الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِجْمَاعٌ
التَّعْرِيفُ:
1 -
الإِْجْمَاعُ فِي اللُّغَةِ يُرَادُ بِهِ تَارَةً الْعَزْمُ، يُقَال: أَجْمَعَ فُلَانٌ كَذَا، أَوْ أَجْمَعَ عَلَى كَذَا، إِذَا عَزَمَ عَلَيْهِ وَتَارَةً يُرَادُ بِهِ الاِتِّفَاقُ، فَيُقَال: أَجْمَعَ الْقَوْمُ عَلَى كَذَا، أَيِ اتَّفَقُوا عَلَيْهِ، وَعَنِ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ لَفْظِيٌّ (1) . وَقِيل إِنَّ الْمَعْنَى الأَْصْلِيَّ لَهُ الْعَزْمُ، وَالاِتِّفَاقُ لَازِمٌ ضَرُورِيٌّ إِذَا وَقَعَ مِنْ جَمَاعَةٍ، وَالإِْجْمَاعُ فِي اصْطِلَاحِ الأُْصُولِيِّينَ: اتِّفَاقُ جَمِيعِ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فِي عَصْرٍ مَا بَعْدَ عَصْرِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَمْرٍ شَرْعِيٍّ، وَالْمُرَادُ بِالأَْمْرِ الشَّرْعِيِّ: مَا لَا يُدْرَكُ لَوْلَا خِطَابُ الشَّارِعِ، سَوَاءٌ أَكَانَ قَوْلاً أَمْ فِعْلاً أَمِ اعْتِقَادًا أَمْ تَقْرِيرًا.
بَيَانُ مَنْ يَنْعَقِدُ بِهِمُ الإِْجْمَاعُ:
2 -
جُمْهُورُ أَهْل السُّنَّةِ عَلَى أَنَّ الإِْجْمَاعَ يَنْعَقِدُ بِاتِّفَاقِ الْمُجْتَهِدِينَ مِنَ الأُْمَّةِ، وَلَا عِبْرَةَ بِاتِّفَاقِ غَيْرِهِمْ مَهْمَا كَانَ مِقْدَارُ ثَقَافَتِهِمْ، وَلَا بُدَّ مِنَ اتِّفَاقِ الْمُجْتَهِدِينَ وَلَوْ كَانُوا أَصْحَابَ بِدْعَةٍ إِنْ لَمْ يَكْفُرُوا بِبِدْعَتِهِمْ، فَإِنْ كَفَرُوا بِهَا كَالرَّافِضَةِ الْغَالِينَ فَلَا يُعْتَدُّ بِهِمْ، وَأَمَّا الْبِدْعَةُ غَيْرُ الْمُكَفِّرَةِ أَوِ الْفِسْقُ فَإِنَّ الاِعْتِدَادَ بِخِلَافِهِمْ أَوْ عَدَمَ
(1) المستصفى1 / 173 ط بولاق.
الاِعْتِدَادِ فِيهِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ وَالأُْصُولِيِّينَ مَوْضِعُهُ الْمُلْحَقُ الأُْصُولِيُّ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِاتِّفَاقِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ فَقَطْ، لِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ (1) . وَهَذَا خَبَرُ آحَادٍ لَا يُفِيدُ الْيَقِينَ، وَعَلَى فَرْضِ التَّسْلِيمِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ رُجْحَانَ الاِقْتِدَاءِ بِهِمْ لَا إِيجَابَهُ، وَقَال قَوْمٌ إِنَّ الإِْجْمَاعَ هُوَ إِجْمَاعُ أَهْل الْمَدِينَةِ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَهَذَا ظَاهِرُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِيمَا كَانَ سَبِيلُهُ النَّقْل وَالتَّوَاتُرَ، كَبَعْضِ أَفْعَالِهِ صلى الله عليه وسلم كَالأَْذَانِ وَالإِْقَامَةِ وَتَحْدِيدِ الأَْوْقَاتِ وَتَقْدِيرِ الصَّاعِ وَالْمُدِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَعْتَمِدُ عَلَى النَّقْل وَحْدَهُ لَا عَلَى الاِجْتِهَادِ، وَمَا سَبِيلُهُ الاِجْتِهَادُ فَلَا يُعْتَدُّ عِنْدَهُ بِإِجْمَاعِهِمْ.
إِمْكَانُ الإِْجْمَاعِ:
3 -
اتَّفَقَ الأُْصُولِيُّونَ عَلَى أَنَّ الإِْجْمَاعَ مُمْكِنٌ عَقْلاً، وَذَهَبَ جُمْهُورُهُمْ إِلَى أَنَّهُ مُمْكِنٌ عَادَةً، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ النَّظَّامُ وَغَيْرُهُ (2) .
(1) حديث: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء. . . " جزء من حديث مروي بالمعنى بعدة روايات، وفيه قصة، فقد رواه بمعناه أحمد 4 / 126، 127، والدارمي 1 / 44، 45، وأبو داود 4 / 280، 281 ط الثانية التجارية، وابن ماجه1 / 15، 16 ط عيسى الحلبي 1952، والترمذي عن العرباض بن سارية، وقال: حديث حسن صحيح (تحفة الأحوذي 7 / 438 - 442 نشر السلفية بالمدينة المنورة) .
(2)
إرشاد الفحول للشوكاني ص 73 ط مصطفى الحلبي.