الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرُّكْنِ انْتِهَاءً (1) ".
وَيَتَفَرَّعُ عَلَى كَوْنِ الإِْحْرَامِ شَرْطًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَكَوْنِهِ يُشْبِهُ الرُّكْنَ فُرُوعٌ. مِنْهَا:
1 -
أَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ الإِْحْرَامَ بِالْحَجِّ قَبْل أَشْهُرِ الْحَجِّ، مَعَ الْكَرَاهَةِ، لِكَوْنِ الإِْحْرَامِ شَرْطًا عِنْدَهُمْ، فَجَازَ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْوَقْتِ (2) .
2 -
لَوْ أَحْرَمَ الْمُتَمَتِّعُ بِالْعُمْرَةِ قَبْل أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَأَتَى بِأَفْعَالِهَا، أَوْ بِرُكْنِهَا، أَوْ أَكْثَرِ الرُّكْنِ - يَعْنِي أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ مِنَ الطَّوَافِ - فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ يَكُونُ مُتَمَتِّعًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (3) .
3 -
تَفَرَّعَ عَلَى شِبْهِ الإِْحْرَامِ بِالرُّكْنِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ الصَّبِيُّ، ثُمَّ بَلَغَ بَعْدَمَا أَحْرَمَ، فَإِنَّهُ إِذَا مَضَى فِي إِحْرَامِهِ لَمْ يُجْزِهِ عَنْ حَجَّةِ الإِْسْلَامِ. لَكِنْ لَوْ جَدَّدَ الإِْحْرَامَ قَبْل الْوُقُوفِ وَنَوَى حَجَّةَ الإِْسْلَامِ، جَازَ عَنْ حَجَّةِ الإِْسْلَامِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ اعْتِبَارًا لِشَبَهِ الرُّكْنِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ احْتِيَاطًا فِي الْعِبَادَةِ (4) .
حِكْمَةُ تَشْرِيعِ الإِْحْرَامِ:
5 -
فَرْضِيَّةُ الإِْحْرَامِ لِلنُّسُكِ لَهَا حِكَمٌ جَلِيلَةٌ، وَأَسْرَارٌ وَمَقَاصِدُ تَشْرِيعِيَّةٌ كَثِيرَةٌ، أَهَمُّهَا: اسْتِشْعَارُ
(1) وهذه عبارة الدر الختار 2 / 202، وانظر فتح القدير لابن الهمام 2 / 130ط الأميرية 1315 هـ.
(2)
شرح اللباب ص 45، ورد المحتار 2 / 202 - 206، ويأتي مزيد بحث في المسألة في المواقيت (ف 34)
(3)
بدائع الصنائع 2 / 168، 169 ط شركة المطبوعات العلمية 1327 هـ ويأتي مزيد بحث لهذا في (التمتع)
(4)
فتح القدير 2 / 130، وانظر شرح اللباب 45، ورد المحتار 2 / 202
تَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَلْبِيَةُ أَمْرِهِ بِأَدَاءِ النُّسُكِ الَّذِي يُرِيدُهُ الْمُحْرِمُ، وَأَنَّ صَاحِبَهُ يُرِيدُ أَنْ يُحَقِّقَ بِهِ التَّعَبُّدَ وَالاِمْتِثَال لِلَّهِ تَعَالَى.
شُرُوطُ الإِْحْرَامِ:
6 -
يَشْتَرِطُ الْفُقَهَاءُ لِصِحَّةِ الإِْحْرَامِ: الإِْسْلَامَ وَالنِّيَّةَ. وَزَادَ الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ الْمَرْجُوحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، اشْتِرَاطَ التَّلْبِيَةِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا.
7 -
وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي النِّيَّةِ لِلنُّسُكِ الْفَرْضِ تَعْيِينُ أَنَّهُ فَرْضٌ فِي النِّيَّةِ، وَلَوْ أَطْلَقَ النِّيَّةَ وَلَمْ يَكُنْ قَدْ حَجَّ حَجَّةَ الْفَرْضِ يَقَعُ عَنْهَا اتِّفَاقًا. بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى حَجَّةَ نَفْلٍ فَالْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ يَقَعُ عَمَّا نَوَى.
وَبِهَذَا قَال سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ (1) .
وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ (2) وَالْحَنَابِلَةُ (3) فَقَالُوا: إِنْ أَحْرَمَ بِتَطَوُّعٍ أَوْ نَذْرٍ مَنْ لَمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الإِْسْلَامِ وَقَعَ عَنْ حَجَّةِ الإِْسْلَامِ. وَبِهَذَا قَال ابْنُ عُمَرَ وَأَنَسٌ. وَقَالُوا: مَنْ حَجَّ عَنْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَكُنْ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ، رَدَّ مَا أَخَذَ، وَكَانَتِ الْحَجَّةُ عَنْ نَفْسِهِ، وَبِهَذَا قَال الأَْوْزَاعِيُّ (4) .
اسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ وَمَنْ مَعَهُمْ: " بِأَنَّ الْمُطْلَقَ
(1) فتح القدير 2 / 140، وشرح الحطاب 2 / 490، وانظر الشرح الكبير 2 / 5، والزرقاني 2 / 233، والمغني 3 / 246، والمسلك المتقسط ص 74، والبدائع 2 / 163، وشروح خليل المواضع السابقة.
(2)
المجموع للنووي 7 / 98، مطبعة العاصمة، والإيضاح بحاشية ابن حجر الهيثمي ص 118، 119
(3)
المغني 3 / 245، 246، والكافي 1 / 522، 523
(4)
مراجع الحاشيتين السابقتين، والعبارة للمغني.
يَنْصَرِفُ إِلَى الْفَرْدِ الْكَامِل، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ حَجَّةُ الإِْسْلَامِ يَقَعُ عَنْهَا اسْتِحْسَانًا، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ (1) أَيْ إِذَا أَطْلَقَ وَلَمْ يُعَيِّنْ. "
وَجْهُ الاِسْتِحْسَانِ: " أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَال مَنْ عَلَيْهِ حَجَّةُ الإِْسْلَامِ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ بِإِحْرَامِ الْحَجِّ حَجَّةَ التَّطَوُّعِ، وَيُبْقِي نَفْسَهُ فِي عُهْدَةِ الْفَرْضِ، فَيُحْمَل عَلَى حَجَّةِ الإِْسْلَامِ، بِدَلَالَةِ حَالِهِ، فَكَانَ الإِْطْلَاقُ فِيهِ تَعْيِينًا، كَمَا فِي صَوْمِ رَمَضَانَ (2) ".
وَقَالُوا فِي اعْتِبَارِهِ عَمَّا نَوَاهُ مِنْ غَيْرِ الْفَرْضِ: " إِنَّمَا أَوْقَعْنَاهُ عَنِ الْفَرْضِ عِنْدَ إِطْلَاقِ النِّيَّةِ بِدَلَالَةِ حَالِهِ، وَالدَّلَالَةُ لَا تَعْمَل مَعَ النَّصِّ بِخِلَافِهِ (3) ".
وَيَشْهَدُ لَهُمْ نَصُّ الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ الصَّحِيحِ: وَإِنَّمَا لِكُل امْرِئٍ مَا نَوَى (4) وَاسْتَدَل الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَمِعَ رَجُلاً يَقُول: لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ. قَال: مَنْ شُبْرُمَةُ؟ قَال: أَخٌ لِي، أَوْ قَرِيبٌ لِي. قَال: حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ؟ قَال: لَا. قَال: حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ، ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُمَا (5) . وَفِي رِوَايَةٍ: اجْعَل هَذِهِ عَنْ
(1) المسلك المتقسط شرح لباب المناسك ص 74
(2)
بدائع الصنائع 2 / 163
(3)
بدائع الصنائع 2 / 163
(4)
سبق تخريجه (فقرة 4) .
(5)
أبو داود بلفظ (الرجل يحج عن غيره) 2 / 162 وابن ماجه (الحج عن الميت) ص 967 رقم 2903 ط عيسى الحلبي 1372 هـ، والدارقطني قد توسع في سرد أسانيده 2 / 267 - 271 بتحقيق اليماني، شركة الطباعة الفنية المتحدة بمصر، والبيهقي (باب من ليس له أن يحج عن غيره) 4 / 336 ط الهند.
نَفْسِكَ. . . فَاسْتَدَلُّوا بِهَا. وَقَدْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ أَسَانِيدَهُ، وَتَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُهُ، فَرَجَّحَ إِرْسَالَهُ، وَوَقْفَهُ (1) . وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا صَرُورَةَ فِي الإِْسْلَامِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ (2) وَاخْتُلِفَ فِي صِحَّتِهِ كَذَلِكَ (3) .
قَال الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ (4) : " وَقَدْ يَسْتَدِل بِهِ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ الصَّرُورَةَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحُجَّ عَنْ غَيْرِهِ.
وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ عِنْدَهُ: أَنَّ الصَّرُورَةَ إِذَا شَرَعَ فِي الْحَجِّ عَنْ غَيْرِهِ صَارَ الْحَجُّ عَنْهُ، وَانْقَلَبَ عَنْ فَرْضِهِ، لِيَحْصُل مَعْنَى النَّفْيِ، فَلَا يَكُونُ صَرُورَةً، وَهَذَا مَذْهَبُ الأَْوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ. . . ". وَاسْتَدَلُّوا مِنَ الْمَعْقُول:" أَنَّ النَّفَل وَالنَّذْرَ أَضْعَفُ مِنْ حَجَّةِ الإِْسْلَامِ، فَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُمَا عَلَيْهَا، كَحَجِّ غَيْرِهِ عَلَى حَجِّهِ ". وَبِقِيَاسِ النَّفْل وَالنَّذْرِ عَلَى مَنْ أَحْرَمَ عَنْ غَيْرِهِ وَعَلَيْهِ فَرْضُهُ (5) .
(1) المجموع 7 / 99 وتوسع الزيلعي في بيان إعلال الحديث من عدة أوجه في نصب الراية 3 / 155 ط دار المأمون 1357 هـ، وانظر الدراية 2 / 49 مطبعة الفجالة.
(2)
المسند 4 / 303 رقم 1845، تحقيق أحمد شاكر وأبو داود (باب لا صرورة) 2 / 140، وانظر معالم السنن 2 / 278
(3)
ضعفه المنذري في مختصر السنن 2 / 278
(4)
المهذب 7 / 98 من نسخة المجموع.