الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَحْفِرَ بِئْرًا فِي ذَلِكَ الْحَرِيمِ. وَقَالُوا: إِنَّ لِلنَّخْلَةِ حَرِيمًا، وَهُوَ قَدْرُ مَا يُرَى أَنَّ فِيهِ مَصْلَحَتَهَا، وَيَتْرُكَ مَا أَضَرَّ بِهَا، وَيُسْأَل عَنْ ذَلِكَ أَهْل الْعِلْمِ. وَقَدْ قَالُوا: مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ ذِرَاعًا مِنْ نَوَاحِيهَا كُلِّهَا إِلَى عَشَرَةِ أَذْرُعٍ، وَذَلِكَ حَسَنٌ. وَيُسْأَل عَنِ الْكَرَمِ أَيْضًا وَعَنْ كُل شَجَرَةٍ أَهْل الْعِلْمِ بِهِ، فَيَكُونُ لِكُل شَجَرَةٍ بِقَدْرِ مَصْلَحَتِهَا (1) ".
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّ حَرِيمَ الْبِئْرِ الْمَحْفُورَةِ فِي الْمَوَاتِ (هِيَ مَا كَانَتْ مَطْوِيَّةً، وَيَنْبُعُ الْمَاءُ مِنْهَا) : مَوْقِفُ النَّازِحِ مِنْهَا، وَالْحَوْضُ الَّذِي يَصُبُّ فِيهِ النَّازِحُ الْمَاءَ، وَمَوْضِعُ الدُّولَابِ (وَهُوَ مَا يَسْتَقِي بِهِ النَّازِحُ، وَمَا يَسْتَقِي بِهِ بِالدَّابَّةِ) وَالْمَوْضِعُ الَّذِي يُجْتَمَعُ فِيهِ لِسَقْيِ الْمَاشِيَةِ وَالزَّرْعِ مِنْ حَوْضٍ وَنَحْوِهِ، وَمُتَرَدَّدُ الدَّابَّةِ، وَالْمَوْضِعُ الَّذِي يُطْرَحُ فِيهِ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْحَوْضِ وَنَحْوِهِ، كُل ذَلِكَ غَيْرُ مُحَدَّدٍ، وَإِنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ.
وَحَرِيمُ آبَارِ الْقَنَاةِ (وَهِيَ الْمَحْفُورَةُ مِنْ غَيْرِ طَيٍّ لِيَجْتَمِعَ الْمَاءُ فِيهَا وَيُؤْخَذُ لِنَحْوِ الْمَزَارِعِ) : مَا لَوْ حَفَرَ فِيهِ نَقَصَ مَاؤُهَا، أَوْ خِيفَ سُقُوطُهَا. وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِصَلَابَةِ الأَْرْضِ وَرَخَاوَتِهَا (2) .
وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ كَمَذْهَبِ الْجُمْهُورِ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِحْيَاءُ حَرِيمِ الْبِئْرِ وَالنَّهْرِ وَالْعَيْنِ، غَيْرَ أَنَّهُمُ انْفَرَدُوا بِأَنَّهُ بِحَفْرِ بِئْرٍ يَمْلِكُ حَرِيمَهَا. أَمَّا تَقْدِيرُ الْحَنَابِلَةِ لِلْحَرِيمِ مِنْ كُل جَانِبٍ فِي بِئْرٍ قَدِيمَةٍ فَهُوَ خَمْسُونَ ذِرَاعًا وَفِي غَيْرِهَا خَمْسٌ وَعِشْرُونَ. وَحَرِيمُ عَيْنٍ وَقَنَاةٍ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ، وَنَهْرٌ مِنْ جَانِبَيْهِ: مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِطَرْحِ كَرَايَتِهِ (أَيْ مَا يُلْقَى مِنَ النَّهْرِ طَلَبًا لِسُرْعَةِ جَرْيِهِ)، وَحَرِيمُ شَجَرَةٍ:
(1) التاج والإكليل بهامش الحطاب 6 / 3
(2)
حاشية القليوبي مع عميرة 3 / 89،90 ط الحلبي.
قَدْرُ مَدِّ أَغْصَانِهَا، وَحَرِيمُ أَرْضٍ تُزْرَعُ: مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ لِسَقْيِهَا وَرَبْطِ دَوَابِّهَا وَطَرْحِ سَبَخِهَا وَنَحْوِهِ (1) .
إِحْيَاءُ الْمَوَاتِ الْمُقَطَّعِ:
20 -
يُقَال فِي اللُّغَةِ: أَقْطَعَ الإِْمَامُ الْجُنْدَ الْبَلَدَ إِقْطَاعًا أَيْ جَعَل لَهُمْ غَلَّتَهَا رِزْقًا (2) ، وَاصْطِلَاحًا إِعْطَاءُ مَوَاتِ الأَْرْضِ لِمَنْ يُحْيِيهَا، وَذَلِكَ جَائِزٌ لِمَا رَوَى وَائِل بْنُ حَجَرٍ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْطَعَهُ أَرْضًا، فَأَرْسَل مَعَهُ مُعَاوِيَةَ: أَنْ أَعْطِهَا إِيَّاهُ، أَوْ أَعْلِمْهَا إِيَّاهُ (3) . وَلَا بُدَّ قَبْل بَيَانِ حُكْمِ هَذَا الإِْحْيَاءِ مِنْ بَيَانِ حُكْمِ الإِْقْطَاعِ؛ لأَِنَّهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِصِيغَتِهِ إِقْطَاعَ تَمْلِيكٍ، أَوْ إِقْطَاعَ إِرْفَاقٍ (انْتِفَاعٌ) . فَإِنْ كَانَ إِقْطَاعَ إِرْفَاقٍ فَالْكُل مُجْمِعٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُفِيدُ بِذَاتِهِ تَمْلِيكًا لِلرَّقَبَةِ، إِنْ كَانَ إِقْطَاعَ تَمْلِيكٍ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ بِهِ إِقْدَامُ غَيْرِ الْمُقْطَعِ عَلَى إِحْيَائِهِ؛ لأَِنَّهُ مَلَكَ رَقَبَتَهُ بِالإِْقْطَاعِ نَفْسِهِ، خِلَافًا لِلْحَنَابِلَةِ، فَإِنَّهُمْ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ إِقْطَاعَ الْمَوَاتِ مُطْلَقًا لَا يُفِيدُ تَمَلُّكًا، لَكِنَّهُ يَصِيرُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ.
(1) منتهى الإرادات 1 / 544 ط دار العروبة. واللجنة ترى أن هذه التقديرات راعى فيها المجتهدون الظروف الزمانية وأساليب العيش والمرافق التي كانت سائدة في عصورهم، وأن ما ذهب إليه المالكية والشافعية من اعتبار الضرر والتعويل على رأي أهل العلم في كل شيء بحسبه هو الأجدر بالاعتبار في هذا الزمن.
(2)
المصباح
(3)
حديث وائل بن حجر " أن رسول الله أقطعه أرضا. . " رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه، والبيهقي واللفظ له، وكذا رواه ابن حبان والطبراني (تلخيص الحبير 3 / 64) والسنن الكبرى للبيهقي (6 / 144) / 3 246 / 3