الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللَّعنَ يُبعدُ من رحمة الله، والقتلَ يُبعدُ من الحياة، فوجهُ التشبيه هنا أظهرُ؛ لأن النسبةَ إلى الكُفر المُوجِب للقتل كالقتل في أن المُسبِّبَ للشيء كفاعله.
* * *
74 - باب مَنْ لَمْ يَرَ إِكْفَارَ مَنْ قَالَ ذلِكَ مُتأَوِّلًا أَوْ جَاهِلًا
وَقَالَ عُمَرُ لِحَاطِبٍ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"وَمَا يُدْرِيكَ؟ لَعَلَّ اللهَ قَدِ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ".
(باب مَن لَمْ يَرَ إكفارَ مَن قالَ ذلك متأوِّلًا أو جاهلًا)
قوله: (وقال عُمر) موصولٌ في (المغازي).
(لحاطب)؛ أي: لأجل حاطب، وإلا لقال: إنك منافقٌ، والقصدُ أن المُتأوِّلَ في تكفير الغير معذورٌ غيرُ آثمٍ، ولذلك عَذرَ صلى الله عليه وسلم عُمرَ في نسبته النفاقَ إلى حاطبٍ، لتأويله ظنًّا بأنه بما كتبَ إلى المشركين يصير منافقًا.
* * *
6106 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَادَةَ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا سَلِيمٌ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ رضي الله عنه -
كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ يَأْتِي قَوْمَهُ فَيُصَلِّي بِهِمُ الصَّلَاةَ، فَقَرَأَ بِهِمُ الْبَقَرَةَ، قَالَ: فتَجَوَّزَ رَجُلٌ فَصَلَّى صَلَاةً خَفِيفَةً، فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاذًا، فَقَالَ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ، فَبَلَغَ ذَلِكَ الرَّجُلَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّا قَوْمٌ نَعْمَلُ بِأَيْدِينَا، وَنَسْقِي بِنَوَاضِحِنَا، وَإِنَّ مُعَاذًا صلَّى بِنَا الْبَارِحَةَ، فَقَرَأَ الْبَقَرَةَ فتَجَوَّزْتُ، فَزَعَمَ أَنِّي مُنَافِقٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"يَا مُعَاذُ! أَفَتَّانٌ أَنْتَ، ثَلَاثًا، اقْرَأْ: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} وَ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} وَنَحْوَهَا".
الحديث الأول:
(فتجوَّز)؛ أي: خفَّف، وكانت العِشاءُ كما سبق في (أبواب الصلاة بالجماعة).
(بنَواضِحِنا) جمع: ناضح، وهو البعير الذي يُستقَى عليه، والغرضُ: أنه صلى الله عليه وسلم عذرَ مُعاذًا في قوله للمتجوِّز: منافق؛ لأنه يتأوَّلُ أن التاركَ للجماعة منافقٌ.
* * *
6107 -
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ مِنْكُمْ فَقَالَ فِي حَلِفِهِ: بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى، فَلْيَقُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ: تَعَالَ أُقَامِرْكَ، فَلْيَتَصَدَّقْ".
الثاني:
(إسحاق) قال ابن السَّكَن: هو ابن رَاهَوَيه، وقال الكَلَابَاذي: إنه ابنُ منصور.
(فَلْيَقُلْ: لا إلهَ إلا اللهُ)؛ أي: لأنه تَعَاطَى صورةَ تعظيمِ الأصنام حين حَلَفَ بها، فأُمِرَ أن يَتَدارَكَه بكلمة التوحيد.
(أُقامِرْك) إنما قرنَ القِمَارَ بالصنم تأسِّيًا بقوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} الآية [المائدة: 90].
(فَلْيَتصدَّقْ)؛ أي: فيكون كفَّارةَ دعائه لذلك التصدُّق بما تيسَّر، وقيل: بمقدار ما أَمرَ أن يُقامرَ به.
قال (ط): ليس فيه تجويزُهما؛ بل أن مَن نَسِيَ أو جهلَ، فحَلَفَ به فكفَّارتُه التكلُّمُ بالكلمة؛ لأنه قد تقدَّم نهيُهم عن الحَلف بغير الله، فعذرَ الناسي والجاهلَ، ولذلك سوَّى البخاريُّ في ترجمته بين الجاهل والمُتأوِّل في سقوط الحَرَج، وأيضًا عذرَهم لقربِ عهدِهم بجري ذلك على ألسنتهم في الجاهلية.
* * *
6108 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّهُ أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي رَكْبٍ وَهْوَ يَحْلِفُ بابيهِ، فَنَادَاهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"أَلَا إِنَّ اللهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بآبائِكُمْ، فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللهِ، وَإِلَّا فَلْيَصْمُتْ".