الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّلْبِيَةُ:
8 -
التَّلْبِيَةُ لُغَةً إِجَابَةُ الْمُنَادِي. وَالْمُرَادُ بِالتَّلْبِيَةِ هُنَا: قَوْل الْمُحْرِمِ: " لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ. . . " أَيْ إِجَابَتِي لَكَ يَا رَبُّ. وَلَمْ يُسْتَعْمَل " لَبَّيْكَ " إِلَاّ عَلَى لَفْظِ التَّثْنِيَةِ. وَالْمُرَادُ بِهَا التَّكْثِيرُ. وَالْمَعْنَى: أَجَبْتُكَ إِجَابَةً بَعْدَ إِجَابَةٍ، إِلَى مَا لَا نِهَايَةَ (1) .
حُكْمُ التَّلْبِيَةِ:
9 -
التَّلْبِيَةُ شَرْطٌ فِي الإِْحْرَامِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَابْنِ حَبِيبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، لَا يَصِحُّ الإِْحْرَامُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، حَتَّى يَقْرِنَهَا بِالتَّلْبِيَةِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا مِمَّا يَدُل عَلَى التَّعْظِيمِ مِنْ ذِكْرٍ وَدُعَاءٍ أَوْ سَوْقِ الْهَدْيِ. فَإِذَا نَوَى النُّسُكَ الَّذِي يُرِيدُهُ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ هُمَا مَعًا وَلَبَّى فَقَدْ أَحْرَمَ، وَلَزِمَهُ كُل أَحْكَامِ الإِْحْرَامِ الآْتِيَةِ، وَأَنْ يَمْضِيَ، فِي أَدَاءِ مَا أَحْرَمَ بِهِ. وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَهُمْ " أَنَّهُ يَصِيرُ مُحْرِمًا بِالنِّيَّةِ لَكِنْ عِنْدَ التَّلْبِيَةِ، كَمَا يَصِيرُ شَارِعًا فِي الصَّلَاةِ بِالنِّيَّةِ، لَكِنْ بِشَرْطِ التَّكْبِيرِ، لَا بِالتَّكْبِيرِ (2) ".
وَقَدْ نُقِل هَذَا الْمَذْهَبُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَطَاوُسٍ
(1) النهاية لابن الأثير مادة " لبب " 4 / 47، وانظر المادة في لسان العرب 2 / 225، 230، والقاموس وشرحه تاج العروس 1 / 464، 468
(2)
متن الكنز نسخة شرح العيني 1 / 90، وشرح اللباب ص 62، ورد المحتار 2 / 213، 214، وانظر المبسوط 4 / 6، 187 مطبعة السعادة 1324 هـ، وشرح الزيلعي 2 / 11، ومواهب الجليل 3 / 9، وانظر المراجع السابقة في تعريف الإحرام.
وَمُجَاهِدٍ، وَعَطَاءٍ بَل ادَّعَى فِيهِ اتِّفَاقَ السَّلَفِ (1) . وَذَهَبَ غَيْرُهُمْ إِلَى أَنَّ التَّلْبِيَةَ لَا تُشْتَرَطُ فِي الإِْحْرَامِ، فَإِذَا نَوَى فَقَدْ أَحْرَمَ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، وَلَزِمَتْهُ أَحْكَامُ الإِْحْرَامِ الآْتِيَةُ، وَالْمُضِيُّ فِي أَدَاءِ مَا أَحْرَمَ بِهِ.
ثُمَّ اخْتَلَفُوا: فَقَال الْمَالِكِيَّةُ: هِيَ وَاجِبَةٌ فِي الأَْصْل، وَالسُّنَّةُ قَرْنُهَا بِالإِْحْرَامِ (2) . وَيَلْزَمُ الدَّمُ بِطُول فَصْلِهَا عَنِ النِّيَّةِ. وَلَوْ رَجَعَ وَلَبَّى لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ. وَسَوَاءٌ أَكَانَ التَّرْكُ أَوْ طُول الْفَصْل عَمْدًا أَمْ نِسْيَانًا (3) . وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ (4) وَالْحَنَابِلَةُ (5) - وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ (6) - إِلَى أَنَّ التَّلْبِيَةَ سُنَّةٌ فِي الإِْحْرَامِ مُطْلَقًا.
الْمِقْدَارُ الْوَاجِبُ مِنْ لَفْظِ التَّلْبِيَةِ:
10 -
الصِّيغَةُ الَّتِي أَوْرَدَهَا الْفُقَهَاءُ لِلتَّلْبِيَةِ: هِيَ: " لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ. لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ. إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكُ. لَا شَرِيكَ لَكَ ".
هَذِهِ الصِّيغَةُ الَّتِي لَزِمَهَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا (7) وَالَّذِي يَحْصُل
(1) كذا أفاد أبو بكر الرازي الجصاص في أحكام القرآن 1 / 361 المطبعة البهية المصرية.
(2)
شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني بحاشية العدوي 1 / 460
(3)
الشرح الكبير 2 / 40 والمراجع السابقة.
(4)
المهذب والمجموع 7 / 226، 227
(5)
المغني 3 / 288، والكافي 1 / 541، والمقنع 1 / 398
(6)
شرح الكنز للعيني 1 / 90، والمسلك المتقسط ص 62
(7)
كما صرح بذلك في حديث جابر الطويل في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه مسلم (باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم 4 / 38، 43 وأبو داود 2 / 182 - 186: ابن ماجه رقم 3074 ص 1022 - 1027، والدارمي (باب في سنة الحال) 2 / 44، 49 ط دمشق 1349 هـ