الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1350 - ابن عين الغزال الدمياطيّ [- بعد 330]
خالد بن محمد بن عبيد بن خالد، الدمياطيّ، عرف بابن عين الغزال (1)، التجيبيّ، من أنفسهم.
كان يتفقّه على مذهب مالك. وكانت له حلقة بدمياط في مسجدها. حدّث عن عبيد الله بن أبي جعفر الدمياطيّ، وعبيد بن خنيس، وبكر بن سهل، ومحمد بن إسحاق بن يزيد الأنطاكيّ، قدم عليهم. وكان موثّقا.
توفّي بدمياط بعد سنة ثلاثين وثلاثمائة.
1351 - ابن القيسرانيّ الكاتب [- 588]
(2)
خالد بن محمد بن نصر بن صغير بن خالد، موفّق الدين، أبو البقاء، ابن عدّة الدين شرف المعالي أبي عبد الله، المخزوميّ، الخالديّ، الحلبيّ، المعروف بابن القيسرانيّ، الكاتب البارع، وزير السلطان الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي.
كان أبوه شاعرا مجيدا (3). ولد بعكّا ونشأ بقيساريّة من سواحل الشام فنسب إليها. وسكن دمشق، وتولّى إدارة الساعات التي على باب الجامع أيّام تاج الدولة تتش. ثمّ تحوّل إلى حلب وولي بها خزانة الكتب. وتردّد إلى دمشق وبها مات سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.
وولد الموفّق في [
…
] وعمل له أبوه مولدا رصديّا فدلّه على سعادة جليلة حتى إنّه كان يقول:
أبطأت عليّ سعادة خالد.- ومات ولم يرها.
فاتّفق أنّ نور الدين الشهيد أراد كتابة ربعة محقّقة، فوصف له خالد وكان قد برع في الكتابة وانفرد بعلم المحقّق في زمانه. فأحضره واستكتبه، فأعجب له. فاستدعى له بالورق والحبر والأقلام، وأفرد له مكانا يكتب فيه فأقام عنده سنة إلى أن فرغت كتابة الربعة، ولم يقل للسلطان [بسيط]:
يوما من الدهر لا أهلي ولا ولدي
ثمّ انصرف بعد السنة إلى داره، فوجد الخدم على بابها، فدخلها فإذا البيت [فيه] كلّ ما يحتاج إليه، وعلى أهله كسوة وبزّة فاخرة، فسألهم عن ذلكفقالوا: يوم طلبت إلى السلطان جاءتنا هذه الخدم والجواري والقماش، ورتّب لنا ما يكفينا من اللحم والخبز والإدام وغير ذلك.
فلازم السلطان مدّة حتى جعله مستوفيا. ثمّ رتّبه في كتابة الإنشاء واختصّ به. وتقدّم عنده تقدّما زائدا. وبعث به إلى مصر [429 أ] في سنة تسع وستّين وخمسمائة ليطالب صلاح الدين يوسف بن أيّوب بحساب مصر عن جميع ما أخذ من القصور وحصل من الارتفاع. فلمّا وصل إلى القاهرة أقبل عليه صلاح الدين إقبالا زائدا وتلقّاه أكرم تلقّ وبالغ في تعظيمه، إلى أن طلب منه الحساب. [ف] شقّ عليه [ذلك] وقال: إلى هذا الحدّ وصلنا؟ - وأوقفه على ما تحصّل له وعرض عليه الأجناد وعرّفه مبالغ إقطاعاتهم وجامكيّاتهم ورواتب نفقاتهم، ثمّ قال له: وما يضبط هذا الإقليم العظيم إلّا بالمال الكثير. وأنت تعرف أكابر الدولة، وعظماءها، وأنّهم معتادون بالنّعمة والسعة، وقد تصرّفوا في أماكن لا يمكن انتزاعها
(1) ابن عين الغزال: انظر فيما سبق ص 162 أعلاه هـ 4.
(2)
الوافي 13/ 282 (342) - الأعلام 2/ 340 - البداية والنهاية 14/ 31 (في ترجمة حفيده عبد الله بن محمد بن أحمد بن خالد، ت 703). وانظر ترجمة الحفيد مخلوطة بترجمة والده محمّد بن أحمد: رقم 1712.
(3)
أبو عبد الله القيسرانيّ أبوه: له ترجمة في الخريدة (الشام) 1/ 96.
منهم، ولا يسمحون بأن ينقص من ارتفاعها.
وأخذ يجمع المال. وتقدّم إلى الموفّق بالتوجّه إلى الإسكندريّة ليسترفع حسابها وخراجها حتى يتهيّأ ما يحمل للسلطان. فمضى إلى الإسكندريّة وعاد. فجهّز صلاح الدين صحبته هديّة جليلة- وهي: خمس ربعات شريفة، منها ربعة في ثلاثين جزءا بغشاء أطلس أزرق مضبّب بينها بصفائح ذهب وأقفال ذهب وجلّها جميعه بالذهب.
وربعة في عشرة أجزاء بغشاء ديباج فستقيّ.
وربعة في سفر بخطّ ابن البوّاب عليها قفل من ذهب وثلاثة أحجار بلخش (1) زنة أحدها اثنان وعشرون مثقالا، وزنة الآخر اثنا عشر مثقالا، وزنة الآخر عشرة مثاقيل ونصف. وستّ قصبات زمرّد زنة الواحدة ثلاثة مثاقيل. وحجر ياقوت أحمر زنته سبعة مثاقيل. وحجر ياقوت أزرق زنته ستّة مثاقيل. ومائة عقد جوهر زنتها ثمانمائة وسبعة وخمسون مثقالا. وخمسون قارورة ذهب بلسان. وعشرون قطعة بلّور، وأربع عشرة قطعة جزع ما بين زيادي وسكارج. وإبريق بشم، وطشت بشم، وسقرق منيا مذهّب بعروة فيها حبّتا لؤلؤ، وفي الوسط فصّ ياقوت أزرق. وأربعون قطعة صينيّ ما بين زيادي وسكارج وصحون. وقطعتان عود كبيرتان جدّا. وعنبر كثير، من جملته قطعة زنتها ثلاثون رطلا، وقطعة زنتها عشرون رطلا.
ومائة ثوب أطلس، وأربعة وعشرون بقيار مذهب. وأربعة وعشرون ثوب وشي حريريّة بيض.
وحلّة فلفلي مذهبة، وحلّة مرايش أصفر مذهّبة، وحلّة مرايش أزرق مذهّبة، وحلّة مرايش بقصب أحمر وأبيض، وحلّة فستقي بقصب مذهّبة،
وقماش كثير- بلغت قيمتها مائتي ألف دينار.
ومن العين خمسة وعشرون ألف دينار.
وسار بذلك. فقدم الخبر بموت نور الدين في حادي عشر شوّال، فأمر بالهديّة فأعيدت.
ويقال إنّ خبر موت نور الدين قدم والموفّق بالإسكندريّة. فلمّا قدم على صلاح الدين، لم ير منه ذلك الاحتفال. فقال له: يا خوند، أحسن الله عزاءك في مخدوم المملوك!
فقال: من أعلمك بذلك؟
قال: أنت، لأنّك عاملتني تلك المرّة باحتفال لم أره الآن.
فسأله صلاح الدين الإقامة عنده، فأبى وقال:
ما أخرج عن أولاد أستاذي- ومضى إلى دمشق.
ثمّ صار إلى حلب، وبها مات في يوم [
…
] جمادى الآخرة سنة ثمان وثمانين وخمسمائة.
وكان صدرا نبيلا وافر الجلالة. سمع من عبد الله بن رفاعة، وأبي الطاهر السلفيّ، وابن عساكر. وحدّث بحلب. روى عنه الموفّق ابن يعيش وغيره.
وكتب إليه القاضي الفاضل الرسالة الذهبيّة، وقد وقف له على خطّ بسطور ذهب وهي (2):
وقف الخادم على ما دبّجته أنامل الحضرة التي إذا صاب سحابها روّض لساعته، وإذا عدمت حقيقة السحر فهي التي نفثها بيانه في روع يراعته، فانتقل من الاستحسان إلى التسبيح لأنّ حروفه شذور السبح، وخلص للتفضيل من الترجيع بأوّل ما صافح الطرف من الطرف، واللمح من اللمح،
(1) أحجار بلخش، من بلاد بلخشان أو بدخشان (دوزي ومعجم ياقوت). ولم نعرف بقيّة الأحجار المذكورة في هذه القائمة المملّة: الزيادي، والسكارج والسقرق الخ.
(2)
لم ينقل النويري (نهاية الأرب 8/ 1 - 51) نصّ الرسالة الذهبيّة فيما نقله من ترسّل القاضي الفاضل، فصعب علينا تحقيقها هنا، لا سيّما وأنّ صاحبها شحنها بأنواع الزخرف وضروب البديع، وتلاعب كما شاء بلفظ الذهب ومستتبعاته.
فتناول منها جنّة قد زخرفت بنار، وليلة قد وشّمت بنهار، وروضة قد سقيت بأنها [ر] عقار، وعارض ذهب [429 ب] قد أذيب يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ [النور: 43]، فتعالى من ألان لداود الحديد، ولها (1) الذهب، وأيقظ به جدّ هذه الصناعة بعد أن نام بين الأنام، فهبّ، وأعلم الناس أنّ القلم في يد ابن البوّاب (2) للضرب لا للطرب، وأنّ قيمة كلّ منها ومنه ما به في هذه الصناعة كثب، وجلاها بتمام البدور، وأعطاه ما أعطى أباه من المحاق، وأخّر زمانها وقدّم زمانه ورزقها السبق وحرمة اللحاق: فمن ألفات ألفت همزات غصونها حمائم، ومن لا مات بعدها يحسدها المحبّ على عناق قدودها النواعم، ومن صادات نقعت غلل القلوب الصوادي والعيون الحوائم، ومن واوات ذكرت ما في حيّة الأصداغ من العطفات، ومن ميمات دنت الأفواه من ثغورها لتنال جنى الرشفات، ومن سينات كأنّها التباشير في تلك الثغور، ومن دالات على الطاعة لكاتبها بانح [ن] اء الظهور، ومن جيمات كالمناسر تصيد القلوب التي تخفق لروعات الاستحسان كالطيور. وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ [الزخرف: 71]، وخالد فيها خالد (3)، وتحييه فيها المحامد، ويده تضرب في ذهب ذائب والحلق تضرب في حديد بارد. فهي اليد التي تنظم تيجان الملوك بدرّها، وتظهر آية الكرم على قراطيسها لما تظهره من تبرها. وما كنت قبل يدها أحسب أنّ سحابا يمطر نضارا، ولا أنّ ماء
يستمدّ (4) نارا، ولا أنّ أقلامها سفكت دم المال فأجرته أنهارا، ولا قبل لحظها أنّ الشفق لا يشفق من طلوع الفجر، ولا أنّ لون اللوصل ينقضّ على لون الهجر، ولا أنّ الليل يتشبّت بعطف البرق فلا يريم، ولا أنّ ذهب الأصيل يجري به سواد الليل البهيم، ولا أنّ يدا كريمة تدّعي من آيات قلمها وكرمها أنّ الجلمود بها يقارن الجمود، وأنّ اليراعة تسترفد محلها (5) على الظمأ فتشافه منهل النضارة المورود. وما كانت خطوط الفضلاء إلّا تجربة بين يدي تحريرها الآن، ولا أقلامها إلّا حطبا أو قدته علي الذهب فذاب لها ولان. ولا تحسب (6) الخطّ إلّا بحبسها فغيّرت له أثواب الحداد، وجلت عرائس حروفه مضمّخة الأجساد بالجساد، وأطلعت إنسان عين الإحسان بدليل كونه لم يلمح إلّا في سواد، وسجد له والسجود فرضه لأنّه ثوب التيجان، وقبّله والتقبيل حقّه لأنّ الجفان تجاور منه حور الجنان. كيف لا يفضّل جوهرها بأن يفضّل، وتقابل حروفها بأن تقبّل، وقد كتب الناس باليد وكتب بالعين، وحصل الناس من هذه الصناعة بعد حرب حنين على خفّي حنين، وفازت بما أظهرت من ثروتها للنطارس (7) النضار، وصحّت لها الكيمياء لأنّه كتب بشطر دينار سطرا بألف دينار، وإنّ له في نهارها، بل في أنهارها «سبحا طويلا» (8)، وإنّها على خفّة وزنها وقلّة أسطرها لتكلّف من الشكر ثقيلا. وكيف لا يخفّ ميزان الثناء على أنهار رجّحته بذائب ذهب، وكيف يضلّ وفد الشكر وقد هدته بذوائب لهب، وقد نشره وطواه حتى كاد أن يحلقه، وأسام فيه
(1) ولها: أي لرسالة ابن القيسرانيّ: ألان الله لها الذهب كما ألان الحديد لداود.
(2)
ابن البوّاب الخطّاط المشهور (ت 423): الأعلام 5/ 183.
(3)
خالد هو المترجم، الذي وجّهت إليه هذه الرسالة.
(4)
استمدّ: طلب المداد، أي الحبر.
(5)
قراءة ظنيّة.
(6)
قراءة ظنيّة.
(7)
النطارس: لم نفهمها.
(8)
اقتباس من سورة المزمّل، 7.