الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ التَّعْيِينِ.
فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ عَيَّنَ مَا يُرِيدُهُ قَبْل الطَّوَافِ فَالْعِبْرَةُ لِهَذَا التَّعْيِينِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ لِلْعُمْرَةِ، أَوْ مُطْلَقًا بِغَيْرِ تَعْيِينٍ وَلَوْ شَوْطًا، جَعَل إِحْرَامَهُ لِلْعُمْرَةِ، فَيُتِمُّ مَنَاسِكَ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ وَيَصِيرُ مُتَمَتِّعًا. وَعِلَّةُ جَعْلِهِ لِلْعُمْرَةِ " أَنَّ الطَّوَافَ رُكْنٌ فِي الْعُمْرَةِ، وَطَوَافُ الْقُدُومِ فِي الْحَجِّ لَيْسَ بِرُكْنٍ، بَل هُوَ سُنَّةٌ، فَإِيقَاعُهُ عَنِ الرُّكْنِ أَوْلَى، وَتَتَعَيَّنُ الْعُمْرَةُ بِفِعْلِهِ كَمَا تَتَعَيَّنُ بِقَصْدِهِ ".
أَمَّا إِنْ لَمْ يُعَيِّنْ، وَلَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ، بَل وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْل أَنْ يَطُوفَ، فَيَنْصَرِفُ إِحْرَامُهُ لِلْحَجِّ. وَإِنْ لَمْ يَقْصِدِ الْحَجَّ فِي وُقُوفِهِ، فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ إِلَى الْحَجِّ شَرْعًا، وَعَلَيْهِ أَنْ يُتَمِّمَ مَنَاسِكَ الْحَجِّ. هَذَا مُعْتَمَدُ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ (1) .
وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، أَنَّهُ لَا يَفْعَل شَيْئًا إِلَاّ بَعْدَ التَّعْيِينِ، فَإِنْ طَافَ قَبْل أَنْ يَصْرِفَ إِحْرَامَهُ لِشَيْءٍ - سَوَاءٌ أَكَانَ أَحْرَمَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَمْ لَا - وَجَبَ صَرْفُهُ لِلْحَجِّ مُفْرَدًا، وَيَكُونُ هَذَا الطَّوَافُ الْوَاقِعُ قَبْل الصَّرْفِ وَالتَّعْيِينِ طَوَافَ الْقُدُومِ، وَهُوَ لَيْسَ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ فَلَا يَضُرُّ وُقُوعُهُ قَبْل الصَّرْفِ. وَلَا يَصِحُّ صَرْفُ ذَلِكَ الإِْحْرَامِ لِعُمْرَةٍ بَعْدَ الطَّوَافِ؛ لأَِنَّ الطَّوَافَ رُكْنٌ مِنْهَا، وَقَدْ وَقَعَ قَبْل تَعْيِينِهَا (2) .
(1) بدائع الصنائع 2 / 163، وفتح القدير 2 / 140، وشرح اللباب ص 73، 74، ورد المحتار 2 / 217
(2)
الشرح الكبير بحاشيته 2 / 26، وانظر الحطاب 3 / 46 والزرقاني ص 256
أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ (1) وَالْحَنَابِلَةُ (2) فَيَشْتَرِطُونَ التَّعْيِينَ قَبْل الشُّرُوعِ بِأَيِّ عَمَلٍ مِنَ الْمَنَاسِكِ. فَلَوْ عَمِل شَيْئًا مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ قَبْل التَّعْيِينِ، لَمْ يُجْزِئْهُ، وَلَمْ يَصِحَّ فِعْلُهُ.
الإِْحْرَامُ بِإِحْرَامِ الْغَيْرِ
19 -
هُوَ أَنْ يَنْوِيَ الْمُحْرِمُ فِي إِحْرَامِهِ مِثْل مَا أَحْرَمَ بِهِ فُلَانٌ، بِأَنْ يَكُونَ قَاصِدًا مُرَافَقَتَهُ، أَوِ الاِقْتِدَاءَ بِهِ لِعِلْمِهِ وَفَضْلِهِ، فَيَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أُهِل أَوْ أُحْرِمُ أَوْ أَنْوِي مِثْل مَا أَهَل أَوْ نَوَى فُلَانٌ، وَيُلَبِّي. فَهَذَا الإِْحْرَامُ صَحِيحٌ، وَيَنْعَقِدُ عَلَى مِثْل مَا أَحْرَمَ بِهِ ذَلِكَ الشَّخْصُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَظَاهِرُ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ (3) .
وَدَلِيلُهُمْ حَدِيثُ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَدِمَ مِنَ الْيَمَنِ وَوَافَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَقَال لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: بِمَ أَهْلَلْتَ؟ قَال: بِمَا أَهَل بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. فَقَال: لَوْلَا أَنَّ مَعِيَ الْهَدْيَ لأََحْلَلْتُ.
(1) المنهاج بشروحه 2 / 96، والإيضاح ص 157، والمجموع 7 / 230، ونهاية المحتاج 2 / 395
(2)
الكافي 1 / 531، والمغني 3 / 285، ومطالب أولي النهى 2 / 316
(3)
شرح اللباب ص 74، ورد المحتار 2 / 217، والإيضاح ص 163، ونهاية المحتاج 2 / 395، وشروح المنهاج 2 / 96، والمجموع 7 / 231، والمغني 3 / 285، والكافي 1 / 531، والشرح الكبير وحاشيته 2 / 27، ومواهب الجليل 3 / 49، وشرح الزرقاني 2 / 257