الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إسهال ذريع حرّك قوّته فاختلط وصار يهذي بعلّة ابن طولون حتى مات من غد ذلك اليوم في جمادى الآخرة سنة سبعين ومائتين.
1154 - المطوّعي المقرئ [270 - 371]
(1)
الحسن بن سعيد بن جعفر، المطوّعيّ، أبو العبّاس، العبّادانيّ، المقرئ، نزيل اصطخر.
ولد في حدود سنة سبعين ومائتين، وكان أحد من عني بالقراءات وتبحّر فيها، ولقي الكبار، وأكثر من الرحلة في الأقطار. وقرأ على إدريس بن عبد الكريم الحدّاد، ومحمد بن عبد الرحيم الأصبهاني، والحسين بن عليّ الأزرق الجمّال، ومحمد بن القاسم بن يزيد الإسكندرانيّ، ومحمد بن موسى الصوري، صاحبي ابن ذكوان (2)، وأحمد بن فرح المفسّر، ومحمد بن محمد بن بدر [الباهليّ] صاحبي الدوري (3)، وإسحاق بن أحمد الخزاعيّ.
وسمع الحديث من الحسن بن المثنّى، وإدريس بن عبد الكريم، وأبي خليفة الجمحيّ، وجعفر الفريابيّ، وطائفة. وجمع وصنّف، وعمّر دهرا طويلا. وانته [ت] إليه علوم الإسناد في القراءات، قرأ عليه أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعيّ، وأبو الحسين علي بن محمد الخبّازي، وأبو بكر محمد بن عمر بن زلال النهاونديّ شيخ عبد السيّد بن عتّاب، ومحمد بن حسين بن الكرازيني، وهو آخر من تلا عليه.
وحدّث عنه أبو بكر ابن أبي علي الذكواني، وأبو نعيم الحافظ وجماعة. قال أبو الفضل الخزاعيّ: قلت للمطوّعي: في أيّ سنة قرأت على إدريس الحدّاد؟
قال: في السنة التي رحلت فيها إلى الريّ، سنة اثنتين وتسعين ومائتين.
قلت له: فقد قاربت المائة؟
قال: إلّا سنتين.
قلت له ذلك في سنة سبع وستّين وثلاثمائة.
(قال الخزاعي: ) وكان أبوه واعظا محدّثا.
وقال أبو نعيم: قدم الحسن هذا أصبهان سنة خمس وخمسين وثلاثمائة. وكان رأسا في القرآن وحفظه. وفي حديثه وروايته لين.
قال أبو بكر بن مردويه: ضعيف.
توفّي، وقد أناف على المائة، في سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة.
1155 - الحافظ النسويّ [213 - 303]
(4)
الحسن بن سفيان بن عامر بن عبد العزيز بن النعمان بن عطاء، أبو العبّاس، الشيبانيّ، النسويّ، الحافظ، صاحب المسند.
من قرية بالوز، وهي على ثلاثة فراسخ من بلد نسا.
روى عن هدبة بن خالد، وأبي بكر بن أبي شيبة، وحيّان بن موسى، وإسحاق بن راهويه، وعمرو بن زرارة، وقتيبة بن سعيد، وإبراهيم بن يوسف البلخي، وعليّ بن حجر، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعمرو الناقط،
(1) الوافي 12/ 29 (24)، غاية النهاية 1/ 213 (978).
(2)
ابن ذكوان: محمد بن سليمان البعلبكيّ (ت 354)، غاية النهاية 2/ 148 (3041).
(3)
الدوري: حفص بن عمر (ت 248)، أعلام النبلاء 11/ 541 (159).
(4)
الأعلام 2/ 206، الوافي 12/ 32 (28)، النجوم 3/ 189، أعلام النبلاء 14/ 157 (92).
وسويد بن سعيد، وأبي خيثمة، والقواريريّ، وإبراهيم بن الحجّاج، وأبي الربيع الزهراني، وسهل بن عثمان العسكري، وعبد الرحمن بن سلّام الجمحيّ، وأبي كامل الجحدريّ، وشيبان بن فرّوخ، وإبراهيم بن المنذر الخزامي، وأبي مصعب، وهارون بن سعيد، وعيسى بن حمّاد.
وقدم دمشق فسمع بها من هشام بن خالد، ودحيم، وإبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى، وصفوان بن صالح، وهشام بن عمّار، وإبراهيم بن أيّوب الحوّاري، وعبّاس بن الوليد الخلّال.
وسمع بمصر محمد بن رمح، وأبا الطاهر وحرملة. وسمع المسيّب بن واضح.
وروى عنه محمد بن يعقوب بن يوسف الشيباني الحافظ، وأبو علي الحسين بن عليّ الحافظ، وأبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، وهو من أقرانه، وجعفر بن محمد بن سوّار، وأبو عمر أحمد بن المبارك السلميّ، وأبو الحسين محمّد بن عبد الله بن جعفر الرازيّ، وأبو بكر محمد بن الحسن النقّاش المقرئ، وأبو حامد بن الشرقيّ، [351 أ] وأبو عمرو بن حمدان، وأبو بكر محمد بن داود بن سليمان الزاهد، وأبو بكر محمد بن جعفر البشتي، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن مسلم الأسفراييني، وأبو بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل الجرجانيّ، وأبو جعفر محمد بن عليّ الجوسقانيّ، وأبو حاتم محمد بن حبّان البستي، وإبراهيم بن إسماعيل القارئ، وعليّ بن قيدار الزاهد، وابنا ابنيه إسحاق بن سعد بن الحسن، وأبو محمد سفيان بن محمد بن سفيان.
قال ابن أبي حاتم: كتب إليّ، وهو صدوق.
وقال الحسن بن سفيان: فدمت على عليّ بن حجر، وكان من آدب الناس، وكان لا يرضى قراءة أصحاب الحديث، فغاب عنه القارئ يوما.
فقال: هاتوا من يقرأ.
فقمت فقلت: أنا.
فقال: اجلس.
ثمّ قال الثانية: من يقرأ.
فقلت: أنا.
فقال: اجلس.
وقال أبو بكر بن علي الرازي: ليس للحسن في الدنيا نظير- وقال أبو علي الحسين بن عليّ الحافظ: سمعت الحسن بن سفيان يقول: إنّما فاتني يحيى بن يحيى: فالوالدة لم تدعني أخرج إليه، فعوّضني الله بأبي خالد الفرّاء، وكان أسند من يحيى بن يحيى، وقال: لولا اشتغالي بحبّان بن موسى، وسماعي مصنّفات ابن المبارك منه، لجئتكم بأبي الوليد وسليمان بن حرب.
وقال الحاكم: سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، وأبا عمرو أحمد بن محمّد الجيزيّ، وأبا بكر أحمد بن علي الرازيّ الحافظ في جماعة المطوّعة، وهم متوجّهون إلى فراوة (1)، فقال له أبو بكر أحمد بن عليّ: قد كتبت لأبي بكر محمد بن إسحاق هذا من حديثك.
فقال: هات، اقرأ!
فأخذ فقرأ، فلمّا قرأ أحاديث أدخل إسنادا منها في إسناده فردّه الحسن بن سفيان إلى الصواب.
فلمّا كان بعد ساعة، أدخل أيضا إسناده في إسناد فردّه إلى الصواب. فلمّا كان في الثالثة، قال له
(1) فراوة: بلدة من أعمال نسا (ياقوت).
الحسن: ما هذا؟ لا تفعل، فقد احتملتك مرّتين، وهذه الثالثة. وأنا ابن تسعين سنة، فاتّق الله في المشايخ! فربّما استجيبت فيك دعوة.
فقال أبو بكر بن خزيمة: لا تؤذ الشيخ!
فقال أبو بكر: إنّما أردت أن يعلم الأستاذ أنّ أبا العبّاس يعرف حديثه.
(قال): وسمعت أبا الوليد [حسّان بن محمد] الفقيه يقول: كان الحسن بن سفيان أديبا فقيها، أخذ الأدب عن أصحاب النضر [بن شميل، أخبرنا أبو نصر] أحمد بن جعفر (1) الأسفراييني [قال:
حدّثنا] الفقيه أبو الحسن الصفّار قال: كنّا في مجلس الشيخ الإمام الزاهد الحسن بن سفيان النسويّ، وقد اجتمع لديه طائفة من أهل الفضل ارتحلوا إليه من أطباق الأرض والبلاد البعيدة مختلفين إلى مجلسه لاقتباس العلم وكتابة الحديث، فخرج يوما إلى مجلسه الذي كان يملي فيه الحديث، فقال: اسمعوا ما أقول لكم قبل أن نشرع في الإملاء. قد علمنا أنّكم طائفة من أبناء النّعم وأهل الفضل، هجرتم أوطانكم وفارقتم دياركم وأصحابكم في طلب العلم واستفادة الحديث، فلا يخطرنّ ببالكم أنّكم قضيتم بهذا التجشّم للعلم حقّا، أو أدّيتم بما تحمّلتم من الكلف والمشاقّ من فروضه فرضا. فإنّي أحدّثكم ببعض ما تحمّلته في طلب العلم من المشقّة والجهد، وما كشف الله سبحانه وتعالى عنّي وعن أصحابي ببركة العلم وصفوة العقيدة من الضّيق والضنك.
اعلموا أنّي كنت في عنفوان شبابي ارتحلت من وطني لطلب العلم واستملاء الحديث، فاتّفق حصولي بأرض المغرب وحلولي بمصر في تسعة
نفر من أصحابي طلبة العلم وسامعي الحديث.
وكنّا نختلف إلى شيخ كان أرفع أهل عصره في العلم منزلة، وأدراهم بالحديث، وأعلاهم إسنادا، وأوضحهم رواية، فكان يملي علينا كلّ يوم مقدارا يسيرا من الحديث حتى طالت المدّة وخفنا النفقة. ودفعت الضرورة إلى بيع ما صحبنا [351 ب] من ثوب وخرقة، إلى أن لم يبق لنا ما كنّا نرجو حصول قوت يوم منه، وطوينا ثلاثة أيّام بلياليها جوعا وسوء حال، ولم يذق واحد منّا شيئا، وأصبحنا بكرة اليوم الرابع بحيث لا حراك بأحد من جملتنا من الجوع وضعف الأطراف.
وأحوجت الضرورة إلى كشف قناع الحشمة وبذل الوجه للسؤال. فلم تسمح أنفسنا بذلك ولم تطب قلوبنا به، وأنف كلّ واحد منّا عن ذلك، والضرورة تحوج إلى السؤال على كلّ حال. فوقع اختيار الجماعة على كتابة رقاع بأسامي كلّ واحد منّا، وإرسالها قرعة، فمن ارتفع اسمه من الرقاع كان هو القائم بالسؤال واستماحة القوت له ولأصحابه. فارتفعت الرقعة التي اشتملت على اسمي، فتحيّرت ودهشت ولم تسامحني نفسي بالمسألة واحتمال المذلّة. فعدلت إلى زاوية من المسجد أصلّي ركعتين طويلتين قد اقترن الاعتقاد فيها بالإخلاص، أدعو الله سبحانه بأسمائه العظام وكلماته الرفيعة لكشف الضرّ وسياقة الفرج. فلم أفرغ بعد من إتمام الصلاة حتّى دخل المسجد شابّ حسن الوجه نظيف الثوب طيّب الرائحة، يتبعه خادم في يده منديل فقال:«من منكم الحسن بن سفيان؟ » فرفعت رأسي من السجدة وقلت: أنا الحسن بن سفيان، فما الحاجة؟
فقال: إنّ الأمير ابن طولون صاحبي يقرئكم السلام والتحيّة ويعتذر إليكم في الغفلة عن تفقّد أحوالكم والتقصير الواقع في رعاية حقوقكم، وقد
(1) الزيادات من أعلام النبلاء 14/ 159 - 161، وفيها:
أحمد بن محمد الأسفرايينيّ.
بعث بما يكفي نفقة الوقت، وهو زائركم غدا بنفسه، ومعتذر بلفظه إليكم.
ووضع بين يدي كلّ واحد منّا صرّة فيها مائة دينار، فتعجّبنا من ذلك جدّا، وقلنا للشابّ: ما القصّة في هذا؟
فقال: أنا أحد خدم الأمير أحمد بن طولون المختصّين به والمتّصلين بأقربائه وخواصّ أصحابه، دخلت عليه بكرة يومي هذا مسلّما في جملة أصحاب لي. فقال لي وللقوم:«أنا أحبّ أن أخلو يومي هذا، فانصرفوا أنتم إلى منازلكم» . فانصرفت أنا والقوم، فلمّا عدت إلى منزلي لم يسبق قعودي حتى أتاني رسول الأمير مسرعا مستعجلا يطلبني حثيثا.
فأجبته مسرعا فوجدته منفردا في بيت واضعا يمينه على خاصرته لوجع ممضّ اعتراه في داخل جسده. فقال لي: أتعرف الحسن بن سفيان وأصحابه؟
فقلت: لا.
قال: اقصد المحلّة الفلانيّة، والمسجد الفلانيّ، واحمل هذه الصّرر وسلّمها في الحين إليه وإلى أصحابه، فإنّهم منذ ثلاثة أيّام جياع بحالة صعبة، ومهّد عذري لديهم، وعرّفهم أنّي صبيحة الغد زائرهم ومعتذر شفاها إليهم.
(قال الشابّ): سألته عن السبب الذي دعاه إلى هذا، فقال: دخلت هذا البيت منفردا على أن أستريح ساعة. فلمّا هدأت عيني رأيت فارسا في الهواء متمكّنا تمكّن من يمشي على بساط الأرض، وبيده رمح، فقضيت التعجّب من ذلك وكنت انظر إليه متعجّبا حتى نزل إلى باب هذا البيت، ووضع سافلة رمحه على خاصرتي وقال:
قم فأدرك الحسن بن سفيان وأصحابه، قم وأدركهم! قم وأدركهم! قم وأدركهم! فإنّهم منذ ثلاثة أيّام جياع في المسجد الفلانيّ.
فقلت: من أنت؟
فقال: أنا رضوان صاحب الجنة.
ومنذ أصاب سافلة رمحه خاصرتي أصابني وجع شديد، لا حراك لي معه. فعجّل إيصال هذا المال ليزول الوجع عنّي.
فقال الحسن: فتعجّبنا من ذلك، وشكرنا الله سبحانه وتعالى، وأصلحنا أمورنا، ولم تطب أنفسنا بالمقام حتى لا يزورنا الأمير ولا نطلع الناس على أسرارنا، فيكون ذلك سبب ارتفاع اسم وانبساط جاه، ويتّصل ذلك بنوع من الرّياء، فخرجنا تلك الليلة من مصر، وأصبح كلّ واحد منّا واحد عصره وقريع دهره في العلم والفضل.
فلمّا أصبح الأمير ابن طولون أتى المسجد لزيارتنا وطلبنا، فأخبر بخروجنا. [ف] أمر بابتياع تلك المحلّة بأسرها، ووقفها على ذلك [352 أ] المسجد، وعلى من ينزل به من الغرباء وأهل الفضل وطلبة العلم، نفقة لهم حتّى لا تختلّ أمورهم ولا يصيبهم من الخلل ما أصابنا (1).
وذلك كلّه بقوّة الدين وصفوة الاعتقاد، والله سبحانه وليّ التوفيق.
*** وقال الحاكم: الحسن بن سفيان محدّث خراسان في عصره، مقدّم في التثبّت والكثرة والرحلة والفهم والفقه والأدب. تفقّه عند أبي ثور، وكان يفتي على مذهبه، وصنّف المسند الكبير، والجامع، والمعجم، وغير ذلك، وهو راوية خراسان لمصنّفات الأئمّة.
توفّي سنة ثلاث وثلاثمائة.
(1) علّق الذهبي في السير 14/ 162 فقال: لم يل طولون مصر، أمّا أحمد بن طولون فيصغر عن الحكاية، فالله أعلم بصحّتها.