الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ينصرون. وحمل عليهم بمن معه، فقتلوا قتلا لم يسمع بمثله، فتواثبوا إلى الماء، فبعث الله تماسيح لم ير مثلها فجعلت تخطف كلّ من وقع في الماء منهم. ولم يعلم ابن أبي نسعة، ولا من معه بالخبر.
وقيل: بل ثار مينا صاحب البرلّس في اليتماء والبشرود (1) وإخنا ورشيد، وقاتل القاسم بن حذيفة الأزدي فقاتلهم حتّى قتل في أهل الثغر.
ثمّ توجّه مينا إلى إخنا، وعليها مالك بن الحسين الزناديّ، فانحاز إلى رشيد وصار من جملة أصحاب الحسن بن ثوبان، فاستمدّ المسلمون كوثر، فأتاهم القبط، وهم في صلاة الصبح، فقرأ الحسن: إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ [الانفطار: 1]، ثمّ انصرف إليهم فقاتلهم فهزمهم فظفر بهم، وكتب إلى مروان بالفتح.
1150 - الملك الأمجد الحسن بن داود [بعد 620 - 670]
(2)
الحسن بن داود بن عيسى بن محمد بن أيّوب بن شاذي، الملك الأمجد، ابن الناصر، ابن المعظّم، ابن السلطان الملك العادل، ابن أبي بكر.
ولد بعد سنة عشرين وستّمائة، وبرع في الفقه والأدب، وشارك في فنون، وصحب المشايخ، وقال الشعر، وترسّل الترسّل الفائق، وكتب الخطّ
المنسوب، وتزوّج ابنة الملك العزيز عثمان ابن العادل، ثمّ تزوّج أخت الناصر يوسف صاحب حلب فولدت له صلاح الدين، واقتنى كتبا نفيسة، وروى عن ابن اللّتي وغيره.
ومات في [جمادى الأولى] سنة سبعين وستّمائة [بدمشق](3).
وكان كثير المعروف عالي الهمّة، شجاعا مقداما، عنده صبر وثبات.
وكان يقتصد في ملبسه ومركبه مع المروءة والجود والمهابة عند الأمراء.
1151 - أبو عليّ الأنصاري الكاتب [- 529]
(4)
الحسن بن زيد بن إسماعيل بن علي بن محمد، أبو عليّ، الأنصاريّ، الكاتب بديوان المكاتبات في الدولة الفاطميّة.
نفاه الأفضل ابن أمير الجيوش بسبب ما نسب إليه أنّه من الطائفة النزاريّة. واتّهم أيضا بهجاء الأفضل. فلمّا ولي المأمون محمد بن فاتك الوزارة، وأنشأ الجامع بناحية الواحات، أقامه خطيبا به.
ثمّ إنّه صار إلى القاهرة، وبقي بها حتى كانت أيّام الحسن ابن الخليفة الحافظ. [ف] نسب إليه أنّه قال فيه [البسيط]:
لم تأت يا حسنا بين الورى حسنا
…
ولم تر الحقّ في دنيا ولا دين (5)
قتل النفوس بلا جرم ولا سبب
…
والجور في أخذ أموال المساكين
(1) البشرود وإخنا ورشيد: من كور أسفل الأرض، إخنا بين رشيد غربا والبرلّس شرقا على البحر في اتّجاه دمياط، والبشرود داخل الأرض شمالي دميرة وسخا (عن خريطة رفن كست في كتاب الولاة والقضاة). أمّا اليتماء فلم نجدها، ولعلّه اسم محرّف.
هذا وقد تعرّض المقريزيّ لثورة القبط على مروان الجعدي باقتضاب شديد في الخطط 1/ 128.
(2)
الوافي 12/ 6 (رقم 4)، النجوم 7/ 236، شذرات 5/ 331، النجوم 7/ 236.
(3)
الزيادة من الوافي ومن الشذرات.
(4)
النجوم لابن سعيد 237.
(5)
ينقل المقريزي هذه الأبيات في آخر ترجمة الحسن ابن الحافظ رقم 1194.
لقد جمعت بلا علم ولا أدب
…
تيه الملوك وأخلاق المجانين [349 أ]
فقتله حسن فيمن قتله في سنة تسع وعشرين وخمسمائة.
وقيل: بل صنع هذه الأبيات [ابن قادوس] ودسّها في رقاع ابن الأنصاريّ، ثمّ سعي به إلى الحسن ابن الحافظ، فوجدت معه فضرب رقبته.
قال صاحب الجنان: هو عريق النسب، في صناعة الأدب، يمتّ إليها بأوفى ذمام، ويضرب فيها بأخوال وأعمام. جدّه لأبيه المعتمد الأنصاريّ (1) وجدّه لأمّه المجيد ابن أبي الشخباء (2)، وكان طموح النظر إلى الرتب العليّة، والمنازل السنيّة، تريه همّته أنّه بعبء الرئاسة مستقلّ فهو لكلّ مأملة مستقلّ. ولو فسح العمر له بامتداده، وسمح له الدهر بمراده، بلغ ما ظهر من أدبه، إلى غاية مطلبه.
إلّا أنّ الزمان دفع في صدر أمله، وقصّر خطى أجله. فترامت به الأحوال، إلى أن قتل في الاعتقال السلطانيّ لأمر نمى عنه، وهجاء زوّر عليه. فكأنّما أخبر عن حاله بمقاله [البسيط]:
من لي بعود زمان كنت أكرهه
…
وكيف للميت بالرّجعى إلى الألم؟
ومن شعره [البسيط]:
سأصرف الهمّ عن قلبي بصافية
…
تكاد تقبس منها جذوة النار
تدبّ نشوتها من قبل سورتها
…
فليس تقتل إلّا بعد إنذار
وقال في خيمة الأفضل ابن أمير الجيوش التي سمّاها «خيمة الفرح» [البسيط]:
مولاي قد قصّرت عن شأوك الأمم
…
وأبدت العجز منها هذه الهمم
أخيمة ما نصبت اليوم أم فلك
…
ويقظة ما نراه منك أم حلم؟
ما كان يخطر في الأفكار قبلك أن
…
تسمو علوّا على أفق السّهى خيم؟
حتى أتيت بها شمّاء شاهقة
…
في مارن الدهر من تيه بها شمم (3)
5 إنّ الدليل على تكوينها فلكا
…
أن احتوتك، وأنت الناس كلّهم
يمدّ من في بلاد الصين ناظره
…
كيما يرى مصر علما أنّها علم
ترى الكناس وآرام الظباء بها
…
أضحت تجاورها الآساد والأجم
والطير قد لزمت فيها مواضعها
…
لمّا تحقّقن منها أنّها حرم
يغدو القماريّ والبازي يسالمها
…
كأنّما جمعتها كلّها رحم
10 لديك جيش وجيش في مناكبها
…
مصوّر، وكلا الجيشين مزدحم
إذا الصبا حرّكتها ماج موكبها
…
فمقدم منهم فيها ومنهزم
أخيلها خيلك اللائي تغير بها
…
فليس ينزع عنها السّرج واللجم؟
علّمت أبطالها أن يقدموا أبدا
…
فكلّهم لغمار الحرب مقتحم
أمّنتهم أن يخافوا سطوة لردى
…
فقد تسالمت الأسياف والقمم
(1) معتمد الدولة إسماعيل، ولي قضاء الأردنّ، وقتله بدر الجمالي (النجوم 237 هـ 2).
(2)
أبو علي الحسن بن عبد الصمد العسقلاني، مجيد الدين، قتل سنة 486 (أخبار مصر لابن ميسّر 29)، وانظر ترجمته الآتية رقم 1165.
(3)
المارن: طرف الأنف.
15 كأنّها جنّة والقاطنون بها
…
لا يستطيل على أعمارهم هرم
علت فخلنا لها سرّا تحدّثه
…
للفرقدين وفي سمعيهما صمم
إن أنبتت أرضها زهرا فلا عجب
…
وقد همت فوقها من كفّك الديم
يا «خيمة الفرح» المأمون طائرها
…
أصبحت فألا به تستبشر الأمم
أعطى وذبّ فأغنت كفّه وحمت
…
من أن يماح فقير أو يباح دم [349 ب]
ومنها في المديح:
ما قال «لا» قطّ مذ شدّت تمائمه
…
وكم له «نعما» في طيّها نعم
لو كنت شاهد شعري حين أنظمه
…
إذن رأيت المعالي فيك تختصم
إذا ادّعتك الوغى غار الندى حنقا
…
أو أودعتك المواضي جاذب القلم (1)
ترى النجوم للفظي فيك حاسدة
…
تودّ لو أنّها في المدح تنتظم
5 أزرتك اليوم من فكري محبّرة
…
في ناظر الشمس من لألائها سقم
وذكره العماد في الخريدة، فقال: وصفه القاضي الفاضل وأثنى على فضله، فإنّه في وقته، لم يسمع العصر بمثله، إلّا أنّه طرقه حادث الزمان الغائظ، فأحفظ عليه الحسن ابن الحافظ، وتقلّد حوبته، وضرب رقبته. وسبب ذلك أنّ ابن قادوس عمل بيتين هجا بهما حسنا ولد الحافظ، ودسّهما في رقاع ابن الأنصاريّ، ثمّ سعى به إلى المذكور فأخذ فوجدت معه، فقتل بعد الذلّ الشديد والإهانة صبرا بالسيف.
ومن شعره [الكامل]:
كم للخيال يدا لو اعتمد الذي
…
يولي، ولكن [قد] أنال، وما درى
ما زلت أشكر كلّ مولي نعمة
…
حتّى شكرت على السرى طيف الكرى
وقال [الطويل]:
سرى واصلا طيف الكرى بعد ما صدّا
…
فهل خطأ أدّى الزيارة أم عمدا؟
ولمّا أتى عطلا من الدرّ جيده
…
نظمت دموعي فوق لبّاته عقدا
وقال [المتقارب]
لعلّ سنا البارق المنجد
…
يخبّر عن ساكن ثهمد
ويا حبّذا خطرة للنسيم
…
تجدّد من لوعة المكمد
وفي ذلك الحيّ خمصانة
…
لها عنق الشادن الأجيد
تتيه بعزّة بدر التمام
…
وسالفة الرّشإ الأغيد
5 وتلحف عطف قضيب الأراك
…
رداء من الأسحم الأجعد
أعاذل أنحيت لوما عليّ
…
تروح بذلك أو تغتدي
ففضلي يبكي على نفسه
…
بكاء لبيد على أربد
فلا تبأسنّ بمطل الزمان
…
فإنّي منه على موعد
ولا تشك دهرك إلّا إليك
…
فما في البريّة من مسعد
10 ولا تغترر بعطايا اللّئام
…
فقد ينضح الماء من جلمد
(1) لعلّها: وادعتك أو أوعدتك.