الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَمَل مَا لَا يُعْتَبَرُ سَاتِرًا كَالْقُفَّةِ وَقَصَدَ بِهِ السَّتْرَ حَرُمَ وَلَزِمَهُ الْفِدَاءُ. وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَالُوا: يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَحْمِل عَلَى رَأْسِهِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ خُرْجِهِ وَجِرَابِهِ، وَغَيْرِهِ، وَالْحَال أَنَّهُ لَا يَجِدُ مَنْ يَحْمِل خُرْجَهُ مَثَلاً لَا بِأُجْرَةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا.
فَإِنْ حَمَل لِغَيْرِهِ أَوْ لِلتِّجَارَةِ، فَالْفِدْيَةُ، وَقَال أَشْهَبُ: إِلَاّ أَنْ يَكُونَ عَيْشُهُ ذَلِكَ. أَيْ إِلَاّ أَنْ يَكُونَ مَا ذُكِرَ مِنَ الْحَمْل لِلْغَيْرِ أَوِ التِّجَارَةِ لِعَيْشِهِ. وَهُوَ مُعْتَمَدٌ فِي الْمَذْهَبِ الْمَالِكِيِّ (1) .
64 -
وَالتَّظَلُّل بِمَا لَا يُلَامِسُ الرَّأْسَ، وَهُوَ ثَابِتٌ فِي أَصْلٍ تَابِعٍ لَهُ، جَائِزٌ اتِّفَاقًا، كَسَقْفِ الْخَيْمَةِ، وَالْبَيْتِ، مِنْ دَاخِلِهِمَا، أَوِ التَّظَلُّل بِظِلِّهِمَا مِنَ الْخَارِجِ، وَمِثْل مِظَلَّةِ الْمَحْمَل إِذَا كَانَتْ ثَابِتَةً عَلَيْهِ مِنَ الأَْصْل.
وَعَلَى ذَلِكَ يَجُوزُ رُكُوبُ السَّيَّارَاتِ الْمُسْقَفَةِ اتِّفَاقًا؛ لأَِنَّ سُقُوفَهَا مِنْ أَصْل صِنَاعَتِهَا، فَصَارَتْ كَالْبَيْتِ وَالْخَيْمَةِ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمُظِل ثَابِتًا فِي أَصْلٍ يَتْبَعُهُ فَجَائِزٌ كَذَلِكَ مُطْلَقًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَقَوْلٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ (2) : لَا يَجُوزُ التَّظَلُّل بِمَا لَا يَثْبُتُ فِي الْمَحْمَل. وَنَحْوُ هَذَا قَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَضَبَطَهُ عِنْدَهُمْ فِي هَذَا الْقَوْل " أَنَّهُ سَتَرَ رَأْسَهُ بِمَا يُسْتَدَامُ وَيُلَازِمُهُ غَالِبًا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ سَتَرَهُ بِشَيْءٍ يُلَاقِيهِ (3) "
(1) كما صرح في حاشية العدوي 1 / 489
(2)
والسياق للعدوي في حاشيته 1 / 489، 490
(3)
المغني لابن قدامة 3 / 307، 308
وَفِي التَّظَلُّل بِنَحْوِ ثَوْبٍ يُجْعَل عَلَى عَصًا أَوْ عَلَى أَعْوَادِ (مِظَلَّةٍ أَوْ بِشَيْءٍ يَرْفَعُهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنَ الشَّمْسِ أَوِ الرِّيحِ) ، أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ أَقْرَبُهَا الْجَوَازُ، لِلْحَدِيثِ الآْتِي فِي دَلِيل الْجُمْهُورِ. وَيَجُوزُ الاِتِّقَاءُ بِذَلِكَ مِنَ الْمَطَرِ. وَأَمَّا الْبِنَاءُ وَالْخِبَاءُ وَنَحْوُهُمَا فَيَجُوزُ الاِتِّقَاءُ بِهِ مِنَ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالْمَطَرِ (1) .
وَأَجَازَ التَّظَلُّل بِذَلِكَ الْحَنَابِلَةُ، وَكَذَا الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، لِمَا عَرَفْتَ مِنْ أَصْل مَذْهَبِهِمْ. وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ أُمِّ الْحُصَيْنِ قَالَتْ: حَجَجْتُ مَعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَجَّةَ الْوَدَاعِ، فَرَأَيْتُ أُسَامَةَ وَبِلَالاً، وَأَحَدُهُمَا آخِذٌ بِخِطَامِ نَاقَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالآْخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ يَسْتُرُهُ مِنَ الْحَرِّ، حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (2) .
وَلأَِنَّ مَا حَل لِلْحَلَال - كَمَا فِي الْمُغْنِي (3) - حَل لِلْمُحْرِمِ إِلَاّ مَا قَامَ عَلَى تَحْرِيمِهِ دَلِيلٌ.
سَتْرُ الْوَجْهِ:
65 -
سَابِعًا: يُحْظَرُ عَلَى الْمُحْرِمِ سَتْرُ وَجْهِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (4) وَالْمَالِكِيَّةِ (5) وَلَيْسَ بِمَحْظُورٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (6)
(1) الشرح الكبير، وحاشية الدسوقي 2 / 56، 57، ومواهب الجليل 3 / 143
(2)
في الحج (باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر) 4 / 79، 80
(3)
الهداية 2 / 142، ولباب المناسك وشرحه ص 81، وتنوير الأبصار مع شرحه وحاشيته 2 / 221
(5)
متن خليل والشرح الكبير 1 / 55، والرسالة لابن أبي زيد وشرحها 1 / 489
(6)
المجموع 7 / 269