الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ. (1) قَال النَّوَوِيُّ: الْمُرَادُ بِالْمَوْتَى فِي الْحَدِيثِ الْمُحْتَضَرُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي سِيَاقِ الْمَوْتِ، سُمُّوا مَوْتَى لِقُرْبِهِمْ مِنَ الْمَوْتِ، تَسْمِيَةً لِلشَّيْءِ بِاسْمِ مَا يَصِيرُ إِلَيْهِ مَجَازًا (2) .
وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي وُجُوبَ التَّلْقِينِ، وَإِلَيْهِ مَال الْقُرْطُبِيُّ، وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ، وَأَنَّهُ لَا يُسَنُّ زِيَادَةُ " مُحَمَّدٌ رَسُول اللَّهِ " وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَالْمَجْمُوعِ (3) .
وَيَكُونُ التَّلْقِينُ قَبْل الْغَرْغَرَةِ، جَهْرًا وَهُوَ يَسْمَعُ؛ لأَِنَّ الْغَرْغَرَةَ تَكُونُ قُرْبَ كَوْنِ الرُّوحِ فِي الْحُلْقُومِ، وَحِينَئِذٍ لَا يُمْكِنُ النُّطْقُ بِهَا (4) . وَالتَّلْقِينُ إِنَّمَا يَكُونُ لِمَنْ حَضَرَ عَقْلُهُ وَقَدَرَ عَلَى الْكَلَامِ، فَإِنَّ شَارِدَ اللُّبِّ لَا يُمْكِنُ تَلْقِينُهُ، وَالْعَاجِزُ عَنِ الْكَلَامِ يُرَدِّدُ الشَّهَادَةَ فِي نَفْسِهِ. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ ذَكِّرُوا الْمُحْتَضَرَ " لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ " لِكَيْ تَكُونَ آخِرَ كَلَامِهِ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ: مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ دَخَل الْجَنَّةَ.
(5)
وَيَرَى جَمَاعَةٌ أَنَّهُ يُلَقَّنُ الشَّهَادَةَ، وَقَالُوا: صُورَةُ التَّلْقِينِ أَنْ يُقَال عِنْدَهُ فِي حَالَةِ النَّزْعِ قَبْل الْغَرْغَرَةِ،
(1) رواه مسلم وأبو داود والترمذي عن أبي سعيد الخدري.
(2)
الفتاوى الهندية 1 / 157، وفتح القدير 1 / 466، ونهاية المحتاج 2 / 428
(3)
نهاية المحتاج شرح المنهاج 2 / 428
(4)
حاشية ابن عابدين 1 / 570 وما بعدها.
(5)
رواه أبو داود وصححه الحاكم عن معاذ بن جبل.
جَهْرًا وَهُوَ يَسْمَعُ: " أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّهِ " وَلَا يُقَال لَهُ: قُل، وَلَا يُلَحُّ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهَا، مَخَافَةَ أَنْ يَضْجَرَ فَيَأْتِي بِكَلَامٍ غَيْرِ لَائِقٍ. فَإِذَا قَالَهَا مَرَّةً لَا يُعِيدُهَا عَلَيْهِ الْمُلَقِّنُ، إِلَاّ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ غَيْرِهَا. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْمُلَقِّنُ غَيْرَ مُتَّهَمٍ بِالْمَسَرَّةِ بِمَوْتِهِ، كَعَدُوٍّ أَوْ حَاسِدٍ أَوْ وَارِثٍ غَيْرِ وَلَدِهِ، وَأَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُعْتَقَدُ فِيهِ الْخَيْرُ. وَإِذَا ظَهَرَتْ مِنَ الْمُحْتَضَرِ كَلِمَاتٌ تُوجِبُ الْكُفْرَ لَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ، وَيُعَامَل مُعَامَلَةَ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ (1) .
ثَانِيًا: قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ:
9 -
يُنْدَبُ قِرَاءَةُ سُورَةِ (يس) عِنْدَ الْمُحْتَضَرِ، لِمَا رَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ صَفْوَانَ، قَال: " كَانَتِ الْمَشْيَخَةُ يَقُولُونَ: إِذَا قُرِئَتْ (يس) عِنْدَ الْمَوْتِ خُفِّفَ عَنْهُ بِهَا. وَأَسْنَدَهُ صَاحِبُ مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ وَأَبِي ذَرٍّ، قَالَا: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا مِنْ مَيِّتٍ يَمُوتُ فَتُقْرَأُ عِنْدَهُ يس إِلَاّ هَوَّنَ اللَّهُ عَلَيْهِ.
قَال ابْنُ حِبَّانَ: أَرَادَ بِهِ مَنْ حَضَرَتْهُ الْمَنِيَّةُ، لَا أَنَّ الْمَيِّتَ يُقْرَأُ عَلَيْهِ. وَبِهِ قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (2) . وَزَادَتِ الْحَنَابِلَةُ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ. وَقَال الشَّعْبِيُّ: " كَانَ الأَْنْصَارُ يَقْرَءُونَ عِنْدَ
(1) المغني لابن قدامة 1 / 303، والفتاوى الهندية 1 / 157، ونهاية المحتاج 2 / 428
(2)
الفتاوى الهندية 1 / 157، والمغني 2 / 303، ونهاية المحتاج 2 / 428