الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّةِ التَّحَلُّل:
32 -
الْمُحْصَرُ كَمَا قَال الْكَاسَانِيُّ مُحْتَاجٌ إِلَى التَّحَلُّل؛ لأَِنَّهُ مُنِعَ عَنِ الْمُضِيِّ فِي مُوجِبِ الإِْحْرَامِ، عَلَى وَجْهٍ لَا يُمْكِنُهُ الدَّفْعُ، فَلَوْ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّحَلُّل لَبَقِيَ مُحْرِمًا لَا يَحِل لَهُ مَا حَظَرَهُ الإِْحْرَامُ إِلَى أَنْ يَزُول الْمَانِعُ فَيَمْضِيَ فِي مُوجِبِ الإِْحْرَامِ، وَفِيهِ مِنَ الضَّرَرِ وَالْحَرَجِ مَا لَا يَخْفَى، فَمَسَّتِ الْحَاجَةُ إِلَى التَّحَلُّل وَالْخُرُوجِ مِنَ الإِْحْرَامِ، دَفْعًا لِلضَّرَرِ وَالْحَرَجِ.
وَسَوَاءٌ كَانَ الإِْحْصَارُ عَنِ الْحَجِّ، أَوْ عَنِ الْعُمْرَةِ، أَوْ عَنْهُمَا عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ (1) .
مَا يَتَحَلَّل بِهِ الْمُحْصَرُ
33 -
الإِْحْصَارُ بِحَسَبِ إِطْلَاقِ الإِْحْرَامِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ أَوْ تَقْيِيدِهِ بِالشَّرْطِ نَوْعَانِ:
النَّوْعُ الأَْوَّل: الإِْحْصَارُ فِي الإِْحْرَامِ الْمُطْلَقِ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَشْتَرِطْ فِيهِ الْمُحْرِمُ لِنَفْسِهِ حَقَّ التَّحَلُّل إِذَا طَرَأَ لَهُ مَانِعٌ. النَّوْعُ الثَّانِي: الإِْحْصَارُ فِي الإِْحْرَامِ الَّذِي اشْتَرَطَ فِيهِ الْمُحْرِمُ التَّحَلُّل.
التَّحَلُّل بِالإِْحْصَارِ فِي الإِْحْرَامِ الْمُطْلَقِ
34 -
يَنْقَسِمُ هَذَا الإِْحْصَارُ إِلَى قِسْمَيْنِ، حَسْبَمَا يُسْتَخْلَصُ مِنَ الْفِقْهِ الْحَنَفِيِّ:
الْقِسْمُ الأَْوَّل: الإِْحْصَارُ بِمَانِعٍ حَقِيقِيٍّ، أَوْ شَرْعِيٍّ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، لَا دَخْل لِحَقِّ الْعَبْدِ فِيهِ.
(1) بدائع الصنائع 2 / 177، فتح القدير 2 / 296، والمهذب نسخة المجموع 8 / 242، الكافي 1 / 625
الْقِسْمُ الثَّانِي: الإِْحْصَارُ بِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ لِحَقِّ الْعَبْدِ لَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى.
وَقَدْ وَجَدْتُ نَتِيجَةَ التَّقْسِيمِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ مُطَابِقَةً لِغَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ إِجْمَالاً، فِيمَا اتَّفَقُوا مَعَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى كَوْنِهِ إِحْصَارًا.
كَيْفِيَّةُ تَحَلُّل الْمُحْصَرِ
أَوَّلاً: نِيَّةُ التَّحَلُّل:
35 -
إِنَّ مَبْدَأَ نِيَّةِ التَّحَلُّل بِالْمَعْنَى الْوَاسِعِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ كَشَرْطٍ لِتَحَلُّل الْمُحْصَرِ مِنْ إِحْرَامِهِ، ثُمَّ وَقَعَ الْخِلَافُ فِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ:
أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ (1) وَالْحَنَابِلَةُ (2) فَقَدْ شَرَطُوا نِيَّةَ التَّحَلُّل عِنْدَ ذَبْحِ الْهَدْيِ، بِأَنْ يَنْوِيَ التَّحَلُّل بِذَبْحِهِ؛ لأَِنَّ الْهَدْيَ قَدْ يَكُونُ لِلتَّحَلُّل وَقَدْ يَكُونُ لِغَيْرِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَنْوِيَ لِيُمَيِّزَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ يَحْلِقَ؛ وَلأَِنَّ مَنْ أَتَى بِأَفْعَال النُّسُكِ فَقَدْ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ فَيَحِل مِنْهَا بِإِكْمَالِهَا، فَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى نِيَّةٍ، بِخِلَافِ الْمَحْصُورِ، فَإِنَّهُ يُرِيدُ الْخُرُوجَ مِنَ الْعِبَادَةِ قَبْل إِكْمَالِهَا، فَافْتَقَرَ إِلَى قَصْدِهِ.
كَذَلِكَ تُشْتَرَطُ نِيَّةُ التَّحَلُّل عِنْدَ الْحَلْقِ، بِنَاءً عَلَى الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْحَلْقَ نُسُكٌ، وَأَنَّهُ شَرْطٌ لِحُصُول التَّحَلُّل، كَمَا سَيَأْتِي (ف. . . .) وَذَلِكَ مِنَ الدَّلِيل عَلَى شَرْطِيَّةِ النِّيَّةِ عِنْدَ ذَبْحِ الْهَدْيِ.
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ (3) فَقَالُوا: نِيَّةُ التَّحَلُّل وَحْدَهَا هِيَ
(1) المهذب 8 / 243، والمجموع 8 / 247، وشرح المنهاج 2 / 148، وانظر مزيدا من التوجيه في حاشية عميرة الصفحة نفسها، وانظر نهاية المحتاج 2 / 476
(2)
المغني 3 / 361، والكافي 1 / 625 - 626
(3)
شرح الدردير وحاشية الدسوقي 2 / 93 - 94 ومواهب الجليل 3 / 198، وشرح الزرقاني 2 / 335