الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا يَجِبُ مِنَ الْهَدْيِ عَلَى الْمُحْصَرِ:
38 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ مُفْرَدَةً، أَوِ الْحَجِّ مُفْرَدًا، إِذَا أُحْصِرَ يَلْزَمُهُ ذَبْحُ هَدْيٍ وَاحِدٍ لِلتَّحَلُّل مِنْ إِحْرَامِهِ.
أَمَّا الْقَارِنُ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الْهَدْيِ لِلتَّحَلُّل بِالإِْحْصَارِ: فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ (1) وَالْحَنَابِلَةُ (2) إِلَى أَنَّهُ يَحِل بِدَمٍ وَاحِدٍ، حَيْثُ أَطْلَقُوا وُجُوبَ هَدْيٍ عَلَى الْمُحْصَرِ دُونَ تَفْصِيلٍ، وَالْمَسْأَلَةُ مَشْهُورَةٌ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَحِل إِلَاّ بِدَمَيْنِ يَذْبَحُهُمَا فِي الْحَرَمِ (3) .
وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هُوَ اخْتِلَافُ الْفَرِيقَيْنِ فِي حَقِيقَةِ إِحْرَامِ الْقَارِنِ. (انْظُرْ مُصْطَلَحَ إِحْرَامٌ) .
فَالشَّافِعِيَّةُ وَمَنْ مَعَهُمْ: الْقَارِنُ عِنْدَهُمْ مُحْرِمٌ بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ يُجْزِئُ عَنِ الإِْحْرَامَيْنِ: إِحْرَامِ الْحَجِّ وَإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ، لِذَلِكَ قَالُوا: يَكْفِيهِ طَوَافٌ وَاحِدٌ وَسَعْيٌ وَاحِدٌ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مَقْرُونَيْنِ، فَأَلْزَمُوهُ إِذَا أُحْصِرَ بِهَدْيٍ وَاحِدٍ.
وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَالْقَارِنُ عِنْدَهُمْ مُحْرِمٌ بِإِحْرَامَيْنِ: إِحْرَامِ الْحَجِّ وَإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ، لِذَلِكَ أَلْزَمُوهُ بِطَوَافَيْنِ وَسَعْيَيْنِ، فَأَلْزَمُوهُ إِذَا أُحْصِرَ بِهَدْيَيْنِ. وَقَالُوا: الأَْفْضَل أَنْ يَكُونَا مُعَيَّنَيْنِ مُبَيَّنَيْنِ، هَذَا لإِِحْصَارِ الْحَجِّ، وَهَذَا لإِِحْصَارِ الْعُمْرَةِ، كَمَا أَلْزَمُوهُ فِي جِنَايَاتِ الإِْحْرَامِ عَلَى
(1) المهذب مع المجموع 8 / 242 - 246، وشرح المنهاج 2 / 148
(2)
المغني 3 / 357 - 358، والكافي 1 / 625
(3)
الاختيار 1 / 168، والهداية 2 / 298، والبدائع 2 / 179، واللباب وشرحه ص 277، وتنوير الأبصار وحاشيته رد المحتار 2 / 320
الْقِرَانِ الَّتِي يَلْزَمُ فِيهَا الْمُفْرِدَ دَمٌ أَلْزَمُوا الْقَارِنَ بِدَمَيْنِ، وَكَذَا الصَّدَقَةُ.
مَكَانُ ذَبْحِ هَدْيِ الإِْحْصَارِ:
39 -
ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ (1) وَالْحَنَابِلَةُ (2) فِي رِوَايَةٍ إِلَى أَنَّ الْمُحْصَرَ يَذْبَحُ الْهَدْيَ حَيْثُ أُحْصِرَ، فَإِنْ كَانَ فِي الْحَرَمِ ذَبَحَهُ فِي الْحَرَمِ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهِ ذَبَحَهُ فِي مَكَانِهِ. حَتَّى لَوْ كَانَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ وَأَمْكَنَهُ الْوُصُول إِلَى الْحَرَمِ فَذَبَحَهُ فِي مَوْضِعِهِ أَجْزَأَهُ عَلَى الأَْصَحِّ فِي الْمَذْهَبَيْنِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ (3) - وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ - إِلَى أَنَّ ذَبْحَ هَدْيِ الإِْحْصَارِ مُؤَقَّتٌ بِالْمَكَانِ، وَهُوَ الْحَرَمُ، فَإِذَا أَرَادَ الْمُحْصَرُ أَنْ يَتَحَلَّل يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَبْعَثَ الْهَدْيَ إِلَى الْحَرَمِ فَيُذْبَحَ بِتَوْكِيلِهِ نِيَابَةً عَنْهُ فِي الْحَرَمِ، أَوْ يَبْعَثَ ثَمَنَ الْهَدْيِ لِيُشْتَرَى بِهِ الْهَدْيُ وَيُذْبَحَ عَنْهُ فِي الْحَرَمِ. ثُمَّ لَا يَحِل بِبَعْثِ الْهَدْيِ وَلَا بِوُصُولِهِ إِلَى الْحَرَمِ، حَتَّى يُذْبَحَ فِي الْحَرَمِ، وَلَوْ ذُبِحَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ لَمْ يَتَحَلَّل مِنَ الإِْحْرَامِ، بَل هُوَ مُحْرِمٌ عَلَى حَالِهِ. وَيَتَوَاعَدُ مَعَ مَنْ يَبْعَثُ مَعَهُ الْهَدْيَ عَلَى وَقْتٍ يَذْبَحُ فِيهِ لِيَتَحَلَّل بَعْدَهُ. وَإِذَا تَبَيَّنَ لِلْمُحْصَرِ أَنَّ الْهَدْيَ ذُبِحَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ فَلَا يُجْزِي (4) .
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ إِنْ قَدَرَ عَلَى الذَّبْحِ فِي أَطْرَافِ الْحَرَمِ فَفِيهِ وَجْهَانِ.
(1) المهذب مع المجموع 8 / 243 - 267، وشرح المنهاج 2 / 148 ونهاية المحتاج 2 / 475
(2)
الكافي 1 / 625، والمغني - 3 / 358
(3)
الهداية وشروحها 2 / 297، وشرح الكنز للزيلعي 2 / 78، والبدائع 2 / 179 والمسلك المتقسط والسياق له ص 276
(4)
المرجعين السابقين في المذهب الحنبلي. وقال في المغني: " هذا والله أعلم فيمن كان حصره خاصا ".