الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زَادَ فِي رِوَايَةٍ: قَال: فَأَهْدِ وَامْكُثْ حَرَامًا كَمَا أَنْتَ (1) .
الاِشْتِرَاطُ فِي الإِْحْرَامِ
20 -
الاِشْتِرَاطُ فِي الإِْحْرَامِ أَنْ يَقُول عِنْدَ إِحْرَامِهِ: " إِنْ حَبَسَنِي حَابِسٌ، فَمَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي ".
21 -
ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى صِحَّةِ الاِشْتِرَاطِ، وَأَنَّهُ يُفِيدُ إِبَاحَةَ التَّحَلُّل مِنَ الإِْحْرَامِ عِنْدَ وُجُودِ الْحَابِسِ كَالْمَرَضِ، فَإِذَا لَمْ يَشْتَرِطْ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّحَلُّل ثُمَّ إِنِ اشْتَرَطَ فِي التَّحَلُّل أَنْ يَكُونَ مَعَ الْهَدْيِ وَجَبَ الْهَدْيُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ. عَلَى تَفَاصِيل تَجِدُهَا فِي بَحْثِ الإِْحْصَارِ.
وَتَوَسَّعَ الْحَنَابِلَةُ فَقَالُوا: يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَحْرَمَ بِنُسُكِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَنْ يَشْتَرِطَ عِنْدَ إِحْرَامِهِ. وَيُفِيدُ هَذَا الشَّرْطُ عِنْدَهُمْ شَيْئَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: إِذَا عَاقَهُ عَدُوٌّ أَوْ مَرَضٌ أَوْ غَيْرُهُمَا يَجُوزُ لَهُ التَّحَلُّل. الثَّانِي: أَنَّهُ مَتَى أَحَل بِذَلِكَ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَلَا صَوْمَ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَانِعُ عَدُوًّا، أَوْ مَرَضًا، أَوْ غَيْرَهُمَا.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى عَدَمِ صِحَّةِ الاِشْتِرَاطِ، وَعَدَمِ إِفَادَتِهِ لِلتَّحَلُّل عِنْدَ حُصُول الْمَانِعِ لَهُ، بَل يَأْخُذُ حَالُهُ حُكْمَ ذَلِكَ الْمَانِعِ، عَلَى مَا هُوَ مُقَرَّرٌ
(1) البخاري (باب أهل في زمن النبي كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم 2 / 140 ط الأميربة 1314 هـ، ومسلم 4 / 59. واللفظ للبخاري. وجاء نحوه عن علي في حديث جابر الطويل الذي رواه مسلم.
فِي مَبْحَثِ الإِْحْصَارِ، اسْتَدَل الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: دَخَل النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ وَأَنَا شَاكِيَةٌ؟ فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: حُجِّي وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (1) .
وَاسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ بِالآْيَةِ الْكَرِيمَةِ، وَهِيَ: قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (2) وَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ مَوْطِنُهُ مُصْطَلَحُ (إِحْصَارٌ) .
إِضَافَةُ الإِْحْرَامِ إِلَى الإِْحْرَامِ
أَوَّلاً
إِضَافَةُ إِحْرَامِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ
22 -
وَهُوَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ أَوَّلاً، ثُمَّ بِالْحَجِّ قَبْل أَنْ يَطُوفَ لَهَا، أَوْ بَعْدَمَا طَافَ قَبْل أَنْ يَتَحَلَّل مِنْهَا.
وَتَتَنَوَّعُ صُوَرُ إِضَافَةِ إِحْرَامِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ بِحَسَبِ حَال إِضَافَتِهِ، وَبِحَسَبِ حَال الْمُحْرِمِ، وَتَأْخُذُ كُل صُورَةٍ حُكْمَهَا.
(1) البخاري في النكاح (الأكفاء في الدين) 7 / 7، ومسلم في الحج (جواز اشتراط المحرم) 4 / 26، وأبو داود 2 / 151، 152 والترمذي 3 / 278، 279 بتحقيق أحمد شاكر وآخرين ط مصطفى الحلبي، والنسائي 5 / 167 بحاشيتي السندي والسيوطي، وابن ماجه ص 979
(2)
سورة البقرة / 196
23 -
وَلِلْحَنَفِيَّةِ تَفْصِيلٌ خَاصٌّ فِي هَذَا، لِقَوْلِهِمْ بِكَرَاهَةِ الْقِرَانِ لِلْمَكِّيِّ، وَأَنَّهُ إِنْ فَعَلَهُ جَازَ وَأَسَاءَ، وَعَلَيْهِ دَمُ جَبْرٍ لإِِسَاءَتِهِ هَذِهِ. كَمَا أَنَّ لِلْمَذَاهِبِ الأُْخْرَى تَفْصِيلاً بِحَسَبِ آرَائِهِمْ فِي مَسَائِل مِنَ الإِْحْرَامِ وَأَوْجُهِ الإِْحْرَامِ. وَالتَّفْصِيل عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّ الْمُحْرِمَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَكِّيًّا أَوْ آفَاقِيًّا (1) .
وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِحَال إِضَافَةِ الإِْحْرَامِ بِالْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ فَعَلَى وُجُوهٍ.
24 -
الْوَجْهُ الأَْوَّل: أَنْ يُدْخِل الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ قَبْل أَنْ يَطُوفَ لِلْعُمْرَةِ:
أ - إِنْ كَانَ آفَاقِيًّا صَحَّ ذَلِكَ، بِلَا كَرَاهَةٍ، وَكَانَ قَارِنًا، بِاتِّفَاقِ الْمَذَاهِبِ (2) . بَل هُوَ مُسْتَحَبٌّ، عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ، لِحَمْل فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ذَلِكَ، عَلَى مَا حَقَّقَهُ ابْنُ حَزْمٍ وَغَيْرُهُ، وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ (3) .
وَمِمَّا يَدُل عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي حَجَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفِيهِ قَوْلُهَا: وَكُنْتُ مِمَّنْ أَهَل بِعُمْرَةٍ فَحِضْتُ قَبْل أَنْ أَدْخُل مَكَّةَ، فَأَدْرَكَنِي
(1) المراد بالمكي من كان بمكة أو في منطقة المواقيت ولو كان من غير أهلها غير أنه دخلها ومكث فيها، لذا كان التعبير الأكثر منه دقة هو " الميقاتي "، والآفاقي من ليس كذلك. و (ر: آفاقي)
(2)
فتح القدير 2 / 288، والبدائع 2 / 169، واللباب وشرحه المسلك المتقسط ص 197، والمبسوط 4 / 182، والشرح الكبير 2 / 27، 28، ومواهب الجليل 3 / 50، وشرح الزرقاني 2 / 258، وشروح المنهاج 2 / 127، والنهاية 2 / 442، والكافي 1 / 533، والإيضاح، والمهذب 7 / 163، والمجموع 7 / 164، والمغني 3 / 472
(3)
شرح اللباب ص 197
يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ، فَشَكَوْتُ إِلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: دَعِي عُمْرَتَكِ، وَانْقُضِي رَأْسَكِ، وَامْتَشِطِي، وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ. . . . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (1) . وَعَلَّل الْمَالِكِيَّةُ صِحَّةَ إِرْدَافِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ بِقَوْلِهِمْ:" لِقُوَّتِهِ وَضَعْفِهَا ".
ب - وَإِنْ كَانَ مَكِّيًّا (أَوْ مِيقَاتِيًّا) فَتُرْتَفَضُ عُمْرَتُهُ اتِّفَاقًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَعَلَيْهِ دَمُ الرَّفْضِ؛ لأَِنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ النُّسُكَيْنِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ لِلْمَكِّيِّ عِنْدَهُمْ (2) ، " وَالنُّزُوعُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ لَازِمٌ " وَيَرْفُضُ الْعُمْرَةَ هُنَا؛ لأَِنَّهَا أَقَل عَمَلاً، وَالْحَجُّ أَكْثَرُ عَمَلاً. فَكَانَتِ الْعُمْرَةُ أَخَفَّ مُؤْنَةً مِنَ الْحَجَّةِ، فَكَانَ رَفْضُهَا أَيْسَرَ، وَلأَِنَّ الْمَعْصِيَةَ حَصَلَتْ بِسَبَبِهَا؛ لأَِنَّهَا هِيَ الَّتِي دَخَلَتْ فِي وَقْتِ الْحَجِّ، فَكَانَتْ أَوْلَى بِالرَّفْضِ. وَيُمْضِي حَجَّتَهُ. وَعَلَيْهِ دَمٌ لِرَفْضِ عُمْرَتِهِ. وَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْعُمْرَةِ (3) ".
أَمَّا غَيْرُ الْحَنَفِيَّةِ فَحُكْمُ الآْفَاقِيِّ وَالْمَكِّيِّ عِنْدَهُمْ سَوَاءٌ فِي صِحَّةِ الإِْحْرَامَيْنِ وَصَيْرُورَتِهِ قَارِنًا، تَبَعًا لِمَذْهَبِهِمْ فِي تَجْوِيزِ الْقِرَانِ لِلْمَكِّيِّ عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي. (ف 30)
لَكِنْ شَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ أَنْ تَكُونَ الْعُمْرَةُ صَحِيحَةً. وَهَذَا شَرْطٌ لِصِحَّةِ الإِْرْدَافِ فِي جَمِيعِ صُوَرِهِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْقِرَانِ فَقَطْ وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ اشْتِرَاطَ أَنْ يَكُونَ إِدْخَال الْحَجِّ عَلَيْهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ.
25 -
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يُدْخِل الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ
(1) البخاري في (باب الاعتمار بعد الحج بغير هدي) 3 / 4، 5. ومسلم 4 / 27 - 29
(2)
فتح القدير 2 / 288 - 289
(3)
بدائع الصنائع 2 / 169، والمراد بالرفض في كلامهم: الترك.
بَعْدَ أَنْ طَافَ شَيْئًا قَلِيلاً، عَلَى أَلَاّ يَتَجَاوَزَ أَقَل أَشْوَاطِ طَوَافِ الْعُمْرَةِ، أَيْ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ فَمَا دُونَ ذَلِكَ. فَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ فِي ذَلِكَ:
أ - إِذَا كَانَ آفَاقِيًّا كَانَ قَارِنًا.
ب - وَإِنْ كَانَ مَكِّيًّا (أَيْ مِيقَاتِيًّا) : وَجَبَ عَلَيْهِ رَفْضُ أَحَدِ النُّسُكَيْنِ، عَلَى التَّحْقِيقِ فِي عِبَارَاتِ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ (1)، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي أَيِّ الرَّفْضَيْنِ أَوْلَى: قَال أَبُو حَنِيفَةَ: يَرْفُضُ الْحَجَّ. وَعَلَيْهِ لِرَفْضِهِ دَمٌ. وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ (2) ؛ لأَِنَّهُ مِثْل فَائِتِ الْحَجِّ، وَحُكْمُ فَائِتِ الْحَجِّ أَنَّهُ يَتَحَلَّل بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ يَأْتِي بِالْحَجِّ مِنْ قَابِلٍ (3) حَتَّى لَوْ حَجَّ فِي سَنَتِهِ سَقَطَتِ الْعُمْرَةُ؛ لأَِنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ فِي مَعْنَى فَائِتِ الْحَجِّ، بَل كَالْمُحْصَرِ، إِذَا تَحَلَّل ثُمَّ حَجَّ مِنْ تِلْكَ السَّنَةِ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ عُمْرَةٌ، بِخِلَافِ مَا إِذَا تَحَوَّلَتِ السَّنَةُ (4) ، فَإِنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ الْعُمْرَةُ مَعَ حَجَّتِهِ.
وَقَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: رَفْضُ الْعُمْرَةِ أَحَبُّ إِلَيْنَا، وَيَقْضِيهَا دُونَ عُمْرَةٍ أُخْرَى، وَعَلَيْهِ دَمٌ لِلرَّفْضِ. وَكَذَلِكَ هُوَ الْحُكْمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَوِ اخْتَارَ هَذَا الْمُحْرِمُ رَفْضَ الْعُمْرَةِ (5) .
اسْتَدَل أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى اسْتِحْبَابِ رَفْضِ الْحَجِّ بِأَنَّ " إِحْرَامَ الْعُمْرَةِ قَدْ تَأَكَّدَ بِأَدَاءِ شَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِهَا، وَإِحْرَامُ الْحَجِّ لَمْ يَتَأَكَّدْ، وَرَفْضُ غَيْرِ الْمُتَأَكِّدِ أَيْسَرُ.
(1) كما أوضحه في رد المحتار 2 / 315، وظاهر عبارة المبسوط 4 / 182 اختلافهم في رفض أحدهما بعينه.
(2)
الهداية 2 / 289
(3)
رد المحتار 2 / 315، وتبيين الحقائق 2 / 75، وانظر مصطلح (حج)
(4)
تنوير الأبصار مع الحاشية 2 / 315
(5)
رد المحتار 2 / 315، وتبيين الحقائق 2 / 75
وَلأَِنَّ فِي رَفْضِ الْعُمْرَةِ - وَالْحَالَةُ هَذِهِ - إِبْطَال الْعَمَل، وَفِي رَفْضِ الْحَجِّ امْتِنَاعٌ عَنْهُ (1)" وَالاِمْتِنَاعُ أَوْلَى مِنَ الإِْبْطَال، وَاسْتَدَل الصَّاحِبَانِ عَلَى أَنَّ رَفْضَ الْعُمْرَةِ أَوْلَى: " بِأَنَّهَا أَدْنَى حَالاً وَأَقَل أَعْمَالاً، وَأَيْسَرُ قَضَاءً، لِكَوْنِهَا غَيْرَ مُؤَقَّتَةٍ (2) ".
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ (3) وَالْحَنَابِلَةُ (4) : يَصِحُّ هَذَا الإِْرْدَافُ. وَيَصِيرُ قَارِنًا، وَيُتَابِعُ عَلَى ذَلِكَ. وَتَنْدَرِجُ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ.
أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ (5) - وَهُوَ قَوْل أَشْهَبَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ - فَقَالُوا: يَصِحُّ إِدْخَال الْحَجَّةِ عَلَى الْعُمْرَةِ قَبْل الشُّرُوعِ فِي الطَّوَافِ، فَلَوْ شَرَعَ فِي الطَّوَافِ وَلَوْ بِخُطْوَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إِحْرَامُهُ بِالْحَجِّ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ: بِأَنَّهُ " لاِتِّصَال إِحْرَامِهَا بِمَقْصُودِهِ، وَهُوَ أَعْظَمُ أَفْعَالِهَا، فَلَا يَنْصَرِفُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى غَيْرِهَا ".
لَكِنَّ الشَّافِعِيَّةَ قَرَّرُوا أَنَّهُ " لَوِ اسْتَلَمَ الْحَجَرَ بِنِيَّةِ الطَّوَافِ فَالأَْوْجَهُ جَوَازُ الإِْدْخَال، إِذْ الاِسْتِلَامُ مُقَدِّمَةُ الطَّوَافِ لَا بَعْضُهُ ".
(1) الهداية 2 / 290، وانظر المبسوط 4 / 182
(2)
الهداية الموضع السابق، وتبيين الحقائق 2 / 74، 75 وفيه مزيد بسط للأدلة، وكذا في البدائع 2 / 169، 170
(3)
الشرح الكبير وحاشيته 2 / 28، ومواهب الجليل 3 / 50، 51، وشرح الزرقاني 2 / 258، 259، وقارن بالمدونة 2 / 131 رواية سحنون، مطبعة السعادة 1323 هـ.
(4)
المغني 3 / 472، والكافي 1 / 533
(5)
الإيضاح وحاشيته للهيثمي ص 156، 157، والمهذب وشرحه 7 / 163، 164، 165، وشروح المنهاج 2 / 127، والنهاية 2 / 442، ومغني المحتاج 1 / 514 ط الحلبي، والسياق هنا من النهاية ومغني المحتاج.
26 -
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يُدْخِل الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ بَعْدَ أَنْ يَطُوفَ أَكْثَرَ أَشْوَاطِ طَوَافِ الْعُمْرَةِ. فَهَذَا حُكْمُهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ حُكْمُ مَا لَوْ أَكْمَل الطَّوَافَ الآْتِيَ فِي الْوَجْهِ الرَّابِعِ التَّالِي؛ لأَِنَّ لِلأَْكْثَرِ حُكْمَ الْكُل عِنْدَهُمْ (1) .
وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْوَجْهِ الثَّانِي السَّابِقِ (2) .
27 -
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنْ يُدْخِل الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ بَعْدَ إِكْمَال طَوَافِ الْعُمْرَةِ قَبْل التَّحَلُّل. مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ التَّفْصِيل الْمُتَقَدِّمُ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي.
وَفَصَّل الْمَالِكِيَّةُ (3) تَفْصِيلاً آخَرَ فَقَالُوا:
أ - إِرْدَافُ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ بَعْدَ طَوَافِهَا قَبْل رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ مَكْرُوهٌ. فَإِنْ فَعَلَهُ صَحَّ، وَلَزِمَهُ، وَصَارَ قَارِنًا، وَعَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ.
ب - إِرْدَافُ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ بَعْدَ أَنْ طَافَ وَصَلَّى رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ قَبْل السَّعْيِ مَكْرُوهٌ، وَلَا يَصِحُّ، وَلَا يَكُونُ قَارِنًا. وَكَذَلِكَ الإِْرْدَافُ فِي السَّعْيِ، إِنْ سَعَى بَعْضَ السَّعْيِ وَأَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ. فَإِنْ فَعَل فَلْيَمْضِ عَلَى سَعْيِهِ، فَيَحِل، ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ الْحَجَّ، سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ أَهْل مَكَّةَ أَمْ غَيْرِهَا. وَحَيْثُ إِنَّ الإِْرْدَافَ لَمْ يَصِحَّ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَقَبْل السَّعْيِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ فَلَا يَلْزَمُ قَضَاءُ الإِْحْرَامِ الَّذِي أَرْدَفَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ (4) .
(1) شرح الكنز لعينني 1 / 108
(2)
انظر مراجع المذاهب في الوجه السابق.
(3)
الشرح الكبير وحاشيته 2 / 28، 29، ومواهب الجليل 3 / 53، 55 وشرح الزرقاني وحاشية البناني 2 / 259، 260
(4)
مواهب الجيل 3 / 53
ج - إِرْدَافُ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ بَعْدَ السَّعْيِ لِلْعُمْرَةِ قَبْل الْحَلْقِ لَا يَجُوزُ الإِْقْدَامُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً؛ لأَِنَّهُ يَسْتَلْزِمُ تَأْخِيرَ الْحَلْقِ (1) . فَإِنْ أَقْدَمَ عَلَى إِرْدَافِ الإِْحْرَامِ فِي هَذَا الْحَال فَإِنَّ إِحْرَامَهُ صَحِيحٌ، وَهَذَا حَجٌّ مُسْتَأْنَفٌ. وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْحَلْقُ لِلْعُمْرَةِ، لَا خِلَالَهُ بِإِحْرَامِ الْحَجِّ، وَيَلْزَمُهُ هَدْيٌ لِتَأْخِيرِ حَلْقِ الْعُمْرَةِ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ إِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ، وَلَا يَكُونُ قَارِنًا وَلَا مُتَمَتِّعًا (2) ، إِنْ أَتَمَّ عُمْرَتَهُ قَبْل أَشْهُرِ الْحَجِّ، بَل يَكُونُ مُفْرِدًا. وَإِنْ فَعَل بَعْضَ رُكْنِهَا فِي وَقْتِ الْحَجِّ يَكُونُ مُتَمَتِّعًا.
وَلَوْ قَدَّمَ الْحَلْقَ بَعْدَ إِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ وَقَبْل فَرَاغِهِ مِنْ أَعْمَال الْحَجِّ فَلَا يُفِيدُهُ فِي سُقُوطِ الْهَدْيِ، وَلَا بُدَّ مِنَ الْهَدْيِ، وَعَلَيْهِ حِينَئِذٍ فِدْيَةٌ أَيْضًا. وَهِيَ فِدْيَةُ إِزَالَةِ الأَْذَى عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ (3) .
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ (4) وَالْحَنَابِلَةِ (5) أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إِدْخَال الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ بَعْدَ الطَّوَافِ، لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْعِلَّةِ فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ. وَبَعْدَ السَّعْيِ لَا يَصِحُّ، مِنْ بَابِ أَوْلَى.
إِلَاّ أَنَّ الْحَنَابِلَةَ اسْتَثْنَوْا مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَقَالُوا (6) : " يَصِحُّ إِدْخَال الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ مِمَّنْ مَعَهُ
(1) أو سقوطه على قول عند المالكية. انظر المرجع السابق 54، 55
(2)
لأن الإرداف لم يصح،بل صح الإحرام بالحج.
(3)
وهناك قول السقوط الهدي وانظر المناقشة حوله في مواهب الجليل 3 / 55
(4)
المهذب 7 / 163، ونهاية المحتاج 2 / 242، ومغني المحتاج 1 / 514
(5)
الكافي 1 / 533، 534، والمغني 3 / 484، وغاية المنتهى وشرحه مطالب أولي النهى 2 / 307، 308
(6)
وسياق الكلام من مطالب أولي الهي بتصرف يسير.