الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثاني:
سبق شرحُه في (كتاب العلم)، وحكمةُ تقديم السؤال تقريرُ ذلك، لِمَا تقرَّر في نفوسهم من المُشبَّه به.
* * *
44 - باب مَا يُنْهَى منَ السِّباب وَاللَّعْنِ
(باب ما يُنهَى من السِّباب)
يُحتمَل أنه مُفاعَلَة، وأن المرادَ السَّبُّ، أي: الشتمُ، وهو التكلُّم بما يَعيبُ الإنسانَ.
(واللَّعن): التبعيد من رحمة الله.
6044 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "سِبابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كفْرٌ".
تَابَعَهُ غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ.
الحديث الأول:
(فُسوق)؛ أي: خروجٌ عن طاعة الله.
(وقتاله)؛ أي: مقاتلته حقيقةً أو مخاصمةً.
(كفر)؛ أي: كفران حقوق المسلمين، أو محمولٌ على المُستَحِلِّ، سبق في (الإيمان).
(تابعَه غُنْدَر) اسمه محمد بن جعفر، أخرجه أحمد في "مسنده".
* * *
6045 -
حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ أَنَّ أَبَا الأَسْوَدِ الدِّيلِيَّ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"لَا يَرْمِي رَجُلٌ رَجُلًا بِالْفُسُوقِ، وَلَا يَرْمِيهِ بِالْكُفْرِ، إِلَّا ارْتَدَّتْ عَلَيْهِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ كَذَلِكَ".
الثاني:
(لا يرمي)؛ أي: لا يَنسبُه إلى الفسق أو الكفر.
(إلا ارتدَّت)؛ أي: تلك الرَّمية، بأن يصيرَ هو فاسقًا بذلك أو كافرًا.
* * *
6046 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَنسٍ قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاحِشًا وَلَا لَعَّانًا وَلَا سَبَّابًا، كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْمَعْتبةِ:"مَا لَهُ، تَرِبَ جَبِينُهُ".
الثالث:
سبق شرحُه قريبًا.
* * *
6047 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ: أَنَّ ثَابِتَ بْنَ الضَّحَّاكِ -وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ- حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى مِلَّةٍ غَيْرِ الإسْلَامِ فَهْوَ كَمَا قَالَ، وَلَيْسَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَذْرٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُ، وَمَنْ قتلَ نفسَهُ بِشَيءٍ فِي الدُّنْيَا عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ لَعَنَ مُؤْمِنًا فَهْوَ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ قَذَفَ مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهْوَ كقَتْلِهِ".
الرابع:
(غير الإسلام)؛ أي: كأن حَلَفَ باللَّاتِ والعُزَّى، كما هو طريقةُ الكُفَّار.
(كما قال)؛ أي: كافر، لأنه مُعظِّمٌ لذلك، ويُحتمَل أن يُرادَ به التهديدُ، وسبق في (الجنائز).
(فيما لا يملك)؛ أي: كأن قال: إن شفَى اللهُ مريضي فللَّه عليَّ أن أُعتقَ عبدَ فلانٍ.
(عُذِّبَ به)؛ أي: بمثله، فيُجازَى بجنس عمله.
(كقتله)؛ أي: في الإثم، وقيل: لأن القاتلَ يقطعُ المقتولَ عن
منافع الدنيا، واللاعنَ يَقطعُه عن منافع الآخرة من رحمة الله تعالى.
* * *
6048 -
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدٍ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: اسْتَبَّ رَجُلَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَغَضِبَ أَحَدُهُمَا، فَاشْتَدَّ غَضَبُهُ حَتَّى انتفَخَ وَجْهُهُ وَتَغَيَّرَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"إِنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَها لَذَهَبَ عَنْهُ الَّذِي يَجدُ"، فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ، فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: تَعَوَّذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَقَالَ: أَتُرَى بِي بَأْسُ؟ أَمَجْنُونٌ أَنَا؟ اذْهَبْ.
الخامس:
(كلمة)؛ أي: الاستعاذة.
(الذي تجد)؛ أي: الغضب.
(بأس)؛ أي: شدةٌ من مرضٍ ونحوه.
(أمجنون) خبرٌ مُقدَّمٌ على المبتدأ.
(اذهب) أمر، أي: انطلِقْ لشغلك.
قال (ن): هذا كلامُ مَن لم يَفقَه في دِينِ الله، ولم يُؤمِنْ أن الغضبَ من نزغات الشيطان، وتوهَّم أن الاستعاذةَ مختصةٌ بالمجانين، وكأنه كان من جُفَاةِ العربِ، سبق في (كتاب بدء الخلق)
في (باب إبليس).
* * *
6049 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: قَالَ أَنَسٌ حَدَّثَنِي عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِيُخْبِرَ النَّاسَ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، فتلَاحَى رَجُلَانِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"خَرَجْتُ لأُخْبِرَكُم، فَتَلَاحَى فُلَانٌ وَفُلَانٌ، وَإنَّهَا رُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، فَالْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ".
السادس:
(فتَلَاحَى رجلان) هما عبد الله بنُ أبي حَدْرَد، وكَعْبُ بنُ مَالك.
(فرُفِعَتْ)؛ أي: من قلبي، فنسيتُها.
(التاسعة)؛ أي: التاسعة والعشرون من رمضانَ، كما سبق في الأحاديث الأخرى في (كتاب الإيمان) في (باب خوف المؤمن).
* * *
6050 -
حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنِ الْمَعْرُورِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَيْهِ بُرْدًا، وَعَلَى غُلَامِهِ بُرْدًا، فَقُلْتُ: لَوْ أَخَذْتَ هَذَا فَلَبِسْتَهُ كَانَتْ حُلَّةً، وَأَعْطَيْتَهُ ثَوْبًا آخَرَ، فَقَالَ:
كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ كَلَامٌ، وَكَانَتْ أُمُّهُ أَعْجَمِيَّةً، فَنِلْتُ مِنْهَا، فَذَكَرَنِي إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لِي:"أَسَابَبْتَ فُلَانًا؟ "، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:"أَفَنِلْتَ مِنْ أُمِّهِ؟ "، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:"إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ"، قُلْتُ: عَلَى حِينِ سَاعَتِي هَذِهِ مِنْ كِبَرِ السِّنِّ؟ قَالَ: "نَعَمْ، هُمْ إِخْوَانُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ جَعَلَ اللهُ أَخَاهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلَا يُكَلِّفُهُ مِنَ الْعَمَلِ مَا يَغْلِبُهُ، فَإِنْ كَلَّفَهُ مَا يَغْلِبُهُ فَلْيُعِنْهُ عَلَيْهِ".
السابع:
(هو ابن سويد) أراد بذلك تعريفَه، وإن لم يكن شيخُه تلفَّظ به.
(عليه)؛ أي: على أبي ذَرٍّ.
(حُلَّة) ولا تكون إلا ثَوبانِ.
(وبين رجل) هو بلالُ بنُ رَبَاح المُؤذِّن، وأُمُّه حَمَامةُ، نُوبِيَّةٌ.
(جاهلية)؛ أي: أخلاقهم، والجاهليةُ ما قبلَ زمان الإسلام، والتنوينُ فيه للتقليل والتحقير، أو المرادُ بالجاهلية: الجهلُ.
(هم)؛ أي: المماليك أو الخَدَم، وإن لم يَسبِقْ لهم ذكرٌ؛ لكن قرينتَه:(تحتَ أيديكم)، لأنه مجازٌ عن الملك، وسبق الحديثُ في (الإيمان) في (باب المعاصي).
(ما يغلبُه)؛ أي: تصير قدرتُه فيه مغلوبةً، أي: يعجزُ عنه فلا