الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنْ مَجْرَاهُ إِلَى الأَْرْضِ الْمُجَاوِرَةِ لَهُ (1) .
وَيُسْتَخْلَصُ مِنْ نُصُوصِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُمْ لَا يُفَرِّقُونَ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ النَّهْرِ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّ مَا نَضَبَ عَنْهُ الْمَاءُ مِنَ الأَْنْهَارِ وَالْجَزَائِرِ لَا يَجُوزُ إِحْيَاؤُهُ بِرَغْمِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا مِنْ قَبْل. وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلسُّلْطَانِ إِعْطَاؤُهُ لأَِحَدٍ. قَالُوا: " وَلَوْ رَكِبَ الأَْرْضَ مَاءٌ أَوْ رَمْلٌ أَوْ طِينٌ فَهِيَ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ مِلْكٍ أَوْ وَقْفٍ. فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ مَالِكٌ لِلأَْرْضِ وَانْحَسَرَ مَاءُ النَّهْرِ عَنْ جَانِبٍ مِنْهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ الْعَامَّةِ، وَلَيْسَ لِلسُّلْطَانِ إِقْطَاعُهُ - أَيْ إِعْطَاؤُهُ - لأَِحَدٍ، كَالنَّهْرِ وَحَرِيمِهِ. وَلَوْ زَرَعَهُ أَحَدٌ لَزِمَهُ أُجْرَتُهُ لِصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ قَدْرُ حِصَّتِهِ إِنْ كَانَتْ لَهُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ. نَعَمْ لِلإِْمَامِ دَفْعُهُ لِمَنْ يَرْتَفِقُ بِهِ بِمَا لَا يَضُرُّ الْمُسْلِمِينَ. وَمِثْلُهُ مَا يَنْحَسِرُ عَنْهُ الْمَاءُ مِنَ الْجَزَائِرِ فِي الْبَحْرِ. وَيَجُوزُ زَرْعُهُ وَنَحْوُهُ لِمَنْ لَمْ يَقْصِدْ إِحْيَاءَهُ. وَلَا يَجُوزُ فِيهِ الْبِنَاءُ وَلَا الْغِرَاسُ وَلَا مَا يَضُرُّ الْمُسْلِمِينَ. وَكُل هَذَا إِذَا رُجِيَ عَوْدُ مَالِكِ الأَْرْضِ، فَإِنْ لَمْ يُرْجَ عَوْدُهُ كَانَتْ لِبَيْتِ الْمَال فَلِلإِْمَامِ إِقْطَاعُهَا رَقَبَةً أَوْ مَنْفَعَةً إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي تَصَرُّفِهِ جَوْرٌ، لَكِنَّ الْمُقْطَعَ يَسْتَحِقُّ الاِنْتِفَاعَ بِهَا مُدَّةَ الإِْقْطَاعِ خَاصَّةً (2) ".
13 -
وَفِي الْمُغْنِي: وَمَا نَضَبَ عَنْهُ الْمَاءُ مِنَ الْجَزَائِرِ لَمْ يُمْلَكْ بِالإِْحْيَاءِ. قَال أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُوسَى: إِذَا نَضَبَ الْمَاءُ عَنْ جَزِيرَةٍ إِلَى فِنَاءِ رَجُلٍ لَمْ يَبْنِ فِيهَا، لأَِنَّ فِيهِ ضَرَرًا، وَهُوَ أَنَّ الْمَاءَ يَرْجِعُ. يَعْنِي أَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ. فَإِذَا وَجَدَهُ مَبْنِيًّا رَجَعَ إِلَى
(1) الرهوني على الزرقاني 7 / 98، 99
(2)
البجيرمي على الخطيب 3 / 195، 196 ط دار المعرفة
الْجَانِبِ الآْخَرِ فَأَضَرَّ بِأَهْلِهِ؛ وَلأَِنَّ الْجَزَائِرَ مَنْبَتُ الْكَلأَِ وَالْحَطَبِ فَجَرَتْ مَجْرَى الْمَعَادِنِ الظَّاهِرَةِ. وَقَدْ قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَا حِمَى فِي الأَْرَاكِ (1) . وَقَال أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ: يُرْوَى عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَبَاحَ الْجَزَائِرَ (2) . يَعْنِي أَبَاحَ مَا يَنْبُتُ فِي الْجَزَائِرِ مِنَ النَّبَاتِ. وَقَال: " إِذَا نَضَبَ الْفُرَاتُ عَنْ شَيْءٍ، ثُمَّ نَبَتَ عَنْ نَبَاتٍ، فَجَاءَ رَجُلٌ يَمْنَعُ النَّاسَ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، فَأَمَّا إِنْ غَلَبَ الْمَاءُ عَلَى مِلْكِ إِنْسَانٍ ثُمَّ عَادَ فَنَضَبَ عَنْهُ فَلَهُ أَخْذُهُ، فَلَا يَزُول مِلْكُهُ بِغَلَبَةِ الْمَاءِ عَلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ مَا نَضَبَ عَنْهُ الْمَاءُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ أَحَدٌ فَعَمَرَهُ رَجُلٌ عِمَارَةً لَا تَرُدُّ الْمَاءَ، مِثْل أَنْ يَجْعَلَهُ مَزْرَعَةً، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ؛ لأَِنَّهُ مُتَحَجِّرٌ لِمَا لَيْسَ لِمُسْلِمٍ فِيهِ حَقٌّ، فَأَشْبَهَ التَّحَجُّرَ فِي الْمَوَاتِ (3) ".
إِذْنُ الإِْمَامِ فِي الإِْحْيَاءِ:
14 -
فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ مُخْتَلِفُونَ فِي أَرْضِ الْمَوَاتِ هَل هِيَ مُبَاحَةٌ فَيَمْلِكُ كُل مَنْ يَحِقُّ لَهُ الإِْحْيَاءُ أَنْ يُحْيِيَهَا بِلَا إِذْنٍ مِنَ الإِْمَامِ، أَمْ هِيَ مِلْكٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَيَحْتَاجُ إِحْيَاؤُهَا إِلَى إِذْنٍ؟
ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِلَى أَنَّ الإِْحْيَاءَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إِذْنُ الإِْمَامِ، فَمَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا بِلَا إِذْنٍ مِنَ الإِْمَامِ مَلَكَهَا.
(1) حديث: " لا حمى في الأراك " رواه أبو داود وابن حبان عن أبيض بن حمال، والحديث سكت عنه المنذري (عون المعبود 8 / 319، وانظر الفتح الكبير 3 / 343
(2)
الأثر عن عمر رضي الله عنه (أنه أباح الجزائر) هكذا ذكره ابن قدامة في المغني (5 / 576) ولم نجد له تخريجا في كتب الحديث والآثار.
(3)
المغني 5 / 576 ط مكتبة الرياض.