الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَجْهُول بِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَتْنِي بَرِيرَةُ، فَقَالَتْ كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ، فِي كُل عَامٍ أُوقِيَّةٌ، فَأَعِينِينِي. فَقُلْتُ: إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ عَدَّةً وَاحِدَةً، وَيَكُونُ وَلَاؤُكِ لِي فَعَلْتُ. فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا، فَقَالَتْ لَهُمْ، فَأَبَوْا عَلَيْهَا. فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِهِمْ وَرَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ، فَقَالَتْ: إِنِّي عَرَضْتُ عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا إِلَاّ أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُمْ. فَسَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. فَأَخْبَرَتْ عَائِشَةُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ، فَقَامَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَال: أَمَّا بَعْدُ فَمَا بَال رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى؟ مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ. قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ. وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ. وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَأَبْطَل الشَّرْطَ وَلَمْ يُبْطِل الْعَقْدَ. قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: خَبَرُ بَرِيرَةَ ثَابِتٌ، وَلَا نَعْلَمُ خَبَرًا يُعَارِضُهُ. فَالْقَوْل بِهِ يَجِبُ (1) .
الاِعْتِيَاضُ عَنِ الأَْجَل بِالْمَال:
يَرِدُ الاِعْتِيَاضُ عَنِ الأَْجَل بِالْمَال فِي صُوَرٍ مِنْهَا مَا يَلِي:
الصُّورَةُ الأُْولَى:
83 -
صُدُورُ إِيجَابٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى صَفْقَتَيْنِ،
(1) الشرح الكبير المطبوع مع المغني4 / 54
إِحْدَاهُمَا بِالنَّقْدِ، وَالأُْخْرَى بِالنَّسِيئَةِ، مِثْل أَنْ يَقُول بِعْتُكِ هَذَا نَقْدًا بِعَشَرَةٍ، وَبِالنَّسِيئَةِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ. يَرَى جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ (1) أَنَّ هَذَا الْبَيْعَ إِذَا صَدَرَ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ لَا يَصِحُّ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ (2)، جَاءَ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ:" كَذَلِكَ فَسَّرَهُ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَهَذَا قَوْل أَكْثَرِ أَهْل الْعِلْمِ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ لَهُ بِبَيْعٍ وَاحِدٍ، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَال بِعْتُكِ أَحَدَ هَذَيْنِ؛ وَلأَِنَّ الثَّمَنَ مَجْهُولٌ فَلَمْ يَصِحَّ، كَالْبَيْعِ بِالرَّقْمِ الْمَجْهُول "، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ أَنَّهُمْ قَالُوا: لَا بَأْسَ أَنْ يَقُول: أَبِيعُكِ بِالنَّقْدِ بِكَذَا، وَبِالنَّسِيئَةِ بِكَذَا، فَيَذْهَبُ إِلَى أَحَدِهِمَا. فَيَحْتَمِل أَنَّهُ جَرَى بَيْنَهُمَا بَعْدَمَا يَجْرِي فِي الْعَقْدِ، فَكَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَال: أَنَا آخُذُهُ بِالنَّسِيئَةِ بِكَذَا، فَقَال: خُذْهُ، أَوْ قَال: قَدْ رَضِيتُ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَيَكُونُ عَقْدًا كَافِيًا، فَيَكُونُ قَوْلُهُمْ كَقَوْل الْجُمْهُورِ، فَعَلَى هَذَا: إِنْ لَمْ يُوجَدْ مَا يَدُل عَلَى الإِْيجَابِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ لَمْ يَصِحَّ؛ لأَِنَّ مَا مَضَى مِنَ الْقَوْل لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ إِيجَابًا، فَهَذَا الْخِلَافُ الْوَارِدُ فِي صِحَّةِ هَذَا الْبَيْعِ مَصْدَرُهُ
(1) الشرح الكبير المطبوع مع المغني4 / 35 ط المنار، ونيل الأوطار5 / 152، وفتح القدير 5 / 84 وجاء فيه. " وأما البطلان فيما إذا قال بعتكه بألف حالا، وبألفين إلى سنة فلجهالة الثمن ". ومغني المحتاج 2 / 31
(2)
حديث " نهى عن بيعتين في بيعة " رواه الترمذي والنسائي من حديث أبي هريرة مرفوعا، وقال الترمذي حسن صحيح. ورواه البيهقي أيضا، وزاد " صفقة واحدة ". (فيض القدير 6 / 308)