي قُلْتُ باللهِ حِلْفَةً
…
لَتُغْنِي عَنِّي ذَا إنَائِكَ أَجمَعَا
(لتلقَيَنَّ)؛ أي: الأذى وما يكرهُه.
(يجد)؛ أي: يغضب.
(يا غُنْثَر) بالمعجمة المضمومة والنون الساكنة والمثلثة المفتوحة: هو الجاهل، وقيل: اللئيم، وقيل: الثقيل، ويُروَى بالمهملة وبالمثناة المفتوحتين وسكون النون بينهما: هو الذباب، شبَّهَه بذلك تحقيرًا.
(لما جئت)؛ أي: ألا جئت، أي: لا أطلبُ منك إلا مجيئَك، أو (ما) زائدة.