الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اسْتَدَل الْجُمْهُورُ بِأَنَّهُ صَيْدٌ مَضْمُونٌ بِالْجَزَاءِ، فَلَمْ يَضْمَنْ ثَانِيًا، كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ بِغَيْرِ الأَْكْل؛ وَلأَِنَّ تَحْرِيمَهُ لِكَوْنِهِ مَيْتَةً، وَالْمَيْتَةُ لَا تُضْمَنُ بِالْجَزَاءِ.
وَاسْتَدَل أَبُو حَنِيفَةَ بِأَنَّ " حُرْمَتَهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مَحْظُورٌ إِحْرَامُهُ؛ لأَِنَّ إِحْرَامَهُ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الصَّيْدَ عَنِ الْمَحَلِّيَّةِ، وَالذَّابِحَ عَنِ الأَْهْلِيَّةِ فِي حَقِّ الذَّكَاةِ، فَصَارَتْ حُرْمَةُ التَّنَاوُل بِهَذِهِ الْوَسَائِطِ مُضَافَةً إِلَى إِحْرَامِهِ ".
الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ
فِي الْجِمَاعِ وَدَوَاعِيهِ
170 -
اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْجِمَاعَ فِي حَالَةِ الإِْحْرَامِ جِنَايَةٌ يَجِبُ فِيهَا الْجَزَاءُ. وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْعَامِدَ وَالْجَاهِل وَالسَّاهِيَ وَالنَّاسِيَ وَالْمُكْرَهَ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ (1) وَالْمَالِكِيَّةِ (2) وَالْحَنَابِلَةِ (3) .
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: " لأَِنَّهُ مَعْنًى يَتَعَلَّقُ بِهِ قَضَاءُ الْحَجِّ، فَاسْتَوَى عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ كَالْفَوَاتِ ". لَكِنِ اسْتَثْنَى الْحَنَابِلَةُ مِنَ الْفِدَاءِ الْمَوْطُوءَةَ كُرْهًا، فَقَالُوا: لَا فِدَاءَ عَلَيْهَا، بَل يَجِبُ عَلَيْهَا الْقَضَاءُ فَقَطْ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ (4) : النَّاسِي وَالْمَجْنُونُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالنَّائِمُ وَالْمُكْرَهُ وَالْجَاهِل لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالإِْسْلَامِ أَوْ نُشُوئِهِ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنِ الْعُلَمَاءِ، فَلَا يَفْسُدُ الإِْحْرَامُ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِمْ بِالْجِمَاعِ.
(1) المسلك المتقسط ص 126
(2)
الشرح الكبير بحاشيته 2 / 68
(3)
الكافي 2 / 561، ومطالب أولي النهى 2 / 348، 350، 351، 352
(4)
كما في نهاية المحتاج وحاشيته للشبراملسي 2 / 456
أَوَّلاً: الْجِمَاعُ فِي إِحْرَامِ الْحَجِّ:
يَكُونُ الْجِمَاعُ فِي إِحْرَامِ الْحَجِّ جِنَايَةً فِي ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:
171 -
الأَْوَّل - الْجِمَاعُ قَبْل الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ. فَمَنْ جَامَعَ قَبْل الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَسَدَ حَجُّهُ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ:
1 -
الاِسْتِمْرَارُ فِي حَجِّهِ الْفَاسِدِ إِلَى نِهَايَتِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} وَجْهُ الاِسْتِدْلَال أَنَّهُ " لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ صَحِيحٍ وَفَاسِدٍ (1) ".
2 -
أَدَاءُ حَجٍّ جَدِيدٍ فِي الْمُسْتَقْبَل قَضَاءً لِلْحَجَّةِ الْفَاسِدَةِ، وَلَوْ كَانَتْ نَافِلَةً. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَفْتَرِقَا فِي حَجَّةِ الْقَضَاءِ هَذِهِ عِنْدَ الأَْئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ مُنْذُ الإِْحْرَامِ بِحَجَّةِ الْقَضَاءِ، وَأَوْجَبَ الْمَالِكِيَّةُ عَلَيْهِمَا الاِفْتِرَاقَ.
3 -
ذَبْحُ الْهَدْيِ فِي حَجَّةِ الْقَضَاءِ. وَهُوَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ شَاةٌ، وَقَال الأَْئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ: لَا تُجْزِئُ الشَّاةُ، بَل يَجِبُ عَلَيْهِ بَدَنَةٌ.
اسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ بِمَا وَرَدَ أَنَّ رَجُلاً جَامَعَ امْرَأَتَهُ وَهُمَا مُحْرِمَانِ، فَسَأَلَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال لَهُمَا: اقْضِيَا نُسُكَكُمَا وَأَهْدَيَا هَدْيًا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيل وَالْبَيْهَقِيُّ، وَبِمَا رُوِيَ مِنَ الآْثَارِ عَنِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ شَاةٌ (2) .
(1) المجموع 7 / 381، ونهاية المحتاج 2 / 456، 457 والمسلك المتقسط ص 225، 226 (وفيه مزيد تفاصيل) وشرح الكنز للعيني 1 / 102، وشرح الزرقاني لمختصر خليل 2 / 306، والشرح الكبير 2 / 68، والمغني 3 / 334، ومطالب أولي النهى 2 / 247، 348
(2)
انظر الهداية وفتح القدير 2 / 238 - 240، وشرح الكنز للعيني 1 / 102. والحديث المذكور مرسل وهو حجة عند الحنفية، وقد تعضد بشواهد تقوية.