الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سمع من عبد الغنيّ بن سعيد وغيره. مات سنة خمس وخمسين وأربعمائة.
1373 - خلف بن خير [- 364]
(1)
أحد ثوّار المغرب. صعد في بني هراش (2) إلى قلعة منيعة واجتمع إليه خلق كثير من قبائل البربر.
فزحف إليه أبو الفتوح يوسف بن زيري بن مناد خليفة المعزّ على إفريقيّة وبلاد المغرب في عساكر عظيمة ونزل عليه فقاتله أربعة أيّام فمات من الطرفين خلق عظيم حتى أخذ القلعة في يوم الأربعاء عاشر شعبان سنة أربع وستّين وثلاثمائة ودخلت إليه خيله وقد فرّ خلق. فقتل فيها من الخلق ما لا يحصى عددهم وبعث منها سبعة آلاف رأس طيف بها في القيروان.
ثمّ حمل منها إلى مصر عدد كبير طيف به في القاهرة وغنم أصحاب أبي الفتوح ما كان بالقلعة.
ووصل خلف إلى بلاد كتامة فقبضوا عليه وعلى ابنه وأخيه وخمسة من بني عمّه وحملوهم إلى أبي الفتوح فبعث بهم إلى مدينة القيروان فشهّروا بالمنصوريّة يوم الانين لخمس خلون من شهر رمضان ثمّ قتلوا وصلبوا وحملت رءوسهم إلى مصر فطيف بها في القاهرة في شوّال، فلذلك ذكرت خلفا هذا، وهو من شرط هذا الكتاب (3).
1373/ 2 - خلف ملك التجّار [790
- ] (4)
[549 أ] خلف بن حسن بن مهيوب بن ناصر بن مقدّم، القحطانيّ، ملك التجّار، القائم بدولة السلطان شهاب الدين أبي المغازي أحمد شاه متملّك كلبرجة (5) وغيرها من بلاد الهند.
ولد في حدود سنة تسعين وسبعمائة بحصن القرمطيّ من الأحساء- وهي هجر- ونشأ في كفالة أبيه، وكان من شيوخها.
فلمّا بلغ مبالغ الرجال مضى إلى جزيرة هرمز بفرسين ربّاهما حتى صارا من عتاق الخيل، واستدان ما اشترى به معهما أربعة أفراس أخر، وعبر البحر إلى كلبرجة من بلاد الهند، فاشتراها منه الفقيه شمس الدين محمد الميمونيّ وهو يومئذ القائم بأمر الدولة، وتوسّم فيه النجابة فدفع إليه أربعة آلاف تنكة (6) ليشتري له بها خيلا.
فمضى إلى هرمز وعاد فابتاع اثني عشر فرسا ورجع إلى كلبرجة بها وبما اشتراه لنفسه، فوجد الميموني قد مات. فأخذها منه نور الدين عليّ ابن الفقيه شمس الدين محمد الميمونيّ [
…
] وهو يومئذ رئيس كلبرجة بعد أبيه على سعر ألف تنكة رابح (7) كلّ فرس، وقدّمها نور الدين إلى السلطان
(1) في المخطوط: خلف بن جبر، فأصلحنا إلى ابن خير، وخير اسم متداول في الشّوار على الفاطميّين وولاتهم بالمغرب. وكذا قرأ إدريس في أطروحته.
(2)
بنو هراش أو هراس بالمهملة: قوم من أهل الأوراس في جهة سوق أهراس الحاليّة. انظر عيون الأخبار، 128 هامش 92.
(3)
شرط الكتاب أن يكون المترجم دخل مصر، ولو برأسه فقط كالحسين السبط ومحمد بن خزر الزناتيّ، أو في تابوت كإسماعيل المنصور.
(4)
ملك التجّار: انظر الفصل المتعلّق بهذا اللقب في دائرة المعارف الإسلاميّة 6/ 261. وانظر الضوء اللامع 3/ 183 (713). والترجمة منقولة من درر العقود 2/ 57 (444).
(5)
كلبرجة) Gulbarga احسان آباد) بالهند. انظر فصل Gulbarga وفصل بهمانيّه Bahmanides بدائرة المعارف 2/ 1162 و 1/ 951. وفصل Golconda في القواميس الغربيّة. وفي الدرر: كلبركا.
(6)
التنكة عملة إيرانية (دوزي) هندية: دائرة المعارف 10/ 200 (تنكة Tanga -Tanka (و 2/ 122 (دار الضرب).
(7)
تنكة رابح: يتكرّر هذا الاسم المركّب في هذه الترجمة ولعلّه يعني قسما من التنكة، ولعلّه مشترك مع اسم الروبية الحديثة.-
فيروز شاه ومطل بثمنها خلفا، ثمّ أبى أن يعطيه إلّا من حساب كلّ فرس سبعمائة وخمسين تنكة رابح. فوقع ما بينهما وتشاجرا. ولم يكن لخلف به طاقة فترامى على الخان أحمد المكنّى بأبي المغازي وشكا إليه حاله مع نور الدين فرحّب به ووعده بالقيام معه. فلازمه خلف يتردّد إليه حتّىعرّف الخان أحمد أخاه السلطان فيروز شاه (1) بأمره وتعصّب له بحيث قال للخان: كيف يحلّ لك أن تغزو الكفّار على خيل تاجر لم يأخذ ثمنها؟
فدافع السلطان عن نور الدين وطلب من يشهد بما كان بينه وبين خلف، فأعلمه الخان بأنّ السيّد الشريف طعمة ابن أبي القاسم ابن الرضيّ الحسينيّ كان بينهما في ذلك فرضيه واستدعاه ليخبره الخبر فترامى نور الدين على ملك التجّار يومئذ- ويقال له: بايزيد- فطلب السيّد طعمة وقرّر معه أن لا يشهد بينهما إلّا بأنّ الفرس بسبعمائة وخمسين تنكة وأنّه متى يشهد بغير ذلك تغيّر خاطره عليه. فلمّا دخل على السلطان والخان أبو المغازي قائم في الخدمة بين يديه، ونور الدين وملك التجّار أيضا قائمان في الخدمة سأله السلطان عمّا كان بين نور الدين وخلف، فقال: كنت حاضرا وقد طلب نور الدين خلفا، فلمّا جاء توسّطت بينهما على سعر ثمانمائة وخمسين تنكة كلّ فرس فلم يرض خلف بذلك وخرج من بيت نور الدين.
فقال السلطان لنور الدين: إذا كان السيّد قد شهد بأنّ خلفا لم يرض بسعر ثمانمائة تنكة كلّ فرس كيف يكون قد أخذ على سعر سبعمائة وخمسين؟ وأمره أن يدفع إلى خلف ثمن خيله على سعر ألف تنكة الفرس. فشقّ ذلك على ملك
التجّار وخجل خجلا ما فوقه خجل من أجل أنّه كان قد قرّر مع السلطان فيروز شاه أنّ أخاه أحمد خان كذب وأنّ السيّد طعمة ما يشهد إلّا على سعر سبعمائة وخمسين.
فلمّا انفضّوا من الخدمة السلطانيّة قبّل الخان أحمد ما بين عيني السيد طعمة وشكره وأثنى عليه.
فتنكّر الملك (2) بايزيد على السيّد طعمة وقطع له سبعة آلاف تنكة كانت له عنده، فلم يمهل بعد ذلك إلّا نحو سنة حتى مات، فأخذ الخان للسيّد ذلك من تركته. وتقدّم السلطان فيروز شاه إلى الخان أحمد بأن يكون خلف يجلب الخيل للسلطان، فامتثل ذلك وبعث به إلى جزيرة هرمز ليأتيه بالخيول العربيّة، وأرسل صحبته خادما له يقال له مبارز وكتب إلى صاحب مهايم (3) يأمره بخدمته ويوصيه به فلم يعبأ بذلك وحمله في مركب إلى هرمز فاستخفّ أهل المركب به وألقوا بعض متاعه في البحر. فلمّا وصل بندر هرمز واشترى ما أراد من الخيل وركب البحر ومضى في البحر نحو يوم انفتح المركب فعاد إلى هرمز وأقام بالبندر نحو خمسة عشر يوما. ثمّ سار في مركب آخر حتّى أرسى على بندر مهايم وطلب من أهلها ما رماه صبيانهم من قماشه فغاضبوه ونالوا منه فمضى عنهم إلى كلبرجة وقاد الخيل إلى السلطان فيروز شاه فأعجب بها إعجابا كثيرا وثمّنها له بثلاثة وأربعين ألف تنكة رابح.
فاتّفق [أن] تحدّث وزراء السلطان فيروز معه
(1) فيروز شاه (ت 790) انظر ترجمته في دائرة المعارف الإسلاميّة 2/ 946. وفصل سلطنة دهلي فيها 2/ 278، والأسر الإسلامية لبوسوورت 186.
(2)
بايزيد ملك التجّار قبل خلف.
(3)
مهايم أو ماهيم: ميناء شمالي بومباي على تسعين ميلا منه. دائرة المعارف الإسلامية 5/ 1249. وقد احتلّها خلف بن حسن بوصفه واليا على دولت آباد جنوب دهلي:
دائرة المعارف 2/ 185.
في الخان أحمد حتى تغيّر عليه كما تقدّم في ترجمته (1). فلمّا خرج الخان أحمد من كلبرجة سار خلف معه إلى ظاهر المدينة فأمره بالعود فلم يفعل وقال: لا أبرح في خدمتك. فقال له: أنت رجل تاجر، ما عليك من هذا الأمر. ادخل وخذ مالك الذي بالديوان- يعني ثمن الخيل الذي تقدّم ذكره. فقال خلف: أنا ومالي فداء رأسك، إن شاء الله (تع) بسعادتك آخذ مالي من خزانتك- يريد أنّه يأخذ السلطنة- فألحّ عليه الخان في العود عنه إلى المدينة وهو لا يقبل، ثمّ سار معه وترك زوجته وجواريه وعبيده ومتاعه، فحظي بذلك عند الخان، ووعده إن أظفره الله ليجعلنّه ملك التجّار ولا ي [تغ] يّر عليه أبدا ويكون أعزّ الناس عنده.
فقدّر الله (تع) بأنّه تسلطن [550 أ] كما ذكر في ترجمته (2)، فوفّى له بما عاهده عليه ووعده به وجعله ملك التجّار فصار في اليوم إنّما يقال له:
الملك خلف وحمل إليه ثمن خيله وأضعف له أثمانها ثلاثة أمثالها ومبلغه مائة ألف [و] تسعة وعشرون ألف تنكة رابح عنها ثلاثة لكوك (3) تنكة، وأنعم عليه بجواري السلطان فيروز شاه اللاتي كنّ عنده أعزّ من زوجاته، وكتب له مرسوما بإسقاط العشور عن جميع ما هو له وينسب إليه وأقطعه أربعين بلدا وقفها عليه وعلى أولاده وأولاد أولاده وعقبه ونسله. ويتحصّل من هذه البلاد في كلّ سنة أربعون ألف تنكة رابح وفوّض إليهأن يفعل جميع ما يرى فيه المصلحة. ولم يتّفق ذلك لأحد سواه، فصار يقتل ويصلب وينهب بغير مراجعة السلطان.
فلما استقرّ أمره تذكّر ما فعله به أهل مهايم فبعث إليهم مرسوم السلطان بأن يقوّموا له ثمن قماشه فدفعوا إليه أربع مراكب ثمنها عشرون ألف تنكة رابح وأهدوا إليه هديّة بنحو ثلاثين ألف تنكة فحوّل البندر إلى قريب منهم ووالى الطلب منهم ثمّ أخذ بندرهم وقتل منهم خمسة آلاف رجل وسلبهم أموالهم، كلّ ذلك لحنقه عليهم. ثمّ سار على قلعة باسوطة وملكها- وكان السلطان فيروز شاه قد عجز عنها ثمّ أخذ قلعة أخرى يقال لها كرهل سنكي وقلعة ثالثة يقال لها: تنك. فاتّفق أنّ بعض أمراء السلطان عصا عليه وكان بيده ثماني قلاع، فسار إليه وأخذه وملك قلاعه الثماني، ولم يزل مظفّرا لم يتوجّه إلى أمر إلّا وظفر منه بما يريد، هذا مع الجود والكرم والسخاء الذي يخرج فيه عن الحدّ مع محبّة العلم وأهله والاشتغال به وتعظيم السادة الأشراف وإفاضة المال الجزيل عليهم. وله في كلّ يوم عاشوراء مال يفرّقه على الأشراف وطلبة العلم والفقراء والمساكين، مبلغه اثنا عشر ألف تنكة رابح، وفي كلّ سنة يفد عليه من برّ العرب خمسمائة رجل فمنهم من يدفع إليه جائزته ويعيده إلى بلاده، ومنهم من يقيم عنده فيرتّب له ما يقوم به حتى صار له جند من العرب عدّتهم سبعمائة رجل، فعزّت به العرب في بلاد الهند حتى إنّه إذا خرج العربيّ من قبله أخذ بعصاه ما لا يأخذه العجميّ بسيفه لمهايته وعزّتهم في أيّامه.
وله شعر رأيت منه قطعة بمكّة شرّفها الله، وله من قصيدة [
…
] (4).
(1) ترجمة السلطان فيروز مفقودة.
(2)
ترجمة الخان أحمد مفقودة. وتسلطن أحمد سنة 825 حسب جدول بوزوورت 205.
(3)
اللكّ يساوي مائة ألف تنكة (دوزي) ومائة ألف دينار:
رحلة ابن بطولة 4/ 49.
(4)
تنقطع الترجمة هنا. وتتواصل في درر العقود 2/ 61.
بإضافة يسيرة يختمها المقريزيّ بدعاء للمترجم: «والله يقيه كيد الحسّاد والعدى
…
» ممّا يدلّ كما قال السخاويّ أنّ خلف بن حسن عاش بعد المقريزيّ. وترجمته ليست من شرط المقفّى إذ لم تذكر له صلة بمصر، فلا ندري سبب إدراجها في مخطوطة ملحقة بالمقفّى.-