الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ مُطْلَقًا، صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً، بَدَأَتْ بِالأَْذِيَّةِ أَمْ لَا.
وَأَمَّا الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ فَفِي قَتْل صَغِيرِهِمَا - وَهُوَ مَا لَمْ يَصِل لِحَدِّ الإِْيذَاءِ - خِلَافٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: قَوْلٌ بِالْجَوَازِ نَظَرًا لِلَفْظِ " غُرَابٍ " الْوَاقِعِ فِي الْحَدِيثِ، فَإِنَّهُ مُطْلَقٌ يَصْدُقُ عَلَى الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ: وَقَوْلٌ بِالْمَنْعِ نَظَرًا لِلْعِلَّةِ فِي جَوَازِ الْقَتْل، وَهِيَ الإِْيذَاءُ، وَذَلِكَ مُنْتَفٍ فِي الصَّغِيرِ. وَعَلَى الْقَوْل بِالْمَنْعِ، فَلَا جَزَاءَ فِيهِ، مُرَاعَاةً لِلْقَوْل الآْخَرِ.
ثُمَّ قَرَّرَ الْمَالِكِيَّةُ شَرْطًا لِجَوَازِ قَتْل مَا يَقْبَل التَّذْكِيَةَ، كَالْغُرَابِ، وَالْحِدَأَةِ، وَالْفَأْرَةِ، وَالذِّئْبِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ قَتْلُهَا بِغَيْرِ نِيَّةِ الذَّكَاةِ، بَل لِدَفْعِ شَرِّهَا، فَإِنْ قُتِل بِقَصْدِ الذَّكَاةِ، فَلَا يَجُوزُ، وَفِيهِ الْجَزَاءُ (1) .
90 -
ب - يَجُوزُ قَتْل كُل مُؤْذٍ بِطَبْعِهِ مِمَّا لَمْ تَنُصَّ عَلَيْهِ الأَْحَادِيثُ، مِثْل الأَْسَدِ، وَالنَّمِرِ، وَالْفَهْدِ، وَسَائِرِ السِّبَاعِ. بَل صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ بِإِطْلَاقٍ دُونَ اشْتِرَاطِ شَيْءٍ. وَكَذَا الْحُكْمُ عِنْدَهُمْ فِيمَا سَبَقَ اسْتِحْبَابُ قَتْل تِلْكَ الْمُؤْذِيَاتِ.
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَعِنْدَهُمُ التَّفْصِيل السَّابِقُ بِالنِّسْبَةِ لِلْكِبَارِ وَالصِّغَارِ، وَاشْتِرَاطُ عَدَمِ قَصْدِ الذَّكَاةِ بِقَتْلِهَا. وَاشْتَرَطُوا فِي الطَّيْرِ الَّذِي لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ أَنْ يَخَافَ مِنْهُ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ، وَلَا يَنْدَفِعُ إِلَاّ بِقَتْلِهِ.
وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَالُوا: السِّبَاعُ وَنَحْوُهَا كَالْبَازِيِّ وَالصَّقْرِ، مُعَلَّمًا وَغَيْرَ مُعَلَّمٍ، صُيُودٌ لَا يَحِل قَتْلُهَا (2) . إِلَاّ
(1) هذا الشرط عند المالكية تبع لمذهبهم في إباحة أكل كل ما لم ينص القرآن على تحريمه، وعندهم في ذلك رواية بالكراهة، ورواية بالحرمة. ر: أطعمة.
(2)
إلا الكلب. والذئب فليسا صيدا عند الحنفية كما بين في رد المحتار 2 / 301
إِذَا صَالَتْ عَلَى الْمُحْرِمِ، فَإِنْ صَالَتْ جَازَ لَهُ قَتْلُهَا وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ. وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَهُمْ جَوَازُ قَتْلِهَا مُطْلَقًا.
اسْتَدَل الْجُمْهُورُ عَلَى تَعْمِيمِ الْحُكْمِ فِي كُل مُؤْذٍ بِأَدِلَّةٍ:
مِنْهَا: حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: يَقْتُل الْمُحْرِمُ السَّبُعَ الْعَادِيَ، وَالْكَلْبَ الْعَقُورَ، وَالْفَأْرَةَ، وَالْعَقْرَبَ، وَالْحِدَأَةَ وَالْغُرَابَ. . أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ (1) . وَقَال التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَالْعَمَل عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْل الْعِلْمِ، قَالُوا: الْمُحْرِمُ يَقْتُل السَّبُعَ الْعَادِيَ.
وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ فِي الأَْحَادِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا مِنَ الأَْمْرِ بِقَتْل " الْكَلْبِ الْعَقُورِ ". قَال الإِْمَامُ مَالِكٌ: " إِنَّ كُل مَا عَقَرَ النَّاسَ وَعَدَا عَلَيْهِمْ وَأَخَافَهُمْ مِثْل الأَْسَدِ، وَالنَّمِرِ، وَالْفَهْدِ، وَالذِّئْبِ، فَهُوَ الْكَلْبُ الْعَقُورُ (2) ".
91 -
ج - أَلْحَقَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِمَا يُقْتَل فِي الْحَرَمِ وَالإِْحْرَامِ كُل مَا لَا يُؤْكَل لَحْمُهُ.
الْهَوَامُّ وَالْحَشَرَاتُ
(3) :
92 -
د - لَا تَدْخُل الْهَوَامُّ وَالْحَشَرَاتُ فِي تَحْرِيمِ
(1) أبو داود (باب ما يقتل المحرم من الدواب) 2 / 170 والترمذي 3 / 198، وابن ماجه 1032
(2)
الموطأ 1 / 259
(3)
الهوام: جمع هامة، وهي كل حيوان ذي سم، وقد تطلق على مؤذ ليس له سم كالقملة، والحشرات: جمع حشرة، وهي صغار دواب الأرض.