الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآيتان، ففيهما ما لا شك فيه أن المال خير، وإنما النزاع في الأفضلية، لا في الأفضل، أو المراد بالإغناء في الآية الثّانية: غنى النفس، وأمّا قصة وفاته [فلا نسلم الإيسار إذ كان](1) ما أفاء الله عليه جعله صدقة؛ فأين اليسار، ودرعه مرهونة على قليل شعير؟! وأمّا غنى الله تعالى، فليس بمعنى الغنى الّذي نحن فيه.
* * *
17 - باب كَيْفَ كَانَ عَيْشُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ، وَتَخَلِّيهِمْ مِنَ الدُّنْيَا
(باب: كيف كان عيش النَّبيّ صلى الله عليه وسلم؟)
6452 -
حَدَّثَنِي أَبُو نُعَيْمٍ بِنَحْوٍ مِنْ نِصْفِ هَذَا الْحَدِيثِ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، حَدَّثَنَا مُجَاهِدٌ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَقُولُ: اللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إلا هُوَ إِنْ كُنْتُ لأَعْتَمِدُ بِكَبِدِي عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْجُوعِ، وَإِنْ كُنْتُ لأَشُدُّ الْحَجَرَ عَلَى بَطْنِي مِنَ الْجُوعِ، وَلَقَدْ قَعَدْتُ يَوْمًا عَلَى طَرِيقِهِمُ الَّذِي يَخْرُجُونَ مِنْهُ، فَمَرَّ أَبُو بَكْرٍ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ، مَا سَأَلْتُهُ إلا لِيُشْبِعَنِي، فَمَرَّ وَلَمْ يَفْعَلْ، ثُمَّ مَرَّ بِي عُمَرُ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ، مَا سَأَلْتُهُ إلا لِيُشْبِعَنِي، فَمَرَّ فَلَمْ يَفْعَلْ، ثُمَّ مَرَّ بِي أَبُو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم
(1) ما بين معكوفتين من "الكوكب الدراري"(22/ 216).
فَتَبَسَّمَ حِينَ رَآنِي، وَعَرَفَ مَا فِي نفسِي وَمَا فِي وَجْهي، ثُمَّ قَالَ:"أَبَا هِرٍّ! "، قلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ!، قَالَ:"اِلْحَقْ"، وَمَضَى فَتَبِعْتُهُ، فَدَخَلَ فَاسْتَأْذَنَ، فَأَذِنَ لِي، فَدَخَلَ فَوَجَدَ لَبَنًا فِي قَدَحٍ، فَقَالَ:"مِنْ أَينَ هَذَا اللَّبَنُ؟ "، قَالُوا: أَهْدَاهُ لَكَ فُلَانٌ أَؤ فُلَانَةَ، قَالَ:"أَبَا هِرٍّ! "، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ! قَالَ: "الْحَقْ إِلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ فَادْعُهُمْ لِي"، قَالَ: وَأَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافُ الإِسْلَامِ، لَا يَأْوُونَ إِلَى أَهْلٍ وَلَا مَالٍ، وَلَا عَلَى أَحَدٍ، إِذَا أَتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ، وَلَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهَا شَيْئًا، وَإِذَا أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، وَأَصَابَ مِنْهَا وَأَشْرَكَهُمْ فِيهَا، فَسَاءَنِي ذَلِكَ، فَقُلْتُ: وَمَا هَذَا اللَّبَنُ فِي أَهْلِ الصُّفَّةِ؟ كُنْتُ أَحَقَّ أَنَا أَنْ أُصِيبَ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ شَرْبَةً أَتَقَوَّى بِهَا، فَإِذَا جَاءَ أَمَرَنِي، فَكُنْتُ أَنَا أُعْطِيهِمْ، وَمَا عَسَى أَنْ يَبْلُغَنِي مِنْ هَذَا اللَّبَنِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ طَاعَةِ اللهِ وَطَاعَةِ رَسُولهِ صلى الله عليه وسلم بُدٌّ، فَأَتَيْتُهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ، فَأَقْبَلُوا، فَاسْتَأْذَنُوا فَأَذِنَ لَهُمْ، وَأَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ مِنَ الْبَيْتِ، قَالَ:"يَا أَبَا هِرٍّ! "، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "خُذْ فَأَعْطِهِمْ"، قَالَ: فَأَخَذْتُ الْقَدَحَ فَجَعَلْتُ أُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ، فَاُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ رَوِيَ الْقَوْمُ كلُّهُمْ، فَأَخَذَ الْقَدَحَ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ، فَنَظَرَ إِلَيَّ فَتَبَسَّمَ، فَقَالَ:"أَبَا هِرٍّ! "، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ! قَالَ: "بَقِيتُ أَنَا وَأَنْتَ"، قُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللهِ!
قَالَ: "اقْعُدْ فَاشْرَبْ"، فَقَعَدْتُ فَشَرِبْتُ، فَقَالَ:"اشْرَبْ"، فَشَرِبْتُ، فَمَا زَالَ يَقُولُ:"اشْرَبْ" حَتَّى قُلْتُ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا، قَالَ:"فَأَرِنِي"، فَأَعْطَيْتُهُ الْقَدَحَ فَحَمِدَ اللهَ وَسَمَّى، وَشَرِبَ الْفَضْلَةَ.
الحديث الأوّل:
(حدثني أبو نُعيم بنحو نصف هذا الحديث) قد رواه النَّسائيُّ، والحاكم، وأبو نعيم في "الحلية" بتمامه، وأمّا إبهام البخاريّ النّصف، وكونه يلزم منه أن يبقى النّصف الآخر بلا إسناد، فجوابه كما قال (ك): أنه اعتمد على ما ذكر في (الأطعمة) من طريق يوسف بن عيسى قريبًا من نصف هذا الحديث، فلعلّه أراد هنا بالنصف المذكور لأبي نُعيم ما لم يذكره هنا، فيصير الكل مُسْنَدًا، بعضه بطريق يوسف، والبعض الآخر من طريق أبي نُعيم، ثمّ قال: قال صاحب "التلويح" مُغُلْطاي المصري: ذكر الحديث في (الاستئذان) مختصرًا، وكان هذا هو النّصف المشار إليه هنا، وأقول: ليس ما ذكره ثَمَّة نصفه، ولا ثلثه، ولا ربعه، ثمّ إن المحذور منه هو خلو البعض بلا إسناد لازم كما كان؛ نعم أفاد تقريره أن بعضه مكرر الإسناد، ولا كلام فيه، انتهى.
وقال (ش): هذا الموضع من عُقد الكتاب، فإنّه لم يذكر من حدثه بالنصف الآخر، ويمكن أن يقال: اعتمد على السند الآخر الّذي تقدّم له في (الاستئذان)، انتهى.
(والله) في بعضها: (الله) -بالنصب- قَسَمٌ حذف منه حرف الجر، ويجوز الجر؛ قال ابن جني: إذا حذف حرف القسم، نصب الاسم بعده بالفعل المقدر، تقول: اللهَ لأذهبنَّ، ومن العرب من يجر اسم الله وحده مع حذف حرف الجر، فيقول: اللهِ لأقومنَّ؛ لكثرة استعمالهم.
(إن كنت)، (إن) مخففة من الثقيلة.
(لأعتمدُ بكبدي) هو ممّا يسكن.
(أشدُّ الحجر) قال (خ): أشكل الأمر في شد الحجر على قوم، حتّى توهموا أنه تصحيف من الحجز -بالزاي- جمع الحجزة الّتي يشدها الإنسان وسطه، لكن من أقام بالحجاز عرف عادة أهله؛ فإن المجاعة تصيبهم كثيرًا، فإذا خَوي البطن، لم يكن معه الانتصاب، فيعمد حينئذ إلى صفائح رقاق في طول الكف تربط على البطن، فتعتدل القامة بعض الاعتدال؛ أي: فتكون الفائدةُ في ذلك المساعدةَ على الاعتدال والانتصاب، وقيل: الفائدةُ: المنعُ من كثرة التحلل من الغذاء الّذي في البطن؛ لكونها حجارة رقاقًا ربما تشد طريق الأمعاء، وإذا امتنع تحلل ذلك، يكون الضعفُ أقلَّ، أو أن ذلك يقلل حرارةَ الجوع ببرودة الحجر، أو أن ذلك إشارة إلى كسر النفس، وإلقامها الحجر، ولا يملأ جوفَ ابنِ آدم إلا الترابُ.
قال بعض الحكماء: الشبّ يقوي المعدة.
(ليُشبعَني) من الإشباع، وفي بعضها:(ليستتبعني)، استفعال،
وهي رواية أبي الهيثم.
(ما في نفسي)؛ أي: من الجوع، وطلب الطّعام.
(في وجهي)؛ أي: من صفرة اللون، ورثاثة الهيئة.
[(أبا هو) قال (ش): بتخفيف الراء وتشديدها: منادى مضاف، والهِرِّ الذكر، وإنما كناه بابي هر؛ لأنه وجد هرة في الطريق، فأخذها، فأتى بها رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أنت أبو هِرّ.
(الحَق)؛ أي: اتبعني.
(لي) تنازع فيه الفعلان.
(وأهلُ الصفة أضيافُ الاسلام) سبق أنهم سبعون نفسًا، وأن الحاكم في "الإكليل"، والسلمي، وابن الأعرابي، وأبا نُعيم في "الحلية" عُنوا بسرد أسمائهم.
(فدخل) الثّانية تكرار للأول، وقيل: المراد بالأول: إرادة الدخول، فالاستئذان يكون لنفسه صلى الله عليه وسلم.
(وما عسى)؛ أي: أقول في نفسي: وما عسى أن يحصل لي من هذا اللبن مع هذا الجمع؟ والظاهر أن كلمة (عسى) مقحمة.
(فأتيتهم فدعوتهم) ذكرُه بعدُ: (فكنت أنا أُعطيهم)، يُشعر بأن الإتيان والدعوة بعد الإعطاء، والأمرُ بالعكس؛ لكن إذا جعل:(فكنتُ أنا أُعطيهم) عطفًا على جواب الشرط، وهو:(فإذا جاؤوا)، كان بمعنى الاستقبال داخلًا تحت القول، والتقدير: عند نفسه.
(يَرْوَى) بفتح الواو؛ كرضِي يرضَى.
(الرَّجل)؛ أي: الجنس؛ أي: كلّ رجل رجل منهم.
قال (ك): الرَّجل الثّاني معرفة معادة، فيكون هو الأوّل بعينه على القاعدةُ النحوية؛ لكن المراد: وغيره، وأجاب: بأن ذلك حيث لا قرينةُ، ولفظ:(حتّى انتهيت) قرينة المغايرة؛ كما في قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} الآية [آل عمران: 26].
(فحمد الله)؛ أي: على البركة، وظهورِ المعجزة.
وفي الحديث: أن كتمان الحاجة أولى من إظهارها، وإن جاز له الأخبار بباطن أمره لمن يرجو منه كشف ما به، واستخباب الاستئذان، وإن كان في بيت أهله، والسؤال عن الوارد إلى البيت، وتشريك الفقراء فيه، وشرب الساقي وصاحب الشراب آخرًا، والحمد على الخير، والتسمية عند الشرب، وامتناعه صلى الله عليه وسلم من الصَّدقة، وأكله الهدية.
* * *
6453 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا قَيْسٌ قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدًا يَقُولُ: إِنِّي لأَوَّلُ الْعَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَرَأَيْتُنَا نَغْزُو، وَمَا لنا طَعَامٌ إلا وَرَقُ الْحُبْلَةِ وَهَذَا السَّمُرُ، وَإِنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ كَمَا تَضَعُ الشَّاةُ، مَا لَهُ خِلْطٌ، ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ تُعَزِّرُني عَلَى الإِسْلَامِ، خِبْتُ إِذًا وَضَلَّ سَعْيِي.
الثّاني:
(لأوّل العرب رمى)؛ أي: لأنه كان في أول قتال جرى في الإسلام، وهو أول من رمى إلى الكفار.
(الحبلة) بضم المهملة وسكون الموحدة، وقيل: بفتحهما أيضًا: ثمر السلم، يشبه اللوبياء، أو ثمر عامة العضاه، أو بقلة.
(السَّمُر) بضم الميم: شجر.
(ماله خِلْط)؛ أي: لجوعهم يخرج منهم مثلَ البَعْر، لا يختلط بعضه ببعض؛ لجفافه.
(بنو أسدٍ) قبيلة.
(تُعزرني)؛ أي: تؤدِّبني على أحكام الدّين، وتعلّمني توقفي عليها، وذلك أنهم كانوا قالوا لعمر: إنّه لا يحسن يصلّي، فقال: إن كنت محتاجًا إلى تعليمهم، فقد خِبْتُ وَضلَّ عملي، وضاع سعمى فيما مضى، وفيما صلّيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، حاشاه من ذلك رضي الله عنه، مر في (كتاب الأطعمة).
* * *
6454 -
حَدَّثَنِي عُثْمَانُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا شَبعَ آلُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ مِنْ طَعَامِ بُرٍّ ثَلَاثَ لَيَالي تِبَاعًا حَتَّى قُبِضَ.
الثّالث:
(عثمان)؛ أي: ابن محمّد بن أبي شيبة.
(تِباعًا) بكسر المثناة؛ أي: متتابعة.
* * *
6455 -
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، هُوَ الأَزْرَقُ، عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ، عَنْ هِلَالٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: مَا أَكَلَ آلُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم أَكْلَتَيْنِ فِي يَوْمٍ، إلا إِحْدَاهُمَا تَمْرٌ.
الرابع:
(أُكلتين) بضم الهمزة وفتحها.
* * *
6456 -
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ، عَنْ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ فِرَاشُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَدَمٍ، وَحَشْوُهُ مِنْ لِيفٍ.
الخامس:
(أَدَم) بفتح الهمزة والمهملة.
* * *
6457 -
حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا قتادَةُ قَالَ: كُنَّا نَأْتِي أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَخَبَّازُهُ قَائِمٌ، وَقَالَ: كلُوا، فَمَا أَعْلَمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَغِيفًا مُرَقَّقًا، حَتَّى لَحِقَ بِاللهِ، وَلَا رَأَى شَاةً سَمِيطًا بِعَيْنِهِ قَطُّ.
السادس:
(سميطًا)؛ أي: مسموطًا: منزوعًا شعرُها بالماء الحار، وإنّما لم يقل: سميطة؛ لأن فعيلًا بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث، أو أن الشاة لا يتبين مذكرها من مؤنثها إلا بالوصف؛ كشاةٍ وحشيٍّ ووحشيّةٍ، وسبق الحديث في (الأطعمة)، والمراد: أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن متنعمًا في المأكولات.
* * *
6458 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَّنَى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ يَأْتِي عَلَيْنَا الشَّهْرُ مَا نُوقدُ فِيهِ نَارًا، إِنَّمَا هُوَ التَّمْرُ وَالْمَاءُ، إلا أَنْ نُؤْتَى بِاللُّحَيْم.
السابع:
(إنما هو)؛ أي: طعامنا.
(نؤتى) بنون الجمع.
(باللحم) في بعضها: (باللُّحيم) بالتصغير.
* * *
6459 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأُوَيْسِيُّ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لِعُرْوَةَ: ابْنَ أُخْتِي! إِنْ كنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلَالِ ثَلَاثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ، وَمَا أُوقِدَتْ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَارٌ، فَقُلْتُ: مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ؟ قَالَتِ: الأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ، إلا أنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ لَهُمْ مَنَائِحُ، وَكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَبْيَاتِهِمْ، فَيَسْقِينَاهُ.
6460 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"اللَّهُمَّ ارْزُقْ آلَ مُحَمَّدٍ قُوتًا".
الثّامن:
(يُعيشكم) بضم أوله، قال في "المُحْكم": أعاشَهُ الله.
قال ابنُ أبي دُواد -وسأله أبوه: ما الّذي أعاشك؟ -، فأجابه:
أَعَاشَنِي بَعْدَكَ وَادٍ مُبْقِلُ
…
آكُلُ مِنْ جرذَانِهِ وأَنسلُ
(قوتًا)، أي: المسكة من الرزق، وفيه: فضلُ الكفاف، وأخذُ البُلْغَة من الدنيا، والزهدُ فيما فوق ذلك رغبةً في توفير نعمة الآخرة.
* * *