الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ودفن بجامعه. وكان فيه برّ وله معروف وصدقات.
1274 - الحصين بن نمير [- 67]
(1)
[413 أ] الحصين بن نمير [بن فاتك، أبو عبد الرحمن، الكنديّ، ثمّ السكونيّ].
قدم مع الأمداد في زمن عمر بن الخطّاب [
…
].
فلمّا خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية وجهّز إليهم يزيد مسلم بن عقبة المرّيّ قال له: إن حدث بك حادث فاستخلف الحصين بن نمير السكونيّ.
- وسيّره معه. فشهد الحصين وقعة الحرّة. وتوجّه مع مسلم من المدينة بعد قتل أهلها ونهبها يريد قتال عبد الله بن الزبير بمكّة. فلمّا كان بالمشلّل- وقيل: بثنيّة هرشي- حضر مسلم [ا] الموت.
فاستدعى الحصين إليه وقال له: يا بردعة الحمار، لو كان الأمر إليّ ما ولّيتك هذا الجند، ولكنّ أمير المؤمنين ولّاك. خذ عنّي أربعا: أسرع السير، وعجّل المناجزة، ولا تمكّن قريشا من أذنك (2)! - ثمّ قال: اللهمّ، إنّي لم أعمل قطّ بعد شهادة أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا عبده ورسوله عملا أحبّ إليّ من قتلي [أهل] المدينة، ولا أرجى عندي في الآخرة.
فلمّا مات سار الحصين بالناس. فقدم مكّة لأربع بقين من المحرّم سنة أربع وستّين، وقد بايع أهلها وأهل الحجاز عبد الله بن الزبير. فقاتله وحصره حتى اشتدّ الأمر بابن الزبير وبمن معه،
واحترقت الكعبة. فبعث ابن الزبير إليه يدعوه إلى البراز، فقال الحصين: لا يمنعني من لقائك جبن، لكن لست أدري لمن يكون الظفر: فإن كان لك كنت قد ضيّعت من ورائي. وإن كان لي كنت قد أخطأت التدبير.
فبينا هم في ذلك إذ جاءهم الخبر بموت يزيد.
قدم به ثابت بن قيس- وهو المقنّع (3) بن الحرث بن كليب بن ربيعة بن خزيمة بن سعد بن مالك بن النخع- فبعث الحصين إلى ابن الزبير فأتاه بالأبطح، فتحدّثا. فراث فرس الحصين، فجاء حمام الحرم يلتقط روث الفرس. فكفّ الحصين فرسه عن الحمام وقال: أخاف أن يقتل فرسي حمام الحرم.
فقال ابن الزبير: تتنزّهون عن هذا وأنتم تقتلون المسلمين في الحرم!
ثمّ عرض على ابن الزبير أن يبايعه ويسير به إلى الشام على أن يهدر الدماء. فلم يرض. فتركه ورحل بأصحابه نحو المدينة. فاجترأ أهلها على أهل الشام وأخذوا دوابّ من انفرد منهم. فلم يتفرّقوا وخرج معهم بنو أميّة من المدينة إلى الشام. فوصلوا دمشق وقد بويع معاوية بن يزيد بن معاوية بالخلافة، ومات. وقد همّ مروان بن الحكم أن يسير إلى ابن الزبير ويبايعه. فأخبره الحصين، ومعه بنو أميّة، بما كان بينه وبين ابن الزبير. وقال لمروان ولبني أميّة: نراكم في اختلاط. فأقيموا أمركم قبل أن يدخل عليكم في شأنكم فتكون فتنة عمياء صمّاء.
فساروا [413 ب] وكان من اجتماعهم بالجابية ما كان، ليتشاوروا فيمن يولّو [ن] هـ من بني أميّة.
وكان الحصين يهوى مروان، ومالك بن هبيرة
(1) الأعلام 2/ 288 - الوافي 13/ 88 (82) - الطبريّ 5/ 483 وما يليها- دائرة المعارف الإسلاميّة، 3/ 641.
(2)
هذه ثلاث. وعند الطبريّ، 5/ 497: ولا تردّنّ أهل الشام عن عدوّهم.
(3)
الطبريّ، 5/ 501: ثابت بن قيس بن المنقع النخعيّ.
السكونيّ يهوى خالد بن يزيد بن معاوية. فلم يزل الحصين حتى صرف مالكا عن خالد، وقام هو وروح بن زنباع في أمر مروان إلى أن بويع كما ذكرته في ترجمة مروان (1). وكان الحصين يومئذ سيّد أهل الشام وشيخهم. فلمّا تمّت بيعة مروان وكانت وقعة مرج راهط شهدها معه الحصين.
وقدم معه أيضا إلى مصر. ثمّ سار منها مع عبيد الله بن زياد إلى الجزيرة. فمات مروان وبويع بعده ابنه عبد الملك بن مروان، وهم بالجزيرة.
فأقرّ ابن زياد على ما هو عليه، وحثّه على المسير إلى العراق. فسرّح الحصين مسرعا في اثني عشر ألفا، فلقيه أصحاب [412 ب] سليمان بن صرد [الخزاعيّ](2) الثائر بدم الحسين عليه السلام، وقد هزموا شرحبيل بن ذي الكلاع أحد أمراء عسكر ابن زياد. وتوافى الفريقان لأربع بقين من جمادى الأولى سنة خمس وستّين. فدعاهم الحصين إلى عبد الملك بن مروان ودعاه أصحاب سليمان إلى خلع عبد الملك وتسليم عبيد الله بن زياد إليهم، وأنّهم يخرجون من بالعراق من أصحاب عبد الله بن الزبير، ثمّ يردّ الأمر إلى أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأبى كلّ منهم.
وحملت ميمنة سليمان، وعليها عبد الله بن سعد بن نفيل، على ميسرة الحصين، وعليها ربيعة بن المخارق الغنويّ. وحملت ميسرة ابن صرد- وعليها المسيّب بن نجبة الفزاريّ- على ميمنة الحصين، وعليها جبلة بن عبد الله. وحمل سليمان بن صرد في القلب على جماعتهم، فانهزم الحصين بمن معه إلى عسكرهم. وما زال الظفر لأصحاب ابن صرد إلى أن حجز بينهم الليل.
فلمّا كان الغد صبح (3) الحصين ثمانية آلاف أمدّه بهم ابن زياد، فقاتل بهم أصحاب ابن صرد قتالا لم يكن أشدّ منه جميع النهار. فلمّا أمسوا تحاجزوا وقد كثرت الجراح في الفريقين. فأتى في الصباح مدد ثان إلى الحصين مع أدهم بن محرز الباهليّ، عدّتهم عشرة آلاف، من عند ابن زياد.
فاقتتلوا يوم الجمعة قتالا شديدا إلى ارتفاع الضحى. ثمّ إنّ أهل الشام كثروهم وتعطّفوا عليهم من كلّ جانب. فنزل سليمان بن صرد ونادى: من أراد البكور إلى ربّه، والتوبة من (4) ذنبه، فإليّ! - ثمّ كسر جفن سيفه. فنزل معه ناس كثير وكسروا جفون سيوفهم [429 أ] ومشوا معه فاقتتلوا قتالا كثيرا، وقتلوا من أهل الشام مقتلة عظيمة وخرجوا منهم وأكثروا الجراح. فبعث الحصين الرجّالة ترميهم [بالنبل] واكتنفتهم الخيل والرجّالة. فقتل سليمان بن صرد رحمه الله. فأخذ الراية المسيّب بن نجبة، وترحّم على سليمان ثمّ تقدّم وقاتل بها ساعة، ثمّ رجع ثمّ حمل، فعل ذلك مرارا، ثمّ قتل رحمه الله بعد ما قتل رجالا. فأخذ الراية عبد الله بن سعد بن نفيل وترحّم على صاحبيه وقرأ: فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا [الأحزاب: 23] وقاتل حتّى قتل.
وبقيت الراية ليس معها أحد. ثمّ أخذها عبد الله بن وال [التيميّ](5) وقاتل مليّا ثمّ قال
(1) ترجمة مروان بن الحكم مفقودة.
(2)
هم التوّابون النادمون على خذلانهم الحسين، فكانوا يقولون: أقلنا ربّنا تفريطنا، فقد تبنا. المروج، 3/ 295.
(3)
الطبريّ، 5/ 598: صبّحهم ابن ذي الكلاع في ثمانية آلاف
…
(4)
تتواصل ترجمة الحسين، ولكن برقم غير منتظر: 429 أعوض 414 أوبعنوان غير مناسب؛ كمالة الكلام على الحسين وقد تقدّم، فإن كان المقصود الحسين السبط فترقيم صفحات ترجمته (499 أإلى 505 أ)، ومادّة الترجمة تنقطع بين 500 ب و 501 أبدون انقطاع في تسلسل الترقيم. فهذا أيضا من مشكلات النسخة الإضافية.
(5)
الزيادة من الطبري، 5/ 602.