الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال أبو حاتم: لا بأس به.
وقال محمد بن عبادة بن زياد المعافريّ: كنّا عند أبي سريج فكدّت (1) المسائل. فقال أبو سريج: قد درنت قلوبكم. فقوموا إلى [426 أ] أبي حميد خالد بن حميد اصقلوا قلوبكم وتعلّموا هذه الرغائب، فإنّها تجوّد العبادة، وتورّث الزهادة، وتجرّ الصداقة، وأقلّوا المسائل، إلّا ما نزل، فإنّها تقسّي القلب، وتورّث العداوة.
1328 - خالد بن حيّان الحضرميّ
(2)
خالد بن حيّان بن الأعين، الحضرميّ، من وجوه مصر.
يروي عن أبيه. وعنه يحيى بن أيّوب، وعبد الله بن لهيعة، وعبد الرحمن بن ميسرة.
وخرج به صالح بن عليّ إلى دمشق.
1329 - أبو أيّوب الأنصاريّ [- 52]
(3)
خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد عوف بن غنم بن مالك بن النجّار، أبو أيّوب، الأنصاريّ، أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أمّه هند بنت سعد بن قيس بن عمرو بن امرئ القيس بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحرث بن الخزرج الأكبر.
عقبيّ، شهد المشاهد كلّها. قدم مصر غازيا، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة، وشهد بدرا، وأحدا، والخندق، وسائر المشاهد. وعليه نزل
رسول الله صلى الله عليه وسلم في خروجه من بني عمرو بن عوف حين قدم المدينة مهاجرا من مكّة: واحتمل أبو أيّوب رحله صلى الله عليه وسلم فوضعه في يته، فنزل عليه صلى الله عليه وسلم شهرا حتى بنى مسجده ومساكنه. ثمّ انتقل عليه السلام إلى مساكنه من بيت أبي أيّوب.
روى يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله اليزنيّ عن أبي رهم السّماعي (4) قال: حدّثني أبو أيّوب قال: لمّا نزل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل في السّفل، وأنا وأمّ أيّوب في العلوّ. فقلت له: يا نبيّ الله، بأبي أنت وأمّي! إنّي أكره وأعظم أن أكون فوقك وتكون تحتي، فاظهر أنت فكنفي العلوّ، وننزل نحن فنكون في السفل.
فقال: يا أبا أيّوب، إنّ [هـ] أرفق بنا وبمن يغشانا أن نكون في سفل البيت.
(قال) فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفله وكنّا فوقه في المسكن. فلقد انكسر حبّ لنا فيه ماء، فقمت أنا وأمّ أيّوب بقطيفة لنا ما لنا لحاف غيرها، ننشّف بها الماء خوفا أن يقطر على رسول الله صلى الله عليه وسلم منه شيء فيؤذيه. (قال) وكنّا نصنع له العشاء فنبعث به، فإذا ردّ علينا فضلة تيمّمت أنا وأمّ أيّوب موضع يده فأكلنا منه نبتغي بذلك البركة، حتّى بعثنا إليه ليلة بعشائه، وقد جعلنا له فيه بصلا أو ثوما.
فردّه، ولم أر ليده فيه أثرا. فجئته فزعا فقلت:
يا رسول الله، بأبي أنت وأمّي، رددت عشاءك ولم أر فيه موضع يدك، وكنت إذا رددته علينا تيمّمت أنا وأمّ أيّوب موضع يدك، نبتغي بذلك البركة.
قال: إنّي وجدت فيه ريح هذه الشجرة، وإنّي رجل أناجي- وفي رواية: أناجي من لا يناجون- أمّا أنتم فكلوه. (قال) فأكلناه، ولم نصنع له تلك الشجرة بعد.
(1) قراءة ظنّية، وكدّت لعلّها بمعنى: كثرت فأجهدت.
(2)
طبقات أبي العرب 6.
(3)
أسد الغابة 2/ 94 (1361): خالد و 6/ 25 (5707): أبو أيّوب- الوافي 13/ 251 (307) - شذرات 1/ 57 - العبر 1/ 56 - دائرة المعارف.
(4)
له ترجمة في أسد الغابة 6/ 116 (5890).
وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أبي أيّوب ومصعب بن عمير. ولم يزل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة. فلمّا توفّي النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يخرج منها حتّى كانت خلافة عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه. فسار معه من المدينة وشهد معه الجمل وصفّين والنهروان.
وذكر أبو سليمان بن زبر (1) أنّه سكن دمشق وشهد فتح مصر. وقال شعبة: سألت الحكم: أشهد أبو أيّوب صفّين؟
قال: لا، ولكنّه شهد النهروان.
وقال الكلبي وابن إسحاق، وغيره: شهد أبو أيّوب مع عليّ الجمل وصفّين، وكان على مقدّمته يوم النهروان.
ومات بالقسطنطينيّة في زمن معاوية بن أبي سفيان سنة خمسين- وقيل: إحدى وخمسين، وقيل: اثنتين وخمسين- تحت راية يزيد بن معاوية.
وله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدّة أحاديث، لأهل مصر عنه سبعة أحاديث أغربوا بها، إلّا حديثا واحدا رواه الناس معهم، وهو حديث البصل.
وحدّث عن أبيّ بن كعب، وأبي هريرة. وحدّث عنه البراء بن عازب، وأبو أمامة، وأسلم التجيبيّ، وأفلح مولاه، وجبير بن نفير، وعبد الله بن حنين، وعبد الله بن يزيد الخطميّ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعروة بن الزبير، وعطاء بن يزيد الليثيّ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن.
وحدّث عنه [426 ب] من أهل مصر أبو رهم السماعيّ، وجبريل بن هاغان الناشريّ، ومرثد بن عبد الله اليزنيّ، وعبد الرحمن بن جبريل بن ناشرة الكنعيّ، وزياد بن أنعم
الشعبانيّ (2)، وأسلم مولى تجيب. وحدّث عنه سوى من ذكرنا خلق.
وأخباره كثيرة. قال مرثد بن عبد الله اليزنيّ:
قدم علينا أبو أيّوب مصر غازيا، وعلينا عقبة بن عامر، فحبس عقبة المغرب. فلمّا صلّى قام إليه أبو أيّوب: يا عقبة، [أ] هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّي المغرب؟ أما سمعته يقول: لا تزال أمّتي بخير- أو: على الفطرة- ما لم يؤخّروا المغرب حتى تشتبك النجوم؟
قال: بلى.
قال: فما حملك على ما صنعت؟
قال: شغلت.
فقال أبو أيّوب: أما والله، ما بي إلّا أن يظنّ الناس أنّك رأيت النبيّ صلى الله عليه وسلم فعل هذا.
وقال الليث عن يحيى بن سعيد الأنصاريّ:
قال أبو أيّوب: من أراد أن يكثر علمه، ويعظم حلمه، فليجالس غير عشيرته.
وقال حبيب بن أبي ثابت عن محمد بن عبد الله بن عبّاس: إنّ أبا أيّوب غزا الروم، فمرّ على معاوية فجفاه. فلمّا مرّ من غزوته جفاه ولم يرفع به رأسا. فقال: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنبأني أنّا سنرى بعده أثره.
فقال معاوية: فبم أمركم؟
فقال: أن نصبر.
قال: فاصبروا إذن!
فأتى ابن عبّاس بالبصرة وقد وليها لعليّ رضي الله عنه، فقال: يا أبا أيّوب، إنّي أخرج [لك] عن مسكني كما خرجت عن مسكنك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر أهله فخرجوا وأعطاه كلّ شيء أغلق عليه
(1) ابن زبر الربعيّ، أبو سليمان: محمد بن عبد الله (ت 379): أعلام النبلاء 16/ 440 (326).
(2)
ترجم له المالكي في رياض النفوس 1/ 129 (47).
الدار. فلمّا كان انطلاقه قال: حاجتك؟
قال: حاجتي عطائي، وثمانية أعبد يعملون في أرضي- وكان عطاؤه أربعة آلاف فأضعفها له مرّات: فأعطاه عشرين ألفا وأربعين عبدا.
وقال ابن سيرين: قدم أبو أيّوب على معاوية فأجلسه معه على السرير. فجعل معاوية يقول:
فعلنا وفعلنا- وأهل الشام حوله. فقال: يا أبا أيّوب، من قتل صاحب الفرس أنذيا يوم كذا؟
قال أبو أيّوب: أنا قتلته إذ أنت وأبوك على الجمل الأحمر، معكما لواء الكفر!
فنكس معاوية رأسه. وتنمّر أهل الشام، فرفع معاوية رأسه وقال: مه! مه! وإلّا فلعمري ما عن هذا سألناك، ولا هذا أردنا منك.
وقال الأعمش عن أبي ظبيان: غزا أبو أيّوب الروم فمرض. فلمّا احتضر قال: إذا متّ فاحملوني، فإذا أصففتم للعدوّ فارموني تحت أقدامكم.
وقال سعيد بن عبد العزيز: أغزى معاوية بابنه يزيد في سنة خمسين في البرّ والبحر حتى أجاز بهم الخليج، وقاتلوا أهل القسطنطينيّة على بابها، ثمّ قفل.
وعن أبي بليان: أتيت مصر فرأيتهم قد قفلوا من غزوتهم، فأخبروني أنّه لمّا كان عند انقضاء مغزاهم بحيث يراهم العدوّ واحتضر أبو أيّوب قال: إن قبضت فاركبوا الخيل ثمّ القوا العدوّ فيردّونكم حتّى لا تجدوا مقدما، فاحفروا لي حينئذ قبرا ثمّ ادفنوني ثمّ سوّوه، ولتطإ الرجال والخيل عليه حتى لا يعرف.- وقيل إنّ يزيد أمر بالخيل فجعلت تقبل وتدبر حتّى عفا أثره (1).
وقد قيل: إنّ الروم قالت للمسلمين في صبيحة دفنهم لأبي أيّوب: لقد كان لكم الليلة شأن؟
فقالوا: هذا رجل من أكابر أصحاب نبيّنا صلى الله عليه وسلم وأقدمهم إسلاما. وقد دفنّاه حيث رأيتم. والله لئن نبش لا ضرب لكم بناقوس في أرض العرب ما كانت لنا مملكة- قال مجاهد: فكانوا إذا أمحلوا كشفوا عن قبره فمطروا.
وقال مالك: بلغني عن قبر أبي أيّوب أنّ الروم يستفلحون به ويستسقون.
وقال الواقديّ: توفّي سنة ثنتين وخمسين، وصلّى عليه يزيد بن معاوية. وقبر [هـ] بأصل حصن القسطنطينيّة. ولقد بلغني أنّ الروم يتعاهدون قبره ويستسقون به.
وقال أبو عبد الله الحسين بن نصر بن مزاحم المنقريّ في كتاب صفّين (2): وكتب معاوية إلى أبي أيّوب: حاجيتك: ما تنسى شيباء أبا عذرتها ولا قاتل بكرها.
فلم يدر ما هو، فأتى عليّا رضي الله عنه، فقال:
يا أمير المؤمنين، إنّ معاوية كتب إليّ بكتاب لا أدري [427 أ] ما هو!
فقال عليّ: أرن [يه].
فأتاه به. فقال: هذا مثل ضربه. يقول: لا تنسى شيباء- والشيباء العروس أوّل ما يدخل بها زوجها الذي أخذ عذرتها: كذلك لا أنسى قتلة عثمان.
- تاريخ الدولة العليّة العثمانية القاهرة 1311/ 1893 ص 35 وكذلك دليل تركيا. Guides bleus: Turquie،
ص 296.
(1)
قبر أبي أيّوب اكتشف أثناء حصار القسطنطينيّة على يد محمد الثاني الفاتح سنة 757/ 1453، وبعد الفتح بنى له مسجدا جامعا معروفا مقصودا: انظر محمد فريد بك: -
(2)
وقعة صفّين، 417. والنقد: ضرب من الغنم. وصاحب كتاب وقعة صفّين هو نصر بن مزاحم المنقري (ت 212): كحّالة 13/ 92. الأعلام 8/ 350. ولم نجد ابنا له باسم الحسين بن نصر.