الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سور القصر، وعزموا على ما لا يجمل، فقال حينئذ لجوامرد: قم احتجب في مكان عسى ندبّر قضيّتك بأمر نصرف به هذا الجمع.
فنزعت عنه الخلع وأحيط به، وأخذ إلى موضع قتل فيه سرّا، وألقيت رأسه إلى القوم فطيف بها.
وولي أبو علي ابن الأفضل الوزارة.
فكانت وزارة جوامرد نصف يوم بغير تصرّف.
1100 - جوّاس بن القعطل
(1)
واسم القعطل ثابت بن سويد بن الحارث، وهو الحرشاء بن حصن بن ضمضم بن عديّ بن جناب بن هبل بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللّات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن ويرة بن ثعلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة، أبو [
…
].
شاعر قدم على عبد العزيز بن مروان، ومن شعره يخاطب عوانة بن النعمان بن عروة بن قنافة بن عديّ [الوافر] (2):
فإن يدبر عوانة غير راض
…
فإنّي في مودّته زهيد
ستعلم يا عوان إذا التقينا
…
من الأثرون والحيّ العديد!
1101 - جوبان المنصوري [- 728]
(3)
كان من أكابر الأمراء بدمشق في دولة المنصور قلاوون. وبنى له تربة بالمزّة، وكان كثير المال جدّا.
مات في صفر سنة ثمان وعشرين وسبعمائة.
1102 - جوهر الصقلّيّ [312 - 381]
(4)
[358 أ] جوهر بن عبد الله، القائد أبو الحسين، الصقلبيّ، الروميّ، الكاتب، مولى المعزّ لدين الله أبي تميم معدّ.
ولد في سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة، وصار إلى ملك غلام لهم يقال له صابر. ثمّ انتقل إلى خادم
(1) الإكمال 2/ 429: جواس بن بياض؛ المؤتلف والمختلف للآمدي 99 - 100؛ وذكر في الحيوان 3/ 509؛ والأغاني 19/ 142؛ والطبريّ 5/ 542.
(2)
لم نجد هذين البيتين في مراجعنا.
(3)
السلوك 2/ 304؛ النجوم 9/ 274.
(4)
ترجم لهذا القائد الفاطميّ الكبير ابن خلّكان 1/ 375 (رقم 145)، والداعي إدريس في عيون الأخبار 604، واستعرض بالتفصيل فتحه لمصر 663 وألّف علي إبراهيم حسن كتابا بعنوان «تاريخ جوهر الصقلّي» (القاهرة 1933)، ولكنه لا يغني في معرفة حياة جوهر قبل فتح مصر. وترجم له حسين مؤنس في دائرة المعارف الإسلاميّة، وذكره فرحات الدشراوي في رسالته «الخلافة الفاطميّة بالمغرب» ، مفصّلا أحداث حملتيه المغربيّة والمصريّة (ص 222) وص 250، ومخصّصا فقرة طويلة (ص 367) للخدّام الصقالبة.
وجوهر صقلبيّ الأصل كما يظهر من ترجمة المقفّى هنا، وكما أثبته إ. هربك Herbek في دراسة بالألمانيّة عن دور الصقالبة في الدولة الفاطميّة (نقلا عن ماريوس كانار في ترجمته لسيرة جوذر، الهامش 12 ص 46).
والصقالبة عبيد مجتلبون من أوروبا الوسطى، لا من صقلّية بالضرورة، خلافا لما توهم به عبارة «جوهر الصقلّي» أو «جوهر الروميّ» أي البيزنطي (وانظر رسالتنا عن ابن هاني ص 88).
وترجمة المقريزي تفيدنا بسنة ميلاده: 312، ولكنّها لا تذكر أين ولد؟ ولا ممّن ولد؟ وتفيدنا أنّه لم يكن خصيّا، فقد أنجب ابنين على الأقلّ: الحسين وجعفر.
وتعطينا بالخصوص صورة أمينة من حسن تدبير هذا القائد الفاتح، ورفقه بالخصوم في المذهب، وحنكته السياسيّة، مع الوفاء المطلق للدولة وللدعوة، وتواضعه الكبير، ممّا يفسّرالعطف الخاصّ الذي يكنّه له المؤرّخون المصريّون، والمقريزي منهم، وقبله القضاعي والكندي وغيرهم.
لهم يقال له خيران، ثمّ إلى خادم يقال له خفيف (1). فأهداه خفيف إلى الإمام المنصور بالله أبي الطاهر إسماعيل، فنحله (2) ابنه الإمام المعزّ لدين الله وهو صغير فربّاه حتّى بلغ مبالغ الرجال في خدمته، وكنّاه بأبي الحسين ورقّاه في الخدم إلى أن قام في الخلافة بعد أبيه (3).
و[لمّا] كانت [سنة] خمس وأربعين وثلاثمائة ارتفع أمر جوهر، وصار إلى رتبة الوزارة.
ثمّ أخرجه المعزّ في يوم الخميس لتسع خلون من صفر سنة سبع وأربعين [وثلاثمائة] على عسكر عظيم بالعدّة والقوّة ليتوجّه به إلى المغرب. وكتب له أن يأخذ من كلّ كورة مرّ عليها عددا معلوما.
وكتب إلى جعفر بن علي الأندلسي وزيري بن مناد الصنهاجيّ ويعلى بن محمّد الزناتيّ أن يخرجوا معه بعساكرهم. فخرجوا معه حتّى وصلوا إلى تاهرت فتلقّاه يعلى بن محمّد الزناتي وكان صاحب المغرب، وأكرمه وقام له بالوظائف والعلف أيّاما، غير أنّ أهل مدينة إفكان كانوا إذا باعوا أهل عسكر جوهر شتموهم واستخفّوا بهم، ومع ذلك فكان يعلى لم يسارع بالمسير مع جوهر. فلمّا رحل جوهر بعساكره من عند يعلى، مشى يعلى ليشيّعه.
فسار جوهر، وأخذ العسكر في رفع أثقالهم إذ سمع صياحا عظيما. فقال: ما هذا؟
فقيل له: أصحاب يعلى قد ضربوا على ساقة العسكر وقد شغبوا.
فقال يعلى: أنا أمضي لأفرّقهم.
فمنعه جوهر من المضيّ وزاد الصياح. فأمر جوهر بيعلى فأرجل عن فرسه وأركب على بغلة.
ثمّ زاد الأمر فأمر جوهر بيعلى فأنزل عن البغلة ومشى بين يديه راجلا، فاشتدّ الأمر ونهبت الزوامل (4) فأتى أبو طاعة بن يصل الكتاميّ إلى جوهر، وقال:«السيف يعمل في عسكرنا وهذا حيّ» ! فجرّد سيفه فضرب يعلى [ف] أطار رأسه ورفعها على قناة وحملها إلى موضع القتال. فلمّا رآها أصحابه انهزموا فمال عليهم العسكر حتّى بلغوا بهم إلى إفكان، والسيف يعمل فيهم فدخلوا إفكان بالسيف، فقتل أكثر أهلها ونهب كلّ ما فيها، وأسر يدو بن يعلى، ثمّ هدمت إفكان، وحرّقت بالنار، وذلك كلّه يوم الاثنين (5) الثاني من جمادى الأولى [347].
ورحل جوهر حتّى [358 ب] انتهى إلى فاس وبها أحمد بن بكير، فامتنع من جوهر وقاتلة مدّة، فلم يقدر عليه جوهر ورحل عن فاس إلى سجلماسة. فلمّا قرب منها فرّ عنه محمّد بن الفتح الملقّب بالشاكر لله أمير المؤمنين، وكان قد تغلّب عليها ستّ عشرة سنة. ثمّ أخذ أسيرا وحمل إلى جوهر في يوم الأربعاء لثمان خلون من رجب [347] بغير حرب. فمضى جوهر إلى البحر المحيط، وأمر أن يصطاد له من حيتانه، وجعلها
(1) خفيف الخادم، «خفيف الصقلبيّ صاحب الستر» (اتعاظ 140)، و «خفيف الشمّاس» (ابن سعيد: النجوم الزاهرة 41)، وقد عاش على الأقلّ حتى سنة 358 إذ كلّفه المعزّ بجمع المال من كتامة استعدادا للحملة المصريّة (اتّعاظ 140).
(2)
نحله: أعطاه وخصّه به.
(3)
النصّ مضطرب، ولا يمكن أن يربّي المعزّ جوهرا وهو يصغره بخمس سنوات أو سبع (فقد ولد المعزّ سنة 317 أو 319). ولعلّ النقل مبتور، إذا ما قارنّاه بنصّ الداعي إدريس، عيون الأخبار 604: «وحمله خفيف إلى المنصور فعلا ذكره معه وسايره في غزواته، وكان كاتبه وكاتب المعزّ
…
»، ولعلّ الترجمة منقولة عن تاريخ القاضي القضاعي الموسوم ب «أخبار الخلائف» .
(4)
الزاملة هي الناقة أو كلّ دابّة يحمل عليها.
(5)
أسماء الأيّام لا توافق تواريخها من سنة 347، بل توافق سنة 348، ولكنّنا نأخذ بتاريخ 347 الذي ذكره ابن عذاري 1/ 222، وكذلك ابن خلدون 4/ 46.
في قلّة فيها ماء. وكتب إلى المعزّ كتابا جعل في طيّه من ضريع البحر المحيط وبعث بذلك إليه، يشير أنّه انتهى إلى البحر المحيط.
ثمّ عاد إلى فاس (1) بعد أن ملك تلك البلاد كلّها، فنزل عليها وقاتل أهلها مدّة قتالا طويلا حتّى يئس منها. ثمّ جدّ فيها إلى أن ملكها ونهب عسكره مافيها، وسبوا ذراريّها. وأخذ أحمد بن بكير (2) وقيّده وجعله مع محمد بن الفتح أمير سجلماسة، وذلك لعشر بقين من رمضان [348].
وعمل قفصين من خشب سجن فيهما المذكورين. وقفل إلى إفريقيّة بعد ما فتح الفتوح وأراح البلدان إلى البحر المحيط. ولم يتعرّض لسبته، وكانت بيد بني أميّة.
فلمّا قدم تاهرت ولّى عليها زيري بن مناد وضمّها إلى يده فقوي أمره. وتركه بها، وسار إلى المسيلة فترك عليها عاملها جعفر بن عليّ الأندلسيّ، وردّ كلّ قوم إلى مواضعهم.
ووصل إلى المنصوريّة ومعه أحمد بن بكير أمير فاس، ومحمد بن الفتح الشاكر لله أمير سجلماسة، ويدو بن يعلى بن محمد الزناتي أمير تاهرت، وكثير من الأسرى في يوم الجمعة لاثنتي عشرة بقيت من شوّال.
ثمّ أخرجه المعزّ في سنة سبع وخمسين [وثلاثمائة] لإصلاح المغرب في عسكر عظيم، وليحشد كتامة الذين ينهض بهم إلى المشرق، ويجبي من البربر خمسمائة ألف دينار، فدوّخ المغرب.
وقدم يوم الأحد لثلاث بقين من المحرّم سنة
ثمان وخمسين [وثلاثمائة] بعساكر عظيمة من كتامة والجند والبربر، فأقام خارج المنصوريّة ليجتمع إليه الحشود والعساكر. وفتح المعزّ بيت المال، وأعطى الأموال من ألف دينار إلى عشرين دينارا. ثمّ رحل في يوم السبت لأربع عشرة مضت من ربيع الأوّل [358] بالعساكر، ومعه زيادة على مائة ألف فارس، وبين يديه أكثر من ألف ومائتي صندوق فيها المال. فنزل برقّادة وخرج إلي [هـ] المعزّ وخلا به، وأطلق يده ليتصرّف في بيوت أمواله كيف شاء، ويأخذ منها، زيادة على ما معه، ما أحبّ واختار. [359 أ] فقال المعزّ، وجوهر قائم بين يديه، والعساكر مجتمعة: والله [لو] خرج جوهر هذا وحده بسوطه لفتح مصر، وليدخلنّ مصر بالأردية من غير حرب، ولينزلنّ في خرابات ابن طولون، ويبني مدينة تسمّى القاهرة تقهر الدنيا!
وأمر المعزّ أولاده وإخوته وسائر الأولياء وعبيد الدولة أن يمشوا بين يدي جوهر وهو راكب.
وكتب إلى جميع من يمرّ عليه جوهر من العمّال يأمرهم، إذا قدم عليهم، أن يترجّلوا إليه عند لقائه ويمشوا في خدمته.
ثم تقدّم إلى جوهر بالمسير، فرفع من مناخه، والمعزّ واقف، ثمّ أكبّ على جوهر وقد ركب فرسه فسارّه طويلا. ثمّ التفت إلى الأمراء أولاده وإخوته فقال:«ودّعوه» ! فنزلوا عن خيولهم، ونزل بنزولهم كافّة الناس فودّعوه على قدر مراتبهم واحدا بعد واحد. فلمّا فرغوا من وداعه أقبل جوهر فقبّل يد المعزّ وحافر فرسه. فقال له المعزّ:
«اركب! » فركب وسار، والمعزّ يسايره طويلا، ثمّ وقف وقال له:«سر! » فسار، ثم التفت والمعزّ قائم، فأومأ إليه بكمّه أن امض! فحرّك جوهر يريد عسكره حتى لحق بهم، ثمّ نزل منزله. وعاد المعزّ
(1) في العام الموالي، أي سنة 348.
(2)
عند ابن عذارى 1/ 214، وابن خلدون 4/ 47:
أحمد بن بكر [بن سهل الجذاميّ].