الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
39 - باب حُسْنِ الْخُلُقِ وَالسَّخَاء، وَمَا يُكْرَه مِنَ الْبُخْلِ
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاس: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ، وَقَالَ أَبو ذَرٍّ لَمَّا بَلَغَهُ مَبْعَثُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لأَخِيهِ: ارْكَبْ إِلَى هَذَا الْوَادِي، فَاسْمَعْ مِنْ قَوْلِهِ، فَرَجَعَ فَقَالَ: رَأَيتُهُ يَأْمُرُ بِمَكَارِمِ الأَخْلَاقِ.
(باب حُسن الخُلق) بالضم.
و (السَّخاء): هو إعطاءُ ما ينبغي لِمَن ينبغي.
(وقال ابن عباس) موصولٌ في (باب بدء الوحي) و (الصيام).
(أجود) سبق الكلامُ على رفعه ونصبه.
(وقال أبو ذَرٍّ) موصولٌ في (مناقب قريش).
(لأخيه) اسمه أُنيَس.
(الوادي)؛ أي: مكة.
(يأمر بمكارم الأخلاق)؛ أي: الفضائل والمَحاسن. قال صلى الله عليه وسلم: "بُعثتُ لأُتَمِّمَ مَكَارمَ الأخلاق".
* * *
6033 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، هُوَ ابْنُ زيدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ النَّاسِ، وَأَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَانْطَلَقَ النَّاسُ قِبَلَ
الصَّوْتِ، فَاسْتَقْبَلَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ سَبَقَ النَّاسَ إِلَى الصَّوْتِ وَهْوَ يَقُولُ:"لَنْ تُرَاعُوا، لَنْ تُرَاعُوا"، وَهْوَ عَلَى فَرَسٍ لأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ مَا عَلَيْهِ سَرْجٌ، فِي عُنُقِهِ سَيْفٌ، فَقَالَ:"لَقَدْ وَجَدْتُهُ بَحْرًا". أَوْ: "إِنَّهُ لَبَحْرٌ".
الحديث الأول:
(أحسن الناس) قال الحكماءُ: للإنسان ثلاثُ قوَى: الغضبية، والشهوية، والعقلية؛ فكمالُ الأولى: الشجاعةُ، والثانية: الجُودُ، والثالثة: الحكمةُ، فأَشارَ بـ (أحسن) إلى ذلك؛ إذ معناه: أحسنُ الناس في الأفعال والأقوال، أو لأن حسنَ الصورةِ تابعٌ لاعتدال المزاج، وهو مُستتبعٌ لصفاء النفس، الذي به جودةُ القريحة ونحوها، وهذه الثلاثُ هي أُمَّهاتُ الأخلاق.
(فزعَ)؛ أي: خاف.
(ذات ليلة) بإقحام (ذات).
(قِبَل) بكسر القاف، أي: جهة.
(لم تُرَاعوا) نفيٌ بمعنى النهي، أي: لا تَفزَعُوا.
(عُرْيٍ) بضم المهملة وتسكين الراء، واسم الفرس: مندوب.
(ما عليه سَرجٌ) تفسيرٌ له.
(بحرًا)؛ أي: واسعَ الجَري كالبحر، وسبق الحديثُ في (الجهاد).
* * *
6034 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ
قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا رضي الله عنه يَقُولُ: مَا سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ شَيْءٍ قَطُّ فَقَالَ: لَا.
الثاني:
(ما سُئل)؛ أي: ما طُلب منه شيءٌ من أموال الدنيا.
قال الفرزدق:
مَا قَالَ: لا قَطُّ إِلَّا فِي تَشَهُّدِهِ
…
لَولَا التَّشَهُّدُ كَانَتْ لَاؤُهُ نَعَمُ
قال الشيخُ عزُّ الدِّين في "كتاب الشجرة": أي: لم يقل: (لا) منعًا للعطاء، بل يقول اعتذارًا من الفقد، لقوله تعالى:{قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ} [التوبة: 92]، وفرقٌ بين (لا أُعطيكم) و (لا ما أُعطيكم)، وكذلك فرقٌ بين قوله:(لا أَحملُكم) و (لا أَجدُ ما أَحملُكم عليه).
* * *
6035 -
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ: حَدَّثَنِي شَقِيقٌ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: كُلنَّا جُلُوسًا مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو يُحَدِّثُنَا إِذْ قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا، وَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ:"إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا".
الثالث:
(خِيَاركم) في بعضها: (أخياركم).
* * *
6036 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِبُرْدَةٍ، فَقَالَ سَهْلٌ لِلْقَوْمِ: أَتَدْرُونَ مَا الْبُرْدَةُ؟ فَقَالَ الْقَوْمُ: هِيَ شَمْلَةٌ، فَقَالَ سَهْلٌ: هِيَ شَمْلَةٌ مَنْسُوجَةٌ فِيهَا حَاشِيِتُهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَكْسُوكَ هَذِهِ؟ فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، فَلَبِسَهَا، فَرَآهَا عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! مَا أَحْسَنَ هَذِهِ! فَاكْسُنِيهَا، فَقَالَ:"نَعَمْ"، فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَامَهُ أَصْحَابُهُ، قَالُوا: مَا أَحْسَنْتَ حِينَ رَأَيْتَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَخَذَهَا مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، ثُمَّ سَأَلْتَهُ إِيَّاهَا، وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ لَا يُسْأَلُ شَيْئًا فَيَمْنَعَهُ، فَقَالَ: رَجَوْتُ بَرَكَتَهَا حِينَ لَبِسَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَعَلِّي أُكَفَّنُ فِيهَا.
الرابع:
(ببُردة) هي كِسَاءٌ أسودُ مُربَّعٌ تَلبَسُه الأعرابُ، والشَّمْلَةُ: الكِسَاء، وسبق شرحُ الحديثِ في (الجنائز) في (باب مَن استعدَّ الكَفَن).
* * *
6037 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ وَيَنْقُصُ الْعَمَلُ، وَيُلْقَى الشُّحُّ وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ"، قَالُوا: وَمَا الْهَرْجُ؟ قَالَ: "الْقَتْلُ، الْقَتْلُ".