الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عِنْدَهُ فِي الْمُوَطَّأِ (1) - عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، وَمَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ، وَابْنَ الزُّبَيْرِ أَفْتَوْا ابْنَ حَزَابَةَ الْمَخْزُومِيَّ، وَأَنَّهُ صُرِعَ بِبَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، أَنْ يَتَدَاوَى بِمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ، وَيَفْتَدِيَ، فَإِذَا صَحَّ اعْتَمَرَ فَحَل مِنْ إِحْرَامِهِ، وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ عَامًا قَابِلاً وَيُهْدِيَ.
وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ.
وَأَمَّا الدَّلِيل مِنَ الْمَعْقُول: فَقَال فِيهِ الشِّيرَازِيُّ: " إِنْ أَحْرَمَ وَأَحْصَرَهُ الْمَرَضُ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّل؛ لأَِنَّهُ لَا يَتَخَلَّصُ بِالتَّحَلُّل مِنَ الأَْذَى الَّذِي هُوَ فِيهِ، فَهُوَ كَمَنْ ضَل الطَّرِيقَ (2) ".
شُرُوطُ تَحَقُّقِ الإِْحْصَارِ:
8 -
لَمْ يَنُصَّ الْفُقَهَاءُ صَرَاحَةً عَلَى شُرُوطِ تَحَقُّقِ الإِْحْصَارِ أَنَّهَا كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ يُمْكِنُ اسْتِخْلَاصُهَا، وَهِيَ:
الشَّرْطُ الأَْوَّل: سَبْقُ الإِْحْرَامِ بِالنُّسُكِ، بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، أَوْ بِهِمَا مَعًا؛ لأَِنَّهُ إِذَا عَرَضَ مَا يَمْنَعُ مِنْ أَدَاءِ النُّسُكِ، وَلَمْ يَكُنْ أَحْرَمَ، لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. وَيَتَحَقَّقُ الإِْحْصَارُ عَنِ الإِْحْرَامِ الْفَاسِدِ كَالصَّحِيحِ، وَيَسْتَتْبِعُ أَحْكَامَهُ أَيْضًا.
الشَّرْطُ الثَّانِي: أَلَاّ يَكُونَ قَدْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْل حُدُوثِ الْمَانِعِ مِنَ الْمُتَابَعَةِ، إِذَا كَانَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ.
وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، أَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فَيَتَحَقَّقُ الإِْحْصَارُ عَنِ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، كَمَا
(1) الموطأ 1 / 261
(2)
المهذب 8 / 250 نسخة المجموع.
سَيَتَّضِحُ فِي أَنْوَاعِ الإِْحْصَارِ (1) .
أَمَّا فِي الْعُمْرَةِ فَالإِْحْصَارُ يَتَحَقَّقُ بِمَنْعِهِ عَنْ أَكْثَرِ الطَّوَافِ بِالإِْجْمَاعِ.
الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَيْأَسَ مِنْ زَوَال الْمَانِعِ، بِأَنْ يَتَيَقَّنَ أَوْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ زَوَال الْمَانِعِ قَبْل فَوَاتِ الْحَجِّ، " بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ لَيْلَةِ النَّحْرِ زَمَانٌ يُمْكِنُهُ فِيهِ السَّيْرُ لَوْ زَال الْعُذْرُ ".
وَهَذَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ (2) وَالشَّافِعِيَّةُ (3) ، وَقَدَّرَ الرَّمْلِيُّ الشَّافِعِيُّ الْمُدَّةَ فِي الْعُمْرَةِ إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. فَإِذَا وَقَعَ مَانِعٌ يُتَوَقَّعُ زَوَالُهُ عَنْ قَرِيبٍ فَلَيْسَ بِإِحْصَارٍ. وَيُشِيرُ إِلَى أَصْل هَذَا الشَّرْطِ تَعْلِيل الْحَنَفِيَّةِ إِبَاحَةَ التَّحَلُّل بِالإِْحْصَارِ بِأَنَّهُ مُعَلَّلٌ بِمَشَقَّةِ امْتِدَادِ الإِْحْرَامِ.
الشَّرْطُ الرَّابِعُ: نَصَّ عَلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ وَتَفَرَّدُوا بِهِ، وَهُوَ أَلَاّ يَعْلَمَ حِينَ إِحْرَامِهِ بِالْمَانِعِ مِنْ إِتْمَامِ الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ. فَإِنْ عَلِمَ فَلَيْسَ لَهُ التَّحَلُّل، وَيَبْقَى عَلَى إِحْرَامِهِ حَتَّى يَحُجَّ فِي الْعَامِ الْقَابِل، إِلَاّ أَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ فَمَنَعَهُ، فَلَهُ أَنْ يَتَحَلَّل حِينَئِذٍ، كَمَا وَقَعَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ عَالِمًا بِالْعَدُوِّ، ظَانًّا أَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ، فَمَنَعَهُ الْعَدُوُّ، فَلَمَّا مَنَعَهُ تَحَلَّل (4) .
(1) شرح اللباب ص 276، ومواهب الجليل 3 / 201، والمجموع 8 / 249، والمغني 3 / 360، فتح القدير 2 / 302
(2)
شرح الدردير 2 / 93، ومواهب الجليل 3 / 196 - 197
(3)
منهاج المحتاج 2 / 474
(4)
الشرح الكبير وحاشية الدسوقي الموضع السابق.