الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأصحابه: من أراد الحياة التي ليس بعدها موت، والراحة التي ليس بعدها نصب، والسرور الذي ليس بعده حزن، فليتقرّب إلى الله بقتال هؤلاء المحلّين! الرواح إلى الجنّة! - وذلك عند العصر، فحمل في أصحابه حملة واحدة فقتلوا رجالا، وكشفوهم. وكاثرهم أهل الشام من كلّ جانب وقاتلهم أدهم بن محرز الباهليّ، فقتل ابن وال، فأخذ الراية رفاعة بن شدّاد البجليّ وقاتل قتالا شديدا حتى غشيهم الليل، وقد قتل رجال كثير.
فعاد الحصين بأهل الشام إلى معسكرهم، وسار رفاعة بمن معه يريد الكوفة، فلم يتبعه الحصين، وعاد إلى ابن زياد فأقام معه حتّى بعث المختار بن أبي عبيد الثقفيّ إبراهيم بن الأشتر النخعيّ لقتال ابن زياد.
فلمّا التقى الجمعان (1) كان الحصين على ميمنة ابن زياد، فحمل على ميسرة ابن الأشتر فهزمها.
ثمّ حمل ابن الأشتر على القلب فقتل ابن زياد.
وحمل شريك بن جدير التغلبي على الحصين، فاعتنق كلّ منهما صاحبه فنادى التغلبي: اقتلوني وابن الزانية! - فقتلوا الحصين، وذلك في سنة سبع وستّين بأرض الموصل. وبعث المختار برأس عبيد الله بن زياد والحصين بن نمير، ومعهما رأس ابن ذي الكلاع إلى محمد ابن الحنفيّة بمكّة، فنصبت الرءوس الثلاث على باب المسجد.
1275 - حفص بن الوليد الحضرميّ أمير مصر [- 128]
(2)
حفص بن الوليد بن سيف بن عبد الله بن الحارث بن جبل بن كليب بن عوف بن معاهد بن
عمرو بن زيد بن مالك بن زيد بن الحارث بن عمرو بن حجر بن قيس بن كعب بن سهل بن زيد بن حضرموت، الحضرميّ، أبو [بكر، أمير مصر].
كان أشرف حضرميّ بمصر في أيّامه، ولم يكن خليفة من بعد الوليد بن عبد الملك إلّا وقد استعمله. وحدّث عنه يزيد بن أبي حبيب، وعمرو بن الحارث، والليث بن سعد، وعبد الله بن لهيعة، وغيرهم. وشرّفه [413 أ] هشام بن عبد الملك بن مروان [فجعله] على شرط الحرّ بن يوسف [ابن يحيى بن الحكم بن أبي العاص]. وخلفه على الفسطاط مرّتين. فلمّا صرف هشام الحرّ عن مصر، ولّى حفصا بعده في ذي القعدة سنة ثمان ومائة. فكتب عبيد الله بن الحبحاب متولّي خراج مصر إلى هشام: إنّك لم تعزل الحرّ إذ ولّيت حفصا.
فردّ ولاية مصر إلى اختياره فاختار عبد الملك بن رفاعة بن خالد [الفهميّ]، وصرف حفصا يوم النحر بعد جمعتين- وقيل: بل صرفه سلخ ذي الحجّة. فوجد على هشام. فأخرجه إلى الترك فولّاه الصائفة. فغزا ثمّ رجع فولي بحر مصر من سنة تسع عشرة إلى سنة ثنتي وعشرين: أربع سنين.
ثمّ استخلفه حنظلة بن صفوان لمّا سار إلى إفريقيّة واليا عليها. فأقرّه هشام بن عبد الملك على جند مصر [وأرضها] من يوم الاثنين لسبع خلون من ربيع الآخر سنة أربع وعشرين إلى ليلة الجمعة لثلاث عشرة خلت من شعبان منها. فجمع له الصلاة والخراج جميعا. فجعل على شرطه عقبة بننعيم الرعينيّ، وعلى الديوان يحيى بن عمرو، وعلى الزمام عيسى بن عمرو. وكانت أرزاق المسلمين لكلّ رجل اثني عشر إردبّا
(1) بالخازر. انظر مروج الذهب، 3/ 298.
(2)
الوافي 13/ 97 (96) - الكنديّ، 74 - النجوم 1/ 263، 292، 302 - مختصر ابن عساكر، 7/ 211 (202).
فصارت إلى عشرة لكلّ رجل. فصيّرها حفص اثني عشر كما كانت.
واستسقى بالناس. فلمّا رقي المنبر استقبل بوجهه الناس فخطب ودعا، ثمّ حوّل ظهره إلى الناس [واستقبل القبلة يدعو] ثمّ استقبل الناس بوجهه فخطب ودعا ثمّ حوّل إلى الناس ظهره واستقبل القبلة يدعو، وحوّل رداءه ودعا الله، ثمّ حوّل وجهه إلى الناس، ثمّ نزل فصلّى ركعتين.
فلمّا مات هشام بن عبد الملك بن مروان في ربيع الآخر سنة خمس وعشرين، واستخلف الوليد بن يزيد بن عبد الملك، أقرّ حفصا على الصلاة والخراج، وأمره بإخراج أهل الشام الذين بمصر إلى أجنادهم. فأمرهم بالخروج فامتنعوا وحصروا حفصا في داره. فقاتلهم يوم الثلاثاء للنّصف من رجب سنة خمس وعشرين، فظفر بربيعة كبيرهم فقتله. وأخرجهم إلى أجنادهم.
وقدم عيسى ابن أبي عطاء على خراج مصر لسبع بقين من شوّال فصرف حفص عن الخراج وبقي على الصلاة. فخرج من مصر وافدا على الوليد، واستخلف عقبة بن نعيم. فقتل الوليد لانسلاخ جمادى الآخرة سنة ستّ وعشرين وحفص بالشام. فلمّا بويع يزيد بن الوليد، الناقص، أمر حفصا أن يلحق بمصر وأن يفرض لثلاثين ألفا. فقدم وفرض الفروض. وبعث ببيعة يزيد عقبة بن نعيم في طائفة، وجعل على فروضه قوّادا.
ومات يزيد الناقص لهلال ذي الحجّة سنة ستّ وعشرين. وبويع إبراهيم بن الوليد فولي ذا الحجّة، والمحرّم من سنة سبع وعشرين. وخلعه مروان بن محمد فبويع فاستقبل بخلافته صفر.
فكتب إليه حفص يستعفيه فأعفاه. فكانت ولايته هذه الثانية سنتين إلّا شهرا.
وقدم إلى مصر [واليا] حسّان بن عتاهية فقطع فروض حفص، فوثبوا به وقالوا: لا نرضى إلّا بحفص- وحصروه. ففرّ منهم. وأعادوا حفصا بعد ستّة عشر يوما كرها. فأقام عليها رجب وشعبان.
وجرت أمور من خلع مروان، ومروان ساكت عن أهل مصر. ثمّ عزل حفصا مستهلّ سنة ثمان وعشرين بالحوثرة بن سهيل [الباهليّ].
وقال الغطريف الحميريّ لمّا بعث حفص لقتال ثابت بن نعيم الجذامي ومنعه من مصر، يهجوه [طويل]:
ومن زامل لا قدّس الله زاملا
…
ومن أعبل أبناء تلك المراغل
ومن شيخ سوء حرّق الله عظمه
…
حفيص وأشياع له غير طائل (1)
فلمّا قدم حوثرة إلى مصر ونزل ظاهر الفسطاط بعث إلى الناس: إن كنتم في طاعتي فالقوني في الأردية.
فقال رجاء بن الأشيم لحفص: أطعني أيّها الأمير وامنعهم.
قال: أكره الدماء.
قال: فدعني أقف في خيل، فإن رأينا ما نحبّ تفرّقنا. وإن كان غير ذلك استنقذناك منهم.
قال: قد أعطاني من العهود ما ترى، ولن أستظهر بغير الله.
فقال رجاء: والله لا رغبت بنفسي عن نفسك.
فخرج إليه حفص ووجوه الجند. فلمّا دخلوا عليه فسطاطه قال لحفص ورجاء: من أنتما؟
قالا: حفص ورجاء.
(1) فهم البيتين عسير: فالزامل: المائل على أحد شقّيه.
والمراغل: المراضع. ولم نعرف الغطريف الحميريّ.