الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مجتهدا فيما يعمّكم صلاحه ويشملكم نفعه، ويصل إليكم خيره وتتعرّفون بركته، وتغتبطون معه بطاعة مولانا وسيّدنا أمير المؤمنين صلوات الله عليه.
ولكم عليّ الوفاء بما ألزمته نفسي، وأعطيتكم إيّاه، عهد الله وغليظ ميثاقه، وذمّته وذمّة أنبيائه ورسله، وذمّة الأئمّة موالينا، أمراء المؤمنين، قدّس الله أرواحهم، وذمّة مولانا وسيّدنا أمير المؤمنين المعزّ لدين الله، صلوات الله عليه، فتصرّحون بها، وتعلنون بالانصراف إليها، وتخرجون وتسلّمون عليّ، وتكونون بين يديّ، إلى أن أعبر الجسر، وأنزل في المناخ المبارك، وتحفظون وتحافظون من بعد على الطاعة، وتثابرون عليها، وتسارعون إلى فروضها، ولا تخذلون وليّا لمولانا وسيّدنا أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وتلزمون ما أمرتم به.
وفّقكم الله وأرشدكم أجمعين.
وكتب جوهر القائد هذا [361 أ] الأمان بخطّه في شعبان سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة. وصلّى الله على محمد النبيّ، وعلى آله الطيّبين الطاهرين الأخيار.
وفي آخره: قال جوهر الكاتب عبد أمير المؤمنين، صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين وأبنائه الأكرمين: كتبت هذا الأمان على ما تقدّم به أمر مولانا وسيّدنا أمير المؤمنين، صلوات الله عليه. وعليّ الوفاء بجميعه لمن أجاب من أهل البلد وغيرهم، على ما شرطت فيه. والحمد لله ربّ العالمين، وحسبي الله ونعم الوكيل، وصلّى الله على محمّد وعلى آله الطيّبين.
وكتب جوهر بخطّه، وأشهد جوهر على نفسه جماعة الحاضرين وهم:
أبو جعفر مسلّم بن عبيد الله الحسينيّ،
وأبو إسماعيل إبراهيم بن أحمد الرسّيّ الحسينيّ،
وأبو الطيّب العبّاس بن أحمد الهاشميّ،
والقاضي أبو الطاهر محمد بن أحمد،
وابنه أبو يعلى محمد بن محمّد،
ومحمّد بن مهلّب بن محمد (1)،
وعمرو بن الحارث بن محمد.
[رفض الإخشيديّة للاتّفاق]
وأخذ منه أبو جعفر مسلّم كتابا إلى جماعة، منهم الوزير أبو الفضل جعفر بن الفضل بن الفرات.
وأجاز جوهر الجماعة وحملهم، ولم يقبل أبو جعفر مسلّم منه شيئا، وطعم الجماعة عنده معه وودّعوه وانصرفوا. فبلغهم أنّ الجماعة بمصر قد نقضوا الصلح فأسرعوا في الانصراف. وبلغ ذلك جوهرا فأدركهم بمحلّة حفص، وقال لهم: قد بلغني أنّ القوم قد نقضوا الصلح، فردّوا عليّ أماني!
فرفقوا به. فقال لأبي طاهر: يا قاضي، ما تقول في هذه المسألة؟
فقال: ما هي؟
قال: ما تقول فيمن أراد العبور إلى مصر ليمضي إلى الجهاد، ويقاتل الروم فمنع؟ أليس له قتالهم؟
فقال القاضي: نعم.
فقال جوهر: وحلال قتالهم؟
قال: نعم.
(1) في المخطوط: بن مهذّب.
فسارع عبد العزيز بن هيج الكلابي (1) من عسكر جوهر، فدخل الفيّوم وأقام الدعوة، ففرّ منه مبشّر الإخشيديّ إلى الفسطاط.
ووافى الشريف مسلّم والجماعة من عند جوهر في ثامن شعبان ونزل بداره فأتاه الناس [و] فيهم الوزير ابن الفرات، فقرأ عليهم كتاب جوهر، وأوصل إلى ابن الفرات وغيره كتبهم، فامتنع الإخشيديّة والكافوريّة، وقال فرح البجكمي (2):
لو جاءنا يا شريف جدّك محمد صلى الله عليه وسلم بهذا ضربنا وجهه بالسيف!
فلامهم ابن الفرات على ذلك، وقال لهم:
أنتم سألتم الشريف في [362 أ] هذه الرسالة، فلم يقنع حتّى أخذ معه أبا إسماعيل، وهو حسنيّ، وأخذ معه قاضي المسلمين، وأخذ رجلا عبّاسيّا.
هذا وأبو جعفر مسلّم ساكت لم يزد على أكثر من قوله: خار الله لكم!
واشتغل بمساررة ابن الفرات، والكافوريّة مع الإخشيديّة في خوض، وقالوا كلّهم: ما بيننا وبين جوهر إلّا السيف!
فقال أبو منحل: فتكون حرب بغير أمير؟
فقالوا: هو كذلك.
فقال: ترضون بمن أرضى؟
فقالوا: نعم.
فقام قائما واستقبل نحرير شويزان (3)، وقال:
السلام عليك أيّها الأمير!
وقاموا كلّهم فسلّموا عليه وخرجوا يحجبو [ن] هـ إلى داره. فانعقد له الأمر، وأحمد ابن الأمير عليّ بن الإخشيد لا يفكّر فيه ولا يعتدّ به.
واستعدّ القوم للقتال وساروا في عاشره، ونزلوا بالجزيرة وضبطوا الجسرين. فلمّا رأى ذلك جوهر عاد إلى منية شلقان (4) ليعبر من هناك، وبعث جعفر بن فلاح لاستقبال المراكب الواردة من تنيس ودمياط وأسفل الأرض فأخذها. فبعث الإخشيديّة نحرير الأزغلي ويمن الطويل ومبشّر [الإخشيديّ] وبلال الطائيّ في خلق ليمنعوا جوهرا من العبور (5)، فابتدأ القتال في يوم الخميس حادي عشر شعبان. فقتل من المصريّين خلق كثير.
وانصرف الناس عشيّة الأحد النصف من شعبان [سنة 358]. فلمّا كان نصف الليل انصرف من كان بالجزيرة إلى دورهم وأصبحوا غازين إلى الشام. وكان ممّن قتل: نحرير الأزغليّ، ومبشّر [309 أ] الإخشيديّ، ويمن الطويل، وبلال الطائي في خلائق. فلمّا كان يوم الاثنين اجتمع أحمد بن محمد الروذباري الكاتب (6)، وعبد الله بن أحمد
(1) ولكنّه سرعان ما ينقلب في الولاء «فيسوّد» أي يقيم الدعوة للعبّاسين (انظر الاتّعاظ 183).
(2)
فرح البجكمي: لعلّه منسوب إلى بجكم الرّائقي الذي خدم ابن رائق، وسيؤسر مع الإخشيديّة والكافوريّة ويرسل إلى القيروان، وربّما عاد إلى مصر مع المعزّ، إذ نجد في الولاة والقضاة «فرح التحكيمي» ، في زمن المعزّ (ص 586).
(3)
نحرير شويزان أو نحرير الأصغر. وهو غير نحرير الأزغلي أو نحرير الأكبر الذي سيقتل في أوّل لقاء مع جعفر بن فلاح. انظر: عيون الأخبار 680.
(4)
منية شلقان هي اليوم قرية شلقان شرقيّ القناطر الخيريّة بمركز قليوب (النجوم الزاهرة 4/ 31، هامش 2).
(5)
في الاتّعاظ 1/ 109: وتولّى العبور إليهم جعفر بن فلاح عريانا في سراويل مع جمع من المغاربة
…
ووقع القتال فقتل خلق من المصريّين.
(6)
في عيون الأخبار 681، كنيته أبو محمد وهو عامل الخراج، وانظر حسن إبراهيم حسن: تاريخ الدولة الفاطميّة 300، هامش 2.