الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
18 - باب الْقَصْدِ وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْعَمَلِ
(باب: القصد)
أي: استقامة الطريق، وما بين الإفراط والتفريط.
6461 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَشْعَثَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ مَسْرُوقًا قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَيُّ الْعَمَلِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَتِ: الدَّائِمُ، قَالَ: قُلْتُ: فَأَيَّ حِينٍ كَانَ يَقُومُ؟ قَالَتْ: كَانَ يَقُومُ إِذَا سَمعَ الصَّارِخَ.
الحديث الأوّل:
(يقوم)؛ أي: من النوم.
(الصارخ)؛ أي: الديك، أو المؤذن.
* * *
6462 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي يَدُومُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ.
الثّاني: مثله.
* * *
6463 -
حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَنْ يُنَجِّيَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ"، قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "وَلَا أَنَا، إلا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللهُ بِرَحْمَةٍ، سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاغْدُوا وَرُوحُوا، وَشَيْءٌ مِنَ الدُّلْجَةِ، وَالْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغُوا".
الثّالث:
(يتغمدني) بالمعجمة قبل الميم وبعدها مهملة، وتغمده: ستره، وهذا الاستثناء منقطع، ويحتمل الاتصال على نحو:{إلا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [الدخان: 56].
(سدِّدوا) من السداد -بالمهملة -، وهو القصدُ من القولِ، والعملِ، واختيارُ الصواب منهما.
(وقاربوا)؛ أي: لا تبلغوا النهاية؛ بل تقربوا منها.
(الدُّلجة) بضم الدال وفتحها: السير باللّيل، والإدْلاج -بسكون الدال-: السيرُ أولَه، وبتشديدها: السيرُ آخره.
(والقصد القصدَ) نصب على الإغراء؛ أي: الزموا الوسطَ والاستقامةَ.
(تبلغوا)؛ أي: المنزلَ الّذي هو مقصدُكم؛ شبه المتعبدين بالمسافرين، وقال: لا تستوعبوا الأوقات كلها بالسير؛ بل اغتنموا أوقات نشاطكم، وهو أول النهار وآخره، وبعض اللّيل، وارحموا
أنفسكم فيما بينهما؛ لئلا ينقطع بكم؛ قال تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ} الآية [الإسراء: 78]، وسبق الحديث في (الإيمان).
* * *
6464 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاعْلَمُوا أَنْ لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ، وَأَنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ أَدْوَمُهَا إِلَى اللهِ، وَإِنْ قَلَّ".
الرابع:
(لن يُدخل أحدًا منكم عملُه الجنةَ) وجهُ الجمع بين هذا وبين قوله تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الزخرف: 72]؛ أن الباء في الآية للإلصاق، أو المراد: جنة خاصّة هي بسبب الأعمال، أو أن دخوله الجنَّة بفضل الله، وهو المراد من الحديث، والدرجات فيها بالأعمال، وهو المراد بالآية.
قلت: ولا يخفى ما في هذا، وقد سبق ذلك في (كتاب الإيمان).
* * *
6465 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أنَّهَا قَالَتْ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟ قَالَ: "أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ"،
وَقَالَ: "اكْلَفُوا مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ".
الخامس:
(أَدْوَمُه وإن قَلَّ) لا تنافي بينهما من حيث إن الدوام استغراقُ الأوقات، فلا يكون قليلًا؛ بل هو غير مقدور؛ لأن المراد بالدوام: المواظبة العرفية، وهي الإتيان بها في كلّ شهر، أو كل يوم بقدر ما يطلق عليه عُرفًا اسم المداومة.
(اكْلَفوا) بألف وصل وفتح اللام، يقال: كَلِفْتُ به كلفًا: أُولعت به، وأَكْلَفَه غيرُه، وروي بألف قطع ولام مكسورة، ولا يصح عند اللغويين، والتكليفُ: الأمرُ بما يَشُقُّ.
(تُطيقون) فيه إشارةٌ إلى بذل المجهود وغاية السعي، وهو خلاف القصد من السياق، فيحمل على أن المراد: ما تطيقون دوامَه، ولا تعجزون عنه في المستقبل.
* * *
6466 -
حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ، قُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ! كَيْفَ كَانَ عَمَلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ هَلْ كَانَ يَخُصُّ شَيْئًا مِنَ الأَيَّامِ؟ قَالَتْ: لَا، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وَأَيُّكُمْ يَسْتَطِيعُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَطِيعُ؟
السادس:
(قالت: لا) قال (ط): لا يعارض ذلك قولها: ما رأيته أكثرَ صيامًا منه في شعبان؛ لأنه يكثر الأسفار، فلا يجد سبيلًا إلى صيام الثّلاثة الأيَّام من كلّ شهر، فيأتي بها في شعبان، وإنّما كان يوقع العبادة على قدر نشاطه، وفراغه من جهاده. قال: وإنّما حض أمته على القصد وإن قل؛ خشية الانقطاع عن العمل الكثير، فكان رجوعًا عن فعل الطاعات.
(دِيمة) بكسر الدال: مطرٌ يدوم بسكون، شبه به العمل، وأصلُه بواو، فقلبت ياءً؛ لوقوعها بعد كسرة.
* * *
6467 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا، فَإِنَّهُ لَا يُدْخِلُ أَحَدًا الْجَنَّةَ عَمَلُهُ"، قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟، قَالَ:"وَلَا أَنَا، إلا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللهُ بِمَغْفِرَةٍ وَرَحْمَةٍ".
قَالَ: أَظُنُّهُ عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ.
6467 / -م - وَقَالَ عَفَّانُ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"سَدِّدُوا وَأَبْشِرُوا"، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: سَدَادًا سَدِيدًا صِدْقًا.
السابع:
(وأبشروا) بهمزة قطع، وفي بعضها بالوصل وضم الشين؛ أي: أبشروا بالثواب على العمل وإن قل.
(بمغفرة) هي ستر الذنوب.
(ورحمة) هي إيصال الخير.
(قال: أظنه)؛ أي: قال محمّد بن الزِّبْرِقَان: أظن موسى روى هذا الحديث بواسطة أبي النضر عن أبي سلمة؛ بخلاف الطريق السابقة؛ فإنه بلا واسطة.
(وقال عفان) إنّما عبر بلفظ (قال)؛ لأنه بمذاكرة الحديث، لا بتحديث، ووصله أحمد في "المسند".
* * *
6468 -
حدثني إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَنسٍ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى لَنَا يَوْمًا الصَّلَاةَ، ثُمَّ رَقِيَ الْمِنْبَرَ فَأَشَارَ بِيَدِهِ قِبَلَ قِبْلَةِ الْمَسْجدِ، فَقَالَ: "قَدْ أُرِيتُ الآنَ مُنْذُ صَلَّيْتُ لَكُمُ الصَّلَاةَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ مُمَثَّلَتَيْنِ فِي قُبُلِ هَذَا الْجدَارِ، فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ؟.
الثّامن:
(رَقِي) بكسر القاف؛ أي: صَعِد.