الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هُوَ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ".
(عن أبيه) اسمه كَيسان، ولا ينافي ما سبق أن سعيدًا يَروِي عن أبي هريرةَ؛ لأنه يَروِي عن أبي هريرةَ بواسطةٍ وبدونها.
(يا نساءَ المُسلِمات) بنصبِ (النساء) وجرِّ (المسلمات)، من إضافة الموصوف إلى صفته، أي: يا نساءَ الأنفسِ المُسلِماتِ، وقيل: يا فاضلاتِ المُسلِماتِ، كما يقال: رجالُ القوم، أي: ساداتُهم وأفاضلُهم، وبرفعهما، وبرفع (النساء) ونصب (المسلمات)، نحو: يا زيدُ العاقلَ.
(لا تَحقِرَنَّ) النهي إما للمعصية، أي: لا تَمنع جارةٌ من الصدقة لجارتها لاستقلالها واحتقارها؛ بل تجود بما تيسَّر، وإن كان قليلًا، وإما للمُعطَاة المُتصدَّق عليها.
(ولو فِرْسِن) بكسر الفاء والمهملة وسكون الراء: وهو من البعير بمنزلة الحافر من الدابة، وقد يُطلَق على الغَنَم استعارةً، وقيل: هو عظمُ الظِّلْف، والنونُ زائدةٌ فيه، وقيل: أصليةٌ، وسبق في (الهِبَة).
* * *
31 - باب مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ
(باب مَن كان يُؤمنُ بالله واليوم الآخر فلا يُؤذِ جارَه)
6018 -
حَدَّثَنَا قتيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي
حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ".
الحديث الأول:
(مَن كان يُؤمِنُ) إلى آخره، أي: مَن كان كاملَ الإيمان.
قلت: أو تهييج، والاقتصارُ على ذلك دونَ بقية الواجبات، لأنهما المَبدَأُ والمَعَادُ، أي: مَن يُؤمنُ بِمَن خلَقَه وهو يُجازيه يومَ القيامة بالخير والشر، أما كونُ هذا الأمرِ للوجوبِ أو للندبِ فمنُزَّلٌ على حالَينِ، فقد يكون فرضَ عينٍ أو كفايةٍ، وقد يكون مندوبًا، وأقلُّه أن يكونَ من مكارم الأخلاق، وأما الاقتصارُ في الحديث على هذه الثلاثة في جوامع الكلم لأن هذه هي الأصولُ؛ فالثالثُ إشارةٌ إلى القوليات، والأولان فعليان، أولهما: التخلية عن الرذيلة، والثانية: التحلية بالفضيلة، فلا بدَّ لِمَن يُؤمنُ بالله واليوم الآخر أن يتصفَ بالشفقة على خلق الله؛ إما قولًا بالخير، أو سكوتًا عن الشر، أو فعلًا لِمَا ينفع، أو تركًا لما يَضرُّ.
* * *
6019 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْعَدَوِيَّ قَالَ: سَمِعَت أُذُنَايَ
وَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الَاخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، جَائِزَتَهُ". قَالَ: وَمَا جَائِزَتُهُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَالضِّيَافَةُ ثَلَاثةَ أَيَّامٍ، فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَهْوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ".
الثاني:
(أُذناي) ذَكَرَ ذلك مع أنه معلومٌ للتوكيد.
(جائِزَته) هي العطاءُ، مشتق من الجواز، لأنه حَقَّ جوازُه عليهم، وقُدِّرَ بيومٍ وليلةٍ؛ لأن عادةَ المسافرين ذلك.
قال الجَوهري: ويقال: إن أصلَ الجائزة أنَّ والِيَ فارسَ مرَّ به الأحنفُ في جيشه غازيًا إلى خراسان، فوقفَ لهم على القنطرة، فقال: أَجِيزُوهم، فجعل يَنسُبُ الرجلَ ويُعطي كلَّ واحدٍ بقَدْرِ حَسَبِه.
قلت: الجائزةُ مُتكلَّمٌ بها من قبل ذلك، وقد تكلَّم بها النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، فما معنى هذا الكلام؟ ونصبُه إما لأنه مفعولٌ ثانٍ لـ (يُكرِم)، لأنه بمعنى: يُعطي، أو هو كالظرف، أو بنزع الخافض.
(يوم وليلة)؛ أي: كفايتُه في كل يومٍ وليلةٍ يستقبلُها بعدَ ضيافته، وقيل: جائزتُه يومٌ وليلةٌ حقُّه إذا اجتاز به، وثلاثةُ أيامٍ إذا قصدَه، ووجهُ وقوعه خبرًا عن الجثة، إما باعتبار أن له حكمَ الظرف، أو بتقدير (زمان) في المبتدأ، أي: زمانُ جائزتِه يومٌ وليلةٌ.