الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزيادة، فهو لشدة شرههِ، وحرصِه على جمعه كأنه فقير.
* * *
16 - باب فَضْلِ الْفَقْرِ
(باب: فضل الفقر)
6447 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ: أَنَّهُ قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لِرَجُلٍ عِنْدَهُ جَالِسٍ:"مَا رَأْيُكَ فِي هَذَا؟ "، فَقَالَ: رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ، هَذَا وَاللهِ حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ، قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ مَرَّ رَجُلٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"مَا رَأَيُكَ فِي هَذَا؟ "، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! هَذَا رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ، هَذَا حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لَا يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لَا يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ لَا يُسْمَعَ لِقَوْلِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"هَذا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هَذَا".
الحديث الأوّل:
(فقال لرجل عنده) هو أبو ذر كما رواه ابن حِبّان من طريقه.
(ثمّ مر رجل) هذا الفقير المار: جُعَيْلٌ الضَّبِّيُّ كما في "مسند الرُّويَاني" ما يشعر به.
(حَرِيٌّ)؛ أي: جدير.
(أن لا يُشَفَّع) بتشديد الفاء المفتوحة؛ أي: لا تقبل شفاعته.
(لا يسمع)؛ أي: لا يلتفت إليه.
(مثلَ) منصوب على التمييز.
قلت: وخفضُه صفةً لا يمتنع، وسبق الحديث في (النِّكاح) في (باب الأكفاء).
* * *
6448 -
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ عُدْنًا خَبابًا، فَقَالَ: هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نُرِيدُ وَجْهَ اللهِ، فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْخُذْ مِنْ أَجْرِهِ، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتَرَكَ نَمِرَةً، فَإِذَا غَطَّيْنَا رَأْسَهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ بَدَا رَأْسُهُ، فَأَمَرَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُغَطِّيَ رَأْسَهُ، وَنَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الإِذْخِرِ، وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهْوَ يَهْدُبُهَا.
الثّاني:
(فوقع)؛ أي: ثبت، فهو كواجب الوقوع بمقتضى وعده الصادق.
(أجره) سواء في الآخرة، أو في الدنيا.
(أينعت)؛ أي: حان قطافها، واليانع: النضيج.
(يهدبها) بكسر الدال المهملة وضمها وبالموحدة؛ أي: يجتنيها
ويقتطفها، سبق في (الجنائز).
* * *
6449 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرُ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ، وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءَ".
تَابَعَهُ أَيُّوبُ، وَعَوْفٌ، وَقَالَ صَخْرٌ، وَحَمَّادُ بْنُ نَجيحٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
الثّالث:
سبق في (بدء الخلق) في (باب صفة الجنَّة).
(تابعه أَيّوب)؛ أي: السَّخْتِيَاني.
(وعوف)؛ أي: الأعرابي، وقد وصلهما في (النِّكاح).
(وقال صخر)؛ أي: ابن جُويرية.
(وحماد) وصلهما النَّسائيُّ، وابن مندَهْ.
* * *
6450 -
حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنسٍ رضي الله عنه قَالَ: لَمْ يَأَكلِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى خِوَانٍ حَتَّى مَاتَ، وَمَا أَكَلَ خُبْزًا مُرَقَّقًا حَتَّى مَاتَ.
الرابع:
(خوان) بكسر المعجمة وضمها: ما يؤكل عليه الطّعام عند أهل التنعم؛ أي: المائدة، ويقال فيه: أخوان.
* * *
6451 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: لَقَدْ تُوُفِّي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَمَا فِي رَفِّي مِنْ شَيْءٍ يأَكَلُهُ ذُو كَبِدٍ، إلا شَطْرُ شَعِيرٍ فِي رَفٍّ لِي، فَأَكَلْتُ مِنْهُ حَتَّى طَالَ عَلَيَّ، فَكِلْتُهُ، فَفَنِيَ.
الخامس:
(رَفّ) هو خشبة عريضة يغرز طرفها في الجدار، وهو شبه الطاق في البيوت.
(ذو كبد)؛ أي: حيوان.
(شطر)؛ أي: بعض.
(فكِلْتُه، ففني) سبق في (البيع) في (باب الكيل) قوله صلى الله عليه وسلم: "كِيلُوا طَعَامَكُمْ يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ"، ووجهُ الجمع كما سبق: أن الكيل عند ابتداء البيع سببُ البركة، وتركه عند النفقة سببُ البركة، أو المراد بكيله بشرط أن يبقى الباقي مجهولًا.
* تنبيه:
مر في تفضيل الفقير الصابر على الغني الشاكر قولان؛ ومن قال بالثّاني قال: ليس في هذه الأحاديث تفضيل الفقير الصابر عليه؛ إذ حديث سهل يحتمل أن يكون خيريته لفضيلة أُخرى فيه؛ كالإسلام، وحديث خَباب ليس فيه دلالة على فضله، فضلًا عن أفضليته؛ إذ المقصود منه: أن من بقي إلى فتح البلاد، ونيل الطَّيِّبات خَشُوا أن تكون عجل لهم أجر طاعتهم بما نالوا منها؛ إذ كانوا على نعيم الآخرَة أحرصَ، وحديثُ عمرانَ يحتمل أنه خبر عن الواقع؛ أي: إن أكثر أهل الدنيا الفقراء. وأمّا تركُه صلى الله عليه وسلم الأكلَ على الخِوان، والمرقَّق؛ فلأنه لم يرض أن يتعجل من الطَّيِّبات؛ وكذا حديث عائشة، ويُعارض باستعاذته صلى الله عليه وسلم من الفقر، وبقوله تعالى:{إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} [البقرة: 180]؛ أي: مالًا، {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى} [الضحى: 8]، وبأنه صلى الله عليه وسلم توفي في أكمل حالاته وهو موسرٌ بما أفاء الله عليه، وبأن الغنى وصفٌ للحق، والفقر وصفٌ للخلق.
وأجاب من قال بالأول: بأن السياق يدلُّ على ترجيح الفقراء؛ إذ الترجيح بالإسلام ونحوه لا حاجة له إلى البيان، وبأن من لم ينقص من أجره شيء في الدنيا يكون أفضل وأكثر ثوابًا عند الله في القيامة، وبأنّ الإيماء إلى أنّ علة دخول الجنَّة الفقر يُشعر بأفضليته، وَتَرْكُ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم دليل على ذلك؛ لأنه اختاره ليكون ثوابه في القيامة أكثر، وأمّا حديث الاستعاذة من الفقر، فمعارض بحديث استعاذته من الغنى، وأمّا