الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ، وَفِيهِ: مَنْ حَرَقَ حَرَقْنَاهُ. (1)
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ غَيْرُ الْمَشْهُورِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، إِلَى أَنَّ الْقَوَدَ لَا يَكُونُ إِلَاّ بِالسَّيْفِ وَإِنْ قَتَل بِغَيْرِهِ، فَلَوِ اقْتَصَّ مِنْهُ بِالإِْلْقَاءِ فِي النَّارِ عُزِّرَ. وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ مَرْفُوعًا: لَا قَوَدَ إِلَاّ بِالسَّيْفِ. وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَزَّارُ وَالطَّحَاوِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ (2) .
مُوجِبُ تَعْذِيبِ السَّيِّدِ عَبْدَهُ بِالنَّارِ:
17 -
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مُوجِبِ تَعْذِيبِ السَّيِّدِ عَبْدَهُ بِالنَّارِ، فَقَال أَكْثَرُهُمْ: لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ. وَذَهَبَ مَالِكٌ وَالأَْوْزَاعِيُّ؛ وَاللَّيْثُ إِلَى عِتْقِ الْعَبْدِ بِذَلِكَ، وَيَكُونُ وَلَاؤُهُ لَهُ، وَيُعَاقِبُهُ السُّلْطَانُ عَلَى فِعْلِهِ. وَاسْتَدَلُّوا بِأَثَرِ عُمَرَ رضي الله عنه، أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ بِلَفْظِ: وَلِيدَةٌ أَتَتْ عُمَرَ، وَقَدْ ضَرَبَهَا سَيِّدُهَا بِنَارٍ، فَأَصَابَهَا بِهَا. فَأَعْتَقَهَا عَلَيْهِ. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ (3) .
(1) حديث " من حرق حرقناه " قال ابن حجر: رواه البيهقي في المعرفة وقال: في الإسناد بعض من يجهل، وإنما هو من قول زياد في خطبته (تلخيص الحبير 4 / 19) .
(2)
نيل الأوطار 7 / 160، 165، وحاشية ابن عابدين 6 / 537، والبدائع 7 / 245، وتبيين الحقائق 6 / 106، والسرخسي 26 / 125، 126، وحاشية الدسوقي 4 / 265، والخرشي 8 / 29، والتاج والإكليل 6 / 256، ومغني المحتاج 4 / 44، ونهاية المحتاج 7 / 290، والمغني 9 / 390، وكشاف القناع 5 / 538، والحديث منكر ومعلول (فيض القدير) .
(3)
نيل الأوطار 6 / 205، 207، وهذا من تكريم الإسلام للإنسان ولو رقيقا، ومن لم ير عتقه فقد أوجب تعزيره.
الْعُقُوبَةُ فِي اللِّوَاطِ بِالإِْحْرَاقِ:
18 -
يَرَى الإِْمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ أَنَّ عُقُوبَةَ اللِّوَاطِ سَوَاءٌ اللَاّئِطُ وَالْمَلُوطُ بِهِ التَّعْزِيرُ، وَيُجِيزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَكُونَ التَّعْزِيرُ بِالإِْحْرَاقِ. وَإِلَى هَذَا الرَّأْيِ ذَهَبَ ابْنُ الْقَيِّمِ وَأَوْجَبَ إِحْرَاقَهُمَا ابْنُ حَبِيبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، خِلَافًا لِلْجُمْهُورِ الَّذِينَ يَرَوْنَ أَنَّ عُقُوبَتَهُمَا لَا تَكُونُ بِالإِْحْرَاقِ وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي (الْحُدُودِ) . وَاسْتَدَل مَنْ رَأَى الإِْحْرَاقَ بِفِعْل الصَّحَابَةِ وَعَلَى رَأْسِهِمْ أَبُو بَكْرٍ. وَتَشَدَّدَ فِي ذَلِكَ عَلِيٌّ رضي الله عنهم (1) .
إِحْرَاقُ الدَّابَّةِ الْمَوْطُوءَةِ:
19 -
لَا يُحَدُّ شَخْصٌ بِوَطْءِ بَهِيمَةٍ، بَل يُعَزَّرُ وَتُذْبَحُ الْبَهِيمَةُ، ثُمَّ تُحْرَقُ إِذَا كَانَتْ مِمَّا لَا يُؤْكَل، وَذَلِكَ لِقَطْعِ امْتِدَادِ التَّحَدُّثِ بِهِ كُلَّمَا رُئِيَتْ. وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِنْ كَانَتِ الدَّابَّةُ تُؤْكَل جَازَ أَكْلُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَقَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: تُحْرَقُ أَيْضًا، وَفِي الْقُنْيَةِ: تُذْبَحُ وَتُحْرَقُ عَلَى الاِسْتِحْبَابِ وَلَا يَحْرُمُ أَكْلُهَا. وَلأَِحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ قَوْلٌ بِقَتْلِهَا بِغَيْرِ ذَبْحٍ؛ لأَِنَّ بَقَاءَهَا يُذَكِّرُ بِالْفَاحِشَةِ فَيُعَيَّرُ بِهَا (2) . وَالْقَوْل الآْخَرُ لَا بَأْسَ بِتَرْكِهَا.
(1) حاشية ابن عابدين 3 / 154، 155، ومطالب أولي النهى 6 / 175، وفتاوى ابن تيمية 28 / 335، والتبصرة بهامش فتاوى عليش 2 / 261، ومنح الجليل 4 / 497، والمهذب 2 / 269
(2)
حاشية ابن عابدين 1 / 166، 4 / 26، وحاشية الدسوقي 4 / 316، والمغني 8 / 190