الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسدّدة، ومقاصد مستوفاة للغرض المقصود، وفي بعضها بخطّ يده: عجبا عجبا لذهنك الوقّاد وفكرك النقّاد، كيف فاتك هذا؟ - وكان فيها ما يكتب إلى أبي نميّ، ومن جملته: فركنت إلى الظاهر وهو أخبث الطير، وأنت أحذر الوحش.
[ما قيل فيه من شعر]
وفيه يقول شمس الدين محمد بن سليمان بن غانم [المتقارب]:
مليكان قد لقّبا بالصّلاح
…
فهذا خليل وذا يوسف
فيوسف لا شكّ في فضله
…
ولكن خليل هو الأشرف
وذكر ابن عبد الظاهر أنّ شرف الدين البوصيريّ رأى في منامه قبل الحركة إلى عكّا في شوّال سنة تسع وثمانين وستّمائة- وقال ذلك لجماعة شهدوا بصحّة ذلك- وكأنّ قائلا ينشد: [من مخلّع البسيط]:
قد أخذ المسلمون عكّا
…
وأشبعوا الكافرين صكّا
وساق سلطاننا إليهم
…
خيلا تدكّ الجبال دكّا
وأقسم التّرك منذ سارت
…
لا تركوا للفرنج ملكا
وقال فيه ابن دانيال لمّا فتح عكّا: [من الخفيف]:
ما رأى الناس مثل ملكك ملكا
…
ملأ الخافقين للحرب تركا
وجيوشا لو صادمت جبل الشّر
…
ك لدكّته بالسّنابك دكّا
منها:
قد رأينا وأنت أنت صلاح ال
…
دين ما كان عن سميّك يحكى
صدت صيدا قنصا وصور وعثلي
…
ث وبيروت بعد فتح [ك] عكّا
وله فيه أمداح كثيرة، من ذلك من قصيدة مدحه بها لمّا عمّر الإيوان الذي بالقلعة وقد زخرفه وعليّ قبّته:[من البسيط]:
وقبّة هي للأفلاك عاشرة
…
ودونها في علوّ الشأن كيوان
كأنّها العالم العلويّ تحرسها
…
الأملاك لم يدن منها ثمّ شيطان
علت فأفلاكها الأفلاك في شرف
…
وتبرها الشّهب والأركان أركان
وأنت يا أشرف الأملاك شمس علا
…
سمائها وعلى ظنّي سليمان
وتحت دهليزك الزاهي بزركشه
…
من كلّ ما تتمنّى النفس ألوان
والجيش بالقبق المنصور قد ولعوا
…
بكلّ طائشة والقوس مرنان [442 أ]
كأنّما العرض يوم العرض إذ عرضوا
…
عليه صفّا وللإعطاء ميزان
وكان مغرى بالهدم، لأنّه هدم أماكن، وفيه يقول علاء الدين الوداعيّ لمّا أمر بهدم الأماكن التي تجاور الميدان بدمشق، ووزّع عمارته على الأمراء. ومن خطّه نقلت [من السريع]:
إن أمر السلطان في جلّق
…
بهدم ما ضايق ميدانه
فإنّه قد غار لمّا رأى
…
غير بيوت الله جيرانه
وقال أيضا [من الوافر]:
جزيتم أيّها الأمراء خيرا
…
على إتقانكم هذي البنيّه
فلا تخشوا على الميدان شيئا
…
سوى سيل العطايا الأشرفيّه
فاتّفق أنّ السلطان حضر بعد ذلك، وأنفق في العساكر.
وقال الشهاب محمود، لمّا فتح السلطان عكّا، قصيدته البائيّة المشهورة، يمدح [هـ] بها، وهي [البسيط]
الحمد لله زالت دولة الصّلب
…
وعزّ بالتّرك دين المصطفى العربي
هذا الذي كانت الآمال لو طلبت
…
رؤياه في النوم لاستحيت من الطلب
ما بعد عكّا وقد هدّت قواعدها
…
في البحر للشّرك عند البرّ من أرب
عقيلة ذهبت أيدي الخطوب بها
…
دهرا وشدّت عليها كفّ مغتصب
5 لم يبق من بعدها للكفر مذ خربت
…
في البرّ والبحر ما ينجي سوى الهرب
كانت تخيّلنا آمالنا فنرى
…
أنّ التفكّر فيها غاية العجب
أمّ الحروب فكم قد أنشأت فتنا
…
شاب الوليد بها هولا ولم تشب
سوران، برّا وبحرا حول ساحتها
…
دارا وأدناهما أنأى من القطب
خرقاء أمنع سوريها وأحصنها
…
غلب الرجال وأقواها على النّوب
10 مصفّح بصفاح حولها أكم
…
من الرّماح وأبراج من اليلب
مثل الغمائم تهدي من صواعقها
…
بالنّبل أضعاف ما تهدي من السّحب
كأنّما كلّ برج حوله فلك
…
من المجانيق يرمي الأرض بالشّهب
ففاجأتها جنود الله يقدمها
…
غضبان لله لا للملك والنّشب
ليث أبى أن يردّ الوجه عن أمم
…
يدعون ربّ العلى سبحانه بأب
كم رامها ورماها قبله ملك
…
جمّ الجيوش فلم يظفر ولم يجب 15
لم يلهه ملكه بل في أوائله
…
نال الذي لم ينله الناس في الحقب
لم ترض همّته إلّا الذي قعدت
…
للعجز عنه ملوك العجم والعرب
فأصبحت وهي في بحرين ماثلة
…
ما بين مضطرم نارا ومضطرب
جيش من التّرك ترك الحرب عندهم
…
عار وراحتهم ضرب من الضّرب (1)
خاضوا إليها الرّدى والبحر فاشتبه ال
…
أمران واختلفا في الحال والسّيب 20
تسنّموها فلم يترك تسنّمهم
…
في ذلك الأفق برجا غير منقلب
تسلّموها فلم تخل الرقاب بها
…
من فتك منتقم أو كفّ منتهب
[442 ب] أتوا حماها فلم يمنع وقد وثبوا
…
عنها مجانيقهم شيئا ولم تثب
يا يوم عكّا لقد أنسيت ما سبقت
…
به الفتوح وما قد خطّ في الكتب
لم يبلغ النّطق حدّ الشكر منك فما
…
عسى يقوم به ذو الشعر والخطب 25
كانت تمنّي بك الأيّام مبعدة
…
فالحمد لله نلنا ذاك عن كثب
(1) الضرب بفتحتين: العسل.
أغضبت عبّاد عيسى إذ أبدتهم
…
لله أيّ رضى في ذلك الغضب
وأطلع الله جيش النصر فابتدرت
…
طلائع الفتح بين السّمر والقضب
وأشرف المصطفى الهادي البشير على
…
ما أسلف الأشرف السلطان من قرب
30 فقرّ عينا بهذا الفتح وابتهجت
…
بفتحه الكعبة الغرّاء في الحجب
وسار في الأرض سير الريح سمعته
…
فالبرّ في طرب والبحر في حرب
وخاضت البيض في بحر الدماء وما
…
أبدت من البيض إلّا ساق مختضب
وغاص زرق القنا في زرق أعينهم
…
كأنّها شطن تهوي إلى قلب
توقّدت وهي غرقى في دمائهم
…
فزادها الطّفح منها شدّة اللهب
35 أجرت إلى البحر بحرا من دمائهم
…
فراح كالراح إذ غرقاه كالحبب
وذاب من حرّها عنهم حديدهم
…
فقيّدتهم به ذعرا يد الرّهب
تحكّمت وسطت فيهم قواضبها
…
قتلا وعفّت لحاويها عن السّلب
كم أبرزت بطلا كالطّود قد بطلت
…
حواسّه فغدا كالمنزل الخرب
كأنّه وسنان الرمح يطلبه
…
برج هوى ووراه كوكب الذّنب
40 بشراك يا ملك الدنيا لقد شرفت
…
بك الممالك واستعلت على الرّتب
ما بعد عكّا وقد لانت عريكتها
…
لديك شيء تلاقيه على تعب
فانهض إلى الأرض فالدّنيا بأجمعها
…
مدّت إليك فواصلها بلا نصب
كم قد دعت وهي في أسر العدى زمنا
…
صيد الملوك فلم تسمع ولم تجب
أتيتها يا صلاح الدين معتقدا
…
بأنّ داعي صلاح الدين لم يخب
أسلت فيها كما سالت دماؤهم
…
من قبل إحرازها بحرا من الذهب 45
أدركت ثأر صلاح الدين إذ غصبت
…
منه لسرّ طواه الله في اللّقب
وجئتها بجيوش كالسيول على
…
أمثالها بين آجام من القضب
وحطتها بالمجانيق التي وقفت
…
إزاء جدرانها في جحفل لجب
مرفوعة نصبوا أضعافها فغدا
…
للكسر والحطم منها كلّ منتصب
ورضتها بنقوب ذلّلت شمما
…
منها وأبدت محيّاها بلا تعب 50
وغنّت البيض في الأعناق فارتقصت
…
أبراجها لعبا منهنّ باللّعب
وخلّقت بالدم الأسوار فانفغمت
…
طيبا ولولا دماء الخبث لم تطب
وأبرزت كلّ خود كاعب نثرت
…
رءوسهم حين زفّوها بلا طرب [443 أ]
باتت وقد جاورتنا ناشزا وغدت
…
طوع الهوى في يدي جيرانها الجنب
بل أحرزتهم ولكن للسيوف لكي
…
لا يلتجي أحد منهم إلى الهرب 55
وجالت النار في أرجائها وعلت
…
فأطفأت ما بصدر الدين من كرب
أضحت أبا لهب تلك البروج وقد
…
كانت بتعليقها حَمَّالَةَ الْحَطَبِ
وأفلت البحر منهم من يخبّر من
…
يلقاه من قومه بالويل والحرب